أكدت إسرائيل التزامها إطلاق سراح أسرى فلسطينيين، يقدّر أن يصل عددهم إلى العشرات، ضمن إطار عملية التبادل مع حزب الله، وحرصت على أن يبدو الأمر بادرة حسن نية تجاه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون
علي حيدر
بعث مسؤول ملف الأسرى والمفقودين الإسرائيلي، عوفر ديكل، رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، أشار فيها إلى أن عملية إطلاق سراح أسرى فلسطينيين ستجري وفق اعتبارات الحكومة الإسرائيلية وحدها، مشيراً إلى أن الدولة العبرية هي من سيقرر هوية وعدد الأسرى الفلسطينيين المنوي تحريرهم في إطار الصفقة.
خطوة ترافقت مع تسلّم أعضاء مجلس الأمن الدولي رسالة من الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، عبر الوسيط الألماني غيرهارد كونراد، حسبما كان مقرراً ضمن إطار عملية تبادل الأسرى. وفي الوقت الذي لم يحدَّد فيه حتى الآن العدد النهائي للأسرى الفلسطينيين الذين سيُطلَق سراحهم، ترجّح التقديرات الإسرائيلية أن يصلوا إلى بضعة عشرات.
وذكرت مصادر أمنية إسرائيلية إنه سيجري اختيار الأسرى الذين سيطلق سراحهم بموجب «اعتبارات إنسانية». وأوضحت أن «هناك فجوة هائلة بين الطلب الأولي الذي طلبه حزب الله، والمتمثل بإطلاق سراح آلاف الأسرى الفلسطينيين، وبين عدد الأسرى الذين سيطلق سراحهم في النهاية»، مشيرة إلى أن تحرير الأسرى سيُعرض كبادرة حسن نية تجاه بان كي مون، وليس كخطوة في إطار صفقة التبادل مع حزب الله.
وفي السياق، تلقّت ست عائلات إسرائيلية ثكلى، فقدت أبناءها الجنود خلال عدوان تموز على لبنان، أول من أمس، نبأ وجود تطابق بين الأشلاء التي نقلها حزب الله إلى إسرائيل ضمن إطار عملية التبادل عبر معبر الناقورة، وبين جثث أبنائها. واكتفت بعض هذه العائلات بإقامة حفل دفن خاص لأشلاء الجثث.
وكان معهد الطب الشرعي في ابوكبير، بالتعاون مع الحاخامية العسكرية، قد قام في الأيام الماضية بفحص الحمض النووي للأشلاء التي نقلها حزب الله مع جثتي ألداد ريغف وإيهود غولدفاسر، اللتين سلّمهما حزب الله لإسرائيل ضمن إطار عملية تبادل الأسرى. وبعد صدور النتائج، أخبر الضبّاط المسؤولون عن مصابي الجيش العائلات الست بتطابق النتائج.
يُشار إلى أنه قبل أكثر من شهر، نقل حزب الله للمرة الأولى أشلاء تابعة لجنود إسرائيليين قتلوا أثناء الحرب على لبنان، في مقابل إطلاق سراح الأسير نسيم نسر. وتبين في حينه أن الأشلاء تعود إلى خمسة جنود، أربعة منهم لجنود مروحية يسعور التي أسقطها حزب الله في الثالث عشر من شهر آب عام 2006. وعلّقت مصادر عسكرية على ما جرى بالقول إنه «حينها كما الآن، العمل على أشلاء الجثث كان صعباً وولّد شعوراً ليس سهلاً». ووصفت المصادر عملية تشخيص الأشلاء بأنها مهمة، لأنه من الواجب على إسرائيل تجاه القتلى وعائلاتهم «إحضار كل ما أمكن للدفن في إسرائيل».
في هذا الوقت، أظهرت دراسة أجرتها جامعة حيفا الإسرائيلية، أن عدداً من سكان المستوطنات الإسرائيلية الواقعة وسط إسرائيل، في منطقة لم تتعرض لصواريخ حزب الله خلال حرب تموز 2006، يعانون عوارض ما يسمى «اضطراب الإجهاد ما بعد الصدمة ـــــ PTSD». وتصل نسبة المصابين بهذه العوارض وسط سكان الوسط إلى نصف النسبة الموجودة في المناطق التي تعرضت لتساقط الصواريخ بشكل مباشر كمناطق الشمال.
وأوضح البروفسور ايلي زومر، الذي أشرف على إعداد الدراسة مع زملاء له في الجامعة، بالتعاون مع باحثين في علم النفس من جامعة بوسطن الاميركية، أنه «رغم أننا وجدنا أن مستويات اضطراب إجهاد ما بعد الصدمة كانت أعلى في كريات شمونا، فوجئنا بالمستويات المرتفعة للإجهاد بين السكّان الذين لم يتعرّضوا للصواريخ كلّيّاً»، مشيراً إلى أن «الدراسة التي فحصت 317 (مستوطناً) من سكّان كريات شمونا، التي تعرضت لـ520 صاروخاً، أظهرت أعراض ما بعد الصدمة لدى 38 في المئة منهم، بينما أظهرت الدراسة أن 12 في المئة من سكان كفار يونا في وسط إسرائيل، يعانون الأعراض نفسها».
وبحسب الدراسة، فإن المستوطنين الإسرائيليين الذي يعانون أعراض صدمة صواريخ حزب الله، «يعانون صعوبات واضطراباً في النوم، ورؤية كوابيس، ونبضاً سريعاً، ومحاولة تفادي الظروف التي تذكّرهم بالحوادث المأساوية، مثل مشاهدة الأخبار في وسائل الإعلام».