حسام كنفانيالسعادة غامرة في غزة. قادة «حماس» يتهامسون بشأن النصر المرتقب الذي يرون أنه بات قاب قوسين أو أدنى. عنوان النصر اسمه جلعاد شاليط. استثماراته السياسية لا تزال غير معروفة، وإن كانت الحركة تعوّل عليه لانطلاقة جديدة.
قبل أيام من صفقة تبادل الأسرى بين إسرائيل وحزب الله، خفت الحدث الفلسطيني. لم يعد للحوار الداخلي أو خروقات التهدئة أي أثر على صفحات الجرائد وفي تصريحات المسؤولين في حركة «حماس» والحكومة المقالة.
الأنظار اتجهت شمالاً، وتحديداً إلى الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة عند الناقورة. الترقّب كان سيّد الموقف الفلسطيني عموماً، و«الحمساوي» خصوصاً. كانت الحركة تترقب لترى المقابل للثمن الذي دفعته إسرائيل في الصفقة. المقابل لتحرير عميد الأسرى اللبنانيين سمير القنطار ورفاقه الأربعة اللبنانيين ورفات مئات الشهداء كان تابوتين للجنديين الأسيرين الداد ريغيف وإيهود غولدفاسر، إضافة إلى مجموعة أشلاء.
هذا لم يكن سوى الجزء الأوّل من الصفقة، التي تنص أيضاً على إطلاق عشرات الأسرى الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية، حتى وإن كان إيهود أولمرت يدّعي أن الإفراج المرتقب سيكون في إطار «حسن النوايا» تجاه الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
بعد إتمام صفقة التبادل، اختلف الحدث الفلسطيني. بقي الحوار الوطني والتهدئة غائبين، لكن شاليط حضر بقوة على ألسنة الجميع. لم يجهد قياديو الحركة الإسلامية لإخفاء حماستهم تجاه إمكان عقد صفقة مماثلة مع إسرائيل. بات الحديث عن الصفقة الشغل الشاغل للحركة، التي بدت كأنها تستدرج عروض وساطة بعد إخفاق الوسيط المصري في تحقيق نتائج مشرفة في ملف الجندي الأسير. مواقع مقربة من «حماس» أشارت إلى طلب الوسيط الدولي غيرهارد كونراد، ووزير الداخلية في الحكومة المقالة، سعيد صيام، يتحدث عن وساطة بريطانية، وتسريبات عن محاولة فرنسيّة لتولي الملف، ولا سيما أن شاليط يحمل الجنسية الفرنسية.
«حماس» تعوّل على الصفقة الإسرائيلية مع حزب الله لرفع سقف مطالبها. ومن الممكن القول إن ما كان مطروحاً قبل السادس عشر من تموز، تاريخ تنفيذ الصفقة اللبنانية، لم يعد صالحاً للاستخدام في الصفقة مع «حماس». الحركة ترى اليوم أن صفقتها يجب أن تكون أرفع مستوى، ولا سيما أن أسيرها لا يزال حياً، وهي قدمت إلى الآن أكثر من إشارة حياة إلى سلطات الاحتلال وأهل شاليط، لكنها إلى الآن لم تتلقّ أي بادرة إسرائيلية إيجابية.
وتعوّل «حماس» في هذه النقطة تحديداً على الإعلام الإسرائيلي، الذي يشنّ حملة انتقاد على «الثمن الباهظ» للصفقة مع حزب الله، التي لا شك تمهد لثمن أكبر في الحديث مع «حماس»، وهو ما بدأ مسؤولون إسرائيليون، حتى من المعارضة، التلميح إلى استعدادهم لقبوله. ولا شك في أن الحركة ترى أن هناك حاجة في الحكومة الإسرائيلية إلى التعويض عن مقتل أسيري حزب الله، بإخراج الأسير لدى «حماس» حيّاً.
«حماس» تبدو متعجلة في تحقيق صفقة تمثّل رافعة شعبيّة لها في الداخل الفلسطيني، بعد عام من الحكم المنفرد لقطاع غزة والحصار والانقسام. غير أن ما يفوت الحركة في هذه المرحلة، هو أن غزّة ليست لبنان، و«حماس» ليست «حزب الله»، من وجهة النظر الإسرائيلية. والتعاطي الإسرائيلي التفاوضي لا يقتصر على الأسرى، بل يستند إلى نظرية «درء التهديد»، وهي نقطة اختلاف جذري بين «حماس» وحزب الله.