«كتائب العودة» تتبنّى تفجير الشاطئ والسلطة تعدّه جزءاً من «تصفيات داخليّة»غزة ــ قيس صفدي
بدت غزة عقب التفجير الذي أودى بحياة طفلة وخمسة من قادة ومقاومي «كتائب عز الدين القسام»، الذراع العسكرية لحركة «حماس»، مساء الجمعة الماضية، كأنها تستعيد ذكريات الاقتتال الداخلي الأليمة، في ظل حملات الاعتقال الواسعة ودهم المؤسسات «الفتحاوية» من جانب أمن «حماس»، وتبادل الاتهامات والتهديد بتصعيد الإجراءات المضادة على الأرض في الضفة وغزة.
وأظهرت ممارسات «حماس» عقب «انفجار البحر» وسلسلة العبوات الناسفة، أنها تنظر بخشية كبيرة على الأمن الذي نجحت في فرضه منذ سيطرتها على غزة في 14 حزيران 2007، فراحت تضرب في كل مكان لاستعادة هيبتها الأمنية. إلا أنها فشلت في اقتحام حي الصبرة، المعقل الرئيس لتنظيم «جيش الإسلام»، بعد نحو 4 ساعات من الاشتباكات العنيفة، أصيب خلالها ستة مسلحين من الجانبين، بغية اعتقال «مطلوبين للعدالة».
مواقف حركة «فتح» المتضاربة من التفجير على شاطئ بحر غزة دعمت اتهامات غريمتها «حماس» لها بالمسؤولية عن العملية، وشجّعتها على المضي في حملات الاعتقال الواسعة التي طاولت نحو مئتي ناشط «فتحاوي»، ودهم نحو 122 مؤسسة وجمعية والسيطرة عليها، بينها مكاتب وكالة «وفا» الرسمية.
ولم تنسجم مواقف «فتح» ومؤسسة الرئاسة في رام الله بشأن مرد التفجير لـ«صراعات وتصفيات داخلية» في حركة «حماس»، مع إعلان «كتائب العودة»، أحد التشكيلات العسكرية التابعة لـ«فتح» مسؤوليتها عن استهداف عناصر الحركة الإسلامية على شاطئ البحر بواسطة عبوة ناسفة.
وقالت «كتائب العودة»، في بيان نفته حركة «فتح» لاحقاً، «نعتذر لكم عن سقوط ضحايا أبرياء ولكن نزف إليكم بشرى استهداف أبرز قادة القسام عمار مصبح، واستهداف نجل خليل الحية أبرز قيادات التيار الانقلابي وأن دوره سيأتي بعد حين».
كما تبنت «كتائب العودة» تفجير العبوة الناسفة ضد منزل النائب عن «حماس» مروان أبو راس، وقالت إن الانفجار كان «يستهدف المفتي العام لحركة الانقلابيين وميليشياتها الذي كان يصدر أوامر قتل أبناء حركة فتح بلا شفقة أو رحمة». غير أن فريق «فتح» والرئاسة نفى أي مسؤولية عن عملية التفجير، وعزا ذلك إلى «صراعات داخلية في حماس».
في المقابل، بدا القيادي في «حماس»، خليل الحية، الذي فقد ابن شقيقه في تفجير الشاطئ، جازماً بضلوع «فتح»، وهدد بتعليق «المجرمين على أعواد المشانق». وعلمت «الأخبار» من مصادر في «حماس» أن الترجيحات تشير إلى أن التفجير استهدف القيادي الميداني البارز في «كتائب القسام»، أسامة خليل الحية، بينما كان يهم بمغادرة المكان، ما أدى إلى إصابته ومقتل ابن عمه مع آخرين.
وكشفت مصادر مطلعة أن قوات الأمن المصرية الموجودة على الحدود الفاصلة بين مصر والقطاع اعتقلت ثلاثة شبان حاولوا اجتياز الحدود في ساعة متقدمة من مساء السبت (أول من أمس)، لم تتضح بعد هويتهم التنظيمية.
وذكرت المصادر نفسها، لصحيفة «فلسطين» المقربة من حركة «حماس»، أن الشبان من سكان حي الصبرة في غزة، رافضةً الإفصاح عن أسمائهم، إلى حين وصول معلومات مؤكدة من الأمن المصري. ووفقاً لهذه المصادر، فإن الفارين اعترفوا للأمن المصري بضلوعهم في عملية تفجير الشاطئ، وأنهم فروا خشية إقدام الحكومة في غزة على إعدامهم.
وفي السياق، قال مصدر أمني فلسطيني إن شرطة «حماس» ألقت القبض على شخصين آخرين حاولا الهرب عبر الحدود المصرية وأحالتهما للتحقيق. وأشار المصدر إلى أن «كتائب القسام» أغلقت جميع الأنفاق في مدينة رفح، التي تستخدم في عمليات تهريب البضائع من مصر إلى غزة، وفرضت عليها رقابة مشددة لمنع أي محاولة للهروب خارج القطاع.
وفي إطار التوتر الذي يخيم على غزة، سهر سكان حي الصبرة والأحياء المجاورة حتى ساعات الفجر، على أصوات الانفجارات والرصاص الناجمة عن الاشتباكات العنيفة بين مسلحين من تنظيم جيش الإسلام وعناصر من الأجهزة الأمنية التابعة لـ«حماس».