بغداد ــ زيد الزبيديلا يلوح في الأفق إمكان التوصل قريباً إلى حلّ توافقي بشأن قضية الانتخابات المحلية في محافظة كركوك، بعدما أعلن كل من رئيس الجمهورية جلال الطالباني ونائبه عادل عبد المهدي نقض القانون الذي أقره البرلمان، والدعوة إلى إعادة التصويت على الفقرات المختلف حولها. ولكي يكتمل الفشل، جاءت ولادة اللجنة التي ألّفت لحل الخلاف مشلولة، بسبب رفض تام من جانب بعض الكتل السياسية لإعادة النظر في القانون.
وكشف النائب عن «الاتحاد الإسلامي الكردستاني»، سامي الاتروشي، أن اللجنتين الخاصتين اللتين تنظران في قرار نقض قانون الانتخابات، «تضمّان عدداً كبيراً من النواب، ما يصعّب الوصول إلى حلول توافقية، لكثرة الآراء وتباينها، وضيق الوقت الباقي للفصل التشريعي الحالي»، قبل الدخول في العطلة الصيفية.
وقال الأتروشي، في تصريح صحافي، إنّه كان من المفترض تأليف اللجنة من قادة الكتل الممثلة للمكوّنات الأساسية في كركوك حصراً، «لأنّ قضية كركوك سياسية أكثر من كونها قانونية».
بدوره، رأى النائب خلف العليان، وهو أحد قادة «جبهة التوافق العراقية»، أنّ إحالة قانون الانتخابات على لجنة مشتركة، عملية «تسويف ومماطلة وتهدئة للخواطر» فحسب.
ورأى أن «تأليف اللجنة لم يكن حلاً بل كان إرضاءً لبعض الأطراف السياسية على حساب قضية كبيرة لا يمكن التنازل عنها».
ودعا العليان مجلس النواب إلى محاسبة نائبي رئيسه، عارف طيفور وخالد العطية، «لأنهما لم يتّبعا النظام الداخلي لمجلس النواب»، وتصرفا وفقاً لمصالحهما الحزبية لا بصفتهما الرسمية، بمحاولتهما منع التصويت والانسحاب من الجلسة.
وكان العليان قد طالب في تصريحات سابقة باستقالة الطالباني لنقضه القانون، مشيراً إلى وجود «خلفيات عنصرية» وراء قراره. وكان قرار طالباني قد سبّب الكثير من الاستياء لدى الكتل العربية، بحيث إنّ مطالبته بضرورة حصول توافق لإقرار القانون، تتناقض مع تصرفات سابقة له أيّد فيها إقرار قوانين كانت محلّ جدل عنيف في المجلس النيابي، كقانون الأقاليم الفدرالية.
وفيما وصف رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البرزاني، الأسلوب الذي تمّ فيه تمرير القانون المذكور بـ«الأمر الخطير»، شدّد النائب عن «التجمع العربي للحوار الوطني»، عمر الجبوري، وهو عضو اللجنة القانونية في مجلس النواب، على أنّ المادة 24 المتعلّقة بكركوك «غير قابلة للنقض من الناحية القانونية والإجرائية، وهي قائمة حكماً»، رافضاً طرح التصويت عليها مجدداً.
وأوضح مصدر في مكتب البرزاني أنّه بحث قانون الانتخابات مع السفير الأميركي لدى بغداد، ريان كروكر، مشيراً إلى أن رئيس إقليم كردستان «أعرب عن قلقه وقلق شعب الإقليم من الموقف الذي اتخذته أطراف عديدة في مجلس النواب بشأن التصويت على القانون».
غير أنّ النائب الجبوري أكّد أنّ «نقض هذه المادة حصل لدوافع سياسية لا قانونية، والدوافع كانت مبنية على اللوم والعتب، وهي لا تدخل في عملية النقض القانوني، الذي لا يبنى على مثل هذه الأسباب». وأضاف إنّ الدستور العراقي «ألزم مجلس الرئاسة عند إعادة القوانين إلى مجلس النواب أن يحدد الخيارات المطلوب نقضها أو تعديلها، فيما لم يرد في جميع الكلام عن إعادة قانون انتخابات مجالس المحافظات أي شيء عن الخيارات المطلوب تعديلها».
وعن موقف «الائتلاف العراقي الموحّد»، الذي أعلن على لسان النائب خالد العطية رفضه للطريقة التي تم فيها التصويت على القانون، رأى المكتب الإعلامي للعطية، في بيان له، أن «ما حدث في اللحظات الأخيرة لإقرار هذا القانون ما هو إلا محاولة للتمهيد لإحداث شرخ بين مكونات الشعب وعرقلة هذا القانون، ومن ثم تعطيل إجراء الانتخابات وحرمان أبناء الشعب ممارسة حقهم الدستوري في اختيار أعضاء مجالسهم المحلية».
واستغرب البيان المضي في «تمرير القانون والتفرد بالقرار في تشريع قوانين مصيرية تخص جميع مكونات الشعب العراقي، رغم العلم الذي لا يقبل الشك بأنها ستواجه النقض من جانب مجلس الرئاسة». وحذّر من «أن الوقوع في مطب النقض سيدخلنا في معوقات جديدة» قد تؤدّي إلى تأجيل الانتخابات إلى العام المقبل.
وفيما تظهر الأحداث التي رافقت عملية التصويت على القانون، أن الكتل النيابية الكبرى تفككت من الداخل وفقدت السيطرة على أعضائها في ظلّ اقتراب الانتخابات المحليّة المتوقع أن تفرز واقعاً سياسياً جديداً، يلفت مراقبون إلى أنّه لم يبقَ من خيار في الوقت الحالي، سوى لتعديل طفيف على القانون، إذا ما أرادت الكتل الحاكمة التقيّد بالجدول الأميركي لإقرار القوانين، وإلا فإن تأجيل الانتخابات يصبح في حكم المؤكّد. وبعيداً عن الضغط الأميركي، فإنّ الكلمة الفصل في معركة قانون كركوك بين العرب والأكراد، ستعود إلى الجهة التي ستصبر أكثر وهي التي ستربح على من سيصرخ أوّلاً.