لبنان يخسر سنوياً 729 مليون دولارتظهر دراسة للبنك الدولي أن متوسط الأضرار البيئية الناتجة من يوم واحد من الاعتداءات الإسرائيلية خلال حرب تموز في عام 2006 بلغت حوالى 21،5 مليون دولار بالمقارنة مع 1،7 مليون في اليوم الواحد في زمن السلم. أما الكلفة الإجمالية للتدهور فهي بين 527 مليون دولار و931 مليوناً!
تلوّث في الهواء، كسارات، نفط يعكر زبد البحر... إشارات التدهور البيئي تتزايد، وكلفة هذه الأزمة ترتّب مئات ملايين الدولارات على الحاضر والمستقبل. فقد قدّرت دراسة أعدّتها وزارة البيئة في عام 2004 التكاليف السنوية لتدهور البيئة في عام 2000 بحوالى 565 مليون دولار، أي 3.4 في المئة من إجمالي الناتج المحلي (المقدّر لعام 2006 بـ20.5 مليار دولار)، فيما ارتفعت هذه الكلفة بعد العدوان الإسرائيلي على لبنان في عام 2006 إلى ما بين 527 مليون دولار حداً أدنى و931 مليون دولار حداً أقصى، بمتوسط قدره 729 مليون دولار، أي ما يمثّل حوالى 3.6 في المئة من إجمالي الناتج المحلي في عام 2006، وذلك بحسب دراسة «التقييم الاقتصادي عن التدهور البيئي في لبنان بسبب اعتداءات تموز 2006» التي أعلنت تفاصيلها في النشرة الفصلية للبنك الدولي عن الفصل الأول والثاني من عام 2008.
بين السلم والحرب
وتظهر الدراسة أن متوسط الأضرار البيئية الناتجة من يوم واحد من الاعتداءات يبلغ حوالى 21.5 مليون دولار بالمقارنة مع 1.7 مليون في اليوم الواحد في زمن السلم، وبالتالي فإن الأضرار الناجمة عن الاعتداءات التي دامت 34 يوماً كان وقعها أكبر على البيئة من التدهور الذي شهدته بيئة لبنان على مدة سنة سلام واحدة!
وتعدّ هذه الدراسة الأولى التي تُجرى لتقويم الأضرار نقدياً وكمّياً في مرحلة ما بعد النزاع، وتُعدّ أيضاً مرجعاً دولياً، بحيث ذكرها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في تقرير عرضه على الجمعية العامة في اجتماعها الثاني والستين، وصيغت الدراسة لاعتبارها معياراً لتحديد أولويات أنشطة إعادة التأهيل والحماية، إضافة إلى التوعية
بشأن تأثيرات الحرب.

النفايات أولاً

تشير الدراسة إلى أن «للنزاع» وقعاًً مدمّراً على بيئة البلاد المتدهورة أصلاً. فقد ُقدّّرت كلفة التدهور وفق تقويم الخسائر الحالية والمستقبلية من جرّاء اعتداءات تموز، فكانت النتيجة أن أكبر وقع مقدّر للاعتداءات هو على قطاع النفايات خصوصاً، بسبب التكاليف المرتفعة للتخلص من الردم والأنقاض، وبسبب الضحايا والخسائر في الإنتاج الزراعي الناتجة من الذخائر غير المنفجرة في جنوب لبنان، وتراوح كلفة معالجة التلوّث الناتج من النفايات بين 207 ملايين دولار و373 مليوناً، ما يمثّل حوالى 1.4 في المئة من الناتج المحلي. ويأتي التسرّب النفطي في المرتبة الثانية من حيث الأهمية، بكلفة تراوح بين 166 مليون دولار و240 مليوناً، وذلك بسبب التكاليف العالية لتنظيف النفايات النفطية، وكلفة النفط المحروق والمتسرّب، وخسائر الدخل التي تولدها الخدمات الساحلية (مثلاً المنتجعات البحرية). أما الواقع الثالث فهو على المياه، إذ ارتفعت أساساً التكاليف الإضافية للحصول على المياه وتصليح بنى المياه التحتية المتضررة في جنوب لبنان، ووصلت كلفة معالجة هذا البند إلى 131 مليون دولار، أي 0،6 في المئة من الناتج المحلّي. كما يُعدّ تأثير الكسارات كبيراً في ما يتعلق بالتلوّث الحاصل، وتقدّر كلفة معالجة نتائجه بـ15.4 مليون دولار حداً أدنى و175 مليون دولار حداً أقصى، ولا سيما فيما يتعلق بالأضرار التي لحقت بالمناظر الطبيعية بسبب عدم إعادة تأهيل الكسارات عند الانتهاء من الحفر. فيما وقع التأثيرات على الغابات هو الأقل أهمية، وتبلغ كلفة معالجة نتائج التلوث على الغابات بين 7 ملايين دولار و11 مليوناً.
صحيح أن تدهور نوعية الهواء (بسبب احتراق خزانات الفيول في الجية وفي مطار بيروت الدولي والغبار الناجم عن الدمار)، أثّر لا محالة على صحة المواطنين في بعض الأحياء، لكن لم يُربط التعرض القصير الأمد لمستوى التلوّث المرتفع بالتأثيرات على الصحة، وبالتالي لم يحدّد هذا الوقع في دراسة البنك الدولي.
وتشير الدراسة إلى أنه يمكن تحسين فهم الأهمية للأضرار البيئية من خلال مقارنة تأثيرات الاعتداءات في القطاعات المختلفة. إذ تمثّل الأضرار التي تلحق بالبيئة (بمتوسط 729 مليون دولار في هذه الدراسة) نسبة إضافية قدرها 20% من القيمة الناتجة من تقويمات سابقة للأضرار. وذلك يسلّط الضوء على أهمية الأضرار التي لحقت بالبيئة جرّاء الاعتداءات، من جهة، وعلى الحاجة إلى تخصيص أموال طائلة لحماية البيئة في لبنان، من جهة أخرى. فقد ولّدت الاعتداءات قضايا بيئية جديدة وطويلة الأمد (على غرار إدارة النفايات وعمل الكسارات).
وفي ظل دمار بنسبة 40% حسب التقديرات، يحتاج لبنان إلى متابعة جهوده لتنظيف آثار الدمار والنفايات العسكرية. إلى ذلك، يحتاج إلى حل مسألة إدارة النفايات الطويلة الأمد من خلال:
1ــــ الاتفاق على توزيع الأراضي لطمر النفايات في مختلف المحافظات.
2ــــ تفعيل قانون إدارة النفايات المتكاملة وتطبيق الاستراتيجية الوطنية لإدارة النفايات الصلبة بطريقة تنافسية وفعالة من حيث الكلفة.
3ــــ توفير الحوافز للبلديات لمعالجة نفاياتها (الحوافز المالية، على غرار تمويل الكربون الذي من شأنه الحد من العبء المالي المفروض على قطاع النفايات).
كذلك بُذلت جهود كبيرة لتنظيف التسرّب النفطي، لكن، نظراً إلى كلفة الأضرار (حوالى 24% من كلفة الأضرار الإجمالية)، هناك حاجة إلى تكثيف جهود جميع الأموال لمتابعة عملية التنظيف، كما أنه لا بدّ من حل مسألة النفايات الصلبة التي تُعدّ مهمة أيضاً.
وفي هذا السياق، أعيد تأهيل الخزانات وشبكة المياه في جنوب لبنان إلى حد بعيد، ولا بد من متابعة هذه الجهود من أجل توفير المياه إلى كل المجتمعات التي تعاني نقصاً في المياه. كما من شأن عملية إعادة الإعمار فرض المزيد من الضغوط على عمل الكسارات.
في الواقع، تقول الدراسة، يحتاج لبنان إلى حل هذه المسألة القائمة منذ زمن، من خلال إنفاذ المراسيم التي أُصدرت أخيراً بشأن إنشاء الكسارات وتشغيلها.
ولا بد من تعزيز إعادة تأهيل الكسارات عند الانتهاء من عمليات الحفر لتفادي الأضرار الجسمية التي قد تلحق بالبيئة وبالمناظر البيئية الجميلة، كما كانت الحال في السابق.
(الاخبار)


1٫1 في المئة

هي كلفة تدهور البيئة بسبب تلوث الهواء نسبة إلى الناتج، و1 % بسبب تدهور المياه و 0.6 % بسبب تدهور نوعية الأرض


1٫7 مليون دولار

هو متوسط كلفة الأضرار البيئية في لبنان في اليوم الواحد العادي، و21.5 مليوناً في اليوم في ظروف الحرب


تحليل التأثيرات الأساسية