القاهرة ـ الأخبار«لا يوجد بنزين». انتشرت اللافتة في محطات الوقود، وخاصة في المحافظات البعيدة عن القاهرة. وامتدّت الأزمة في الأيام الأخيرة لتسبّب ارتفاع سعر «البنزين ٨٠» و«بنزين ٩٠»، الذي يستخدم على نطاق واسع رغم ارتفاع سعره منذ ٤ أشهر فقط. لكن «بنزين ٩٢» لا يزال بعيداً عن حالة الاختفاء المفاجئة التي أصابت الـ٨٠ الذي لم تمسّه قرارات الحكومة برفع الاسعار على اعتبار أنه «بنزين الفقراء» (سعر الليتر منه جنيه واحد أي أقلّ من ٢٠ سنتاً)، لكن سرعان ما رفعت المحطات لافتات كبيرة تعلن عدم توافره، تحضيراً لتطبيق سيناريو الاحتكار.
ورغم أنّ مشهد طوابير السيارات أمام المحطّات لم يعد غريباً على المصريين، غير أنّ الزحمة على «بنزين ٨٠» مختلفة، فهي أطول من غيرها وتمثّل فقراء البلاد، بما أن السيارات التي تؤلّف صفوفه معظمها للأجرة وطرازها قديم.
الاحتقان يتصاعد ومرشّح للانفجار، بينما تكتفي الحكومة بالردّ على شائعة رفع أسعار «بنزين الفقراء» أو الإعلان عن توقف إنتاجه. ومن ناحية أخرى، لم تعلّق الحكومة على انتقال الأزمة الى الأنواع الأغلى من الوقود، وهو ما يهدّد باندلاع أزمة كبيرة لم تشهدها مصر منذ سنوات.
شرارات الانفجار بدأت بالظهور. فقد شهدت طوابير الانتظار أمام المحطّات، معارك بالسيوف والأسلحة البيضاء، كما نشأت «سوق سوداء» لاستغلال الأزمة.
ويتزامن شبح الأزمة مع قرب بداية تنفيذ قانون المرور الجديد الذي يشدّد العقوبات على مخالفات السير. ويرى الخبراء أنّ بعض العقوبات الجديدة ضرورية لضبط الفوضى المرورية في الشوارع المصرية، لكنهم يلفتون إلى عقوبات «متعسّفة» يلحظها القانون وخصوصاً أنها تنصّ على السجن. ومن بين هذه المواد «التعسفية»، تلك التي تعاقب على عدم وجود مثلّثات إشارات ضوئية في السيارة، أو وضع السائق يده على كتف زوجته، وهي العقوبة التي «قد تحبس المئات يوميّاً» كما يسخر سائق تاكسي ينتظر في طابور «بنزين الفقراء».
السائق نفسه يشتكي من أنّ سيارته مضى على صناعتها أكثر من ٢٠ عاماً، ويحظر القانون الجديد استعمالها. بكلام أوضح، يلاحظ السائق أنّ «الحكومة منعت البنزين الذي نستخدمه وستلغي السيارات التي نركبها».
ويُذكَر أنّ القانون الجديد يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على 6 أشهر و(أو) بغرامة لا تقل عن 300 جنيه ولا تزيد على 1500 جنيه، كلّ سائق مركبة أجرة مرخصة بالعدّاد أو بدونه، «يمتنع بغير مبرّر عن نقل الركاب أو تشغيل العداد أو طلب أجراً يتجاوز الرسم المقرَّر قانونياً أو ينقل عدداً من الركاب يزيد على الحدّ الاقصى المسموح أو يقوم بنقل الركاب من غير مواقف الانتظار المخصّصة»، وجميعها عقوبات موجودة «للاستخدام ضدّ من تريد الحكومة عقابه».