القاهرة | لم يمرّ يوم واحد على تجديد الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، وعده بالإفراج عن أول دفعة من الشباب المحبوسين «ظلماً» (في إشارة إلى المسجونين على ذمة قضايا الحريات وقضايا ذات طابع سياسي)، حتى أصدرت محكمة جنايات القاهرة، يوم أمس، حكماً قاسياً على عدد من ناشطي الأحزاب المدنية بالسجن المشدد، لمدد تراوح بين ثلاث سنوات و15 عاماً. القضية نفسها حكم فيها على الناشط السياسي، علاء عبد الفتاح، بالسجن خمس سنوات مع تغريمه 100 ألف جنيه (نحو 13 ألف دولار)، وهو الحكم الذي ناله أيضاً أحمد عبد الرحمن، فيما صدقت المحكمة على حكم السجن المشدد لـ15 عاماً على ثلاثة متهمين بالإضافة إلى ثلاث سنوات «سجن مشدد» لعشرين شاباً آخرين جميعهم من الشباب، مع وضع كل المتهمين تحت الرقابة لمدة مماثلة للأحكام الصادرة بحقهم.
تعود وقائع القضية إلى تظاهر الشباب أمام مجلس الشورى في تشرين الثاني 2013 للاعتراض على القانون الصادر من رئيس الجمهورية السابق، المستشار عدلي منصور، بحظر التظاهر إلا بموافقة الجهات الأمنية، علماً بأن محكمة أول درجة أصدرت أحكاماً مشددة بحق الناشطين الذين ألقي القبض خلال مصادمات مع الشرطة التي فضّت التظاهرة بالقوة.
ورغم أن أحمد عبد الرحمن ليس لديه انتماء سياسي ولم يشارك في التظاهرة، فإنه تدخل لوقف اعتداء رجال الشرطة الذين كانوا يرتدون الزي المدني على الفتيات. لكن المحكمة عاقبته بالسجن المشدد بدعوى حمله سلاحاً أبيض «ساطور»، فيما يؤكد الشاب أنه كان يحمل سكيناً صغيرة فقط، ما زاد في تعقيد القضية. وعبد الرحمن كان يعمل حارس أمن في منطقة قريبة من مجلس الشورى حيث مكان التظاهرة تلك.
وقانونياً، توصف المدة التي سيوضع فيها الشباب بعد قضاء أحكامهم بمنزلة «نصف سجن»، إذ يتطلب من المحكوم عليهم بالمراقبة الشرطية التردد على الشرطة يومياً اعتباراً من السادسة مساءً حتى الخامسة صباحاً.
عضو هيئة الدفاع عن المتهمين، المحامي محمد عبد العزيز، أكد لـ«الأخبار» اعتزامهم التقدم بنقض للحكم أمام محكمة النقض، وهي أعلى جهة قضائية، فور إيداع حيثيات الحكم، مشيراً إلى أن الحكم قاسٍ للغاية، إضافة إلى أن المحكمة لم تستجب للدفوع القانونية التي قدمها المحامون خلال جلسات المحكمة.
ووفقاً لقانون الإجراءات الجنائية، فإن طعن المتهمين أمام «النقض» في حال قبوله يعني محاكمتهم أمام دائرة جنايات أخرى بناءً على صدور الحكم الأول عليهم جميعاً غيابياً، علماً بأن من حق الرئيس إصدار العفو في أي مرحلة من مراحل التقاضي. ووفق مصادر سياسية تحدثت لـ«الأخبار»، فإن السيسي لم يقصد في كلمته هؤلاء الشباب خاصة، فضلاً عن أن صدور الحكم كان أمراً معلناً منذ مدة، وهو ما ينفي طبقاً لتلك المصادر «علم الرئيس بالأحكام القضائية التي يجري إصدارها مسبقاً».
رغم ذلك، لا تستبعد المصادر نفسها أن يتضمن العفو أسماء الناشطين المذكورين خلال الأيام المقبلة، وخاصة أن الأسماء النهائية لم ينته وضعها، كاشفة أن القائمة الأولية ضمت أكثر من 150 اسماً تجري مراجعتها لدى وزارة الداخلية، وذكرت أن الرئيس يمكن أن يزيد الأسماء التي يراها مناسبة وفقاً لحقه الدستوري.
إلى ذلك، حصر رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، حافظ أبو سعدة، في حديث مع «الأخبار»، فرص خروج الشباب من السجن بالعفو الرئاسي، لكنه وصف الأحكام أيضاً بـ«القاسية».