تتسارع وتيرة التطورات والتحضيرات العسكرية في العراق ومحيطه قبل عملية برية باتت مرتقبة لاستعادة مدينة الموصل في شمال البلاد بإشراف أميركي واضح، في ظل طرح تساؤلات عدة عن المغزى من نشر أدوات عسكرية ضخمة إلى هذا الحد. وترتبط التساؤلات أيضاً باحتمال توسع أدوار دول مشاركة في «التحالف الدولي»، مثل فرنسا، لتطاول الأراضي السورية.وفي السياق، أشركت فرنسا، أمس، حاملة طائراتها «شارل ديغول» في عمليات «التحالف الدولي» ضد تنظيم «داعش» في العراق، فيما وعدت الولايات المتحدة على لسان وزير دفاعها الجديد، اشتون كارتر، الذي زار الكويت، بإلحاق «هزيمة نهائية» بالتظيم.

وزار وزير الدفاع الفرنسي، جان إيف لودريان، حاملة الطائرات لمناسبة إطلاق طلعات الاستطلاع والقصف منها في إطار عملية «شمال» الفرنسية في العراق. وأكد لودريان من على متن حاملة الطائرات تصميم باريس على محاربة التنظيم في العراق، وذلك في إطار «التحالف الدولي» الذي تقوده الولايات المتحدة. وقال إنّ «هذا التهديد المتمثل بالإرهاب يريد أن يلحق الأذى بمواطنينا ومصالحنا وقيمنا. ورداً على ذلك، فإن فرنسا ستبدي حزماً مطلقاً». وأضاف: «نقول لحلفائنا: نحن هنا بقوة ومع الكثير من الإرادة».
وانطلقت مقاتلات «رافال» الفرنسية صباح أمس، من حاملة الطائرات التي كانت تبحر على بعد مئتي كيلومتر شمال البحرين، باتجاه العراق، ولحقتها في وقت لاحق طائرات من طراز «سوبر ايتاندار» المحدثة. ووصلت المقاتلات إلى هدفها في غضون ساعة ونصف ساعة من الطيران، وهو نصف الوقت الذي تتطلبه الرحلة من قاعدة الظفرة الإماراتية التي يستخدمها سلاح الجو الفرنسي.
وغادرت حاملة الطائرات «شارل ديغول» في 13 كانون الثاني ميناء تولون في جنوب فرنسا في مهمة تستغرق خمسة أشهر تقريباً، وستمضي عدة أسابيع في الخليج إلى جانب حاملة الطائرات الأميركية «يو اس اس كارل فينسون» في إطار «التحالف الدولي» ضد «داعش»، بحسب مصدر عسكري.
وتحمل «شارل ديغول» 12 مقاتلة «رافال» وتسع مقاتلات من نوع «سوبر ايتاندار» المحدثة، ما يرفع كثيراً قدرة التدخل الفرنسية في المنطقة بعدما كانت ترتكز على تسع مقاتلات «رافال» نُشرت في الإمارات وست طائرات «ميراج 2000» في الأردن.
ومنذ منتصف أيلول 2014، أجرى الطيران الفرنسي نحو مئتي مهمة استطلاع وعدداً مماثلاً من الضربات في العراق، بحسب مصادر قريبة من محيط وزير الدفاع الفرنسي. وتعد فرنسا إلى جانب أوستراليا، دولة رئيسية في العمليات العسكرية ضد «داعش» ضمن «التحالف» الذي شنّ منذ آب 2014 أكثر من ألفي ضربة في العراق وسوريا.
وترافق حاملة الطائرات «شارل ديغول» التي تعد قاعدة عسكرية عائمة بكل معنى الكلمة، غواصة هجومية نووية وفرقاطة دفاعية مضادة للطائرات وسفينة أخرى مضادة للغواصات، فضلاً عن سفينة للتزويد بالنفط. وتحمل هذه المجموعة من السفن 2700 رجل بينهم ألفا رجل على حاملة الطائرات وحدها. ويشارك 3500 عسكري في عملية «شمال»، وهو عدد مماثل للجنود الفرنسيين الذين يشاركون في العملية الفرنسية ضد «المتطرفين» في أفريقيا.
وأتى إطلاق إشراك حاملة الطائرات الفرنسية في الحرب على «داعش» بالتزامن مع تأكيد واشنطن عزمها على إلحاق «هزيمة نهائية» بالتنظيم.
وقال وزير الدفاع الأميركي الجديد، آشتون كارتر، من الكويت حيث ترأس اجتماعاً مع مسؤولين عسكريين وديبلوماسيين حول مستجدات الحرب على المتطرفين، إن «التحالف» الذي تقوده الولايات المتحدة «يدفع (تنظيم الدولة الإسلامية) بفاعلية بعيداً عن الكويت وعن أماكن أخرى». وأضاف: «لا يكن لديكم شك أبداً في أننا سنلحق بهم هزيمة نهائية».
وقال كارتر إنه يأمل أن تسهم المناقشات المرتجلة في معظمها ــ والتي استمرت نحو ست ساعات ــ في تقويم الحرب التي ورثها بعد أن أدى القسم يوم الثلاثاء (17 شباط) كرابع وزير دفاع في إدارة الرئيس باراك أوباما.
وجاء اجتماع كارتر الذي عقد في معسكر للجيش الأميركي في الكويت على خلفية نقاش محتدم داخل الولايات المتحدة بشأن الاستراتيجية الأميركية التي يقول الجمهوريون منتقدو أوباما إنها محدودة جداً عسكرياً لدرجة لا يمكن النجاح معها.
كذلك فإنها تجيء في وقت يتزايد فيه القلق بشأن تمدد تنظيم «داعش» وظهور ليبيا ساحةَ معركة للمتشددين الموالين لها.
ومن بين الحضور في الاجتماع، كان الجنرال لويد اوستن، وهو قائد القوات الأميركية في الشرق الأوسط والجنرال المتقاعد، جون آلن، وهو منسق «التحالف الدولي»، وسفراء الولايات المتحدة، إلى دول بينها السعودية والأردن.
وأكد مسؤول رفيع في وزارة الدفاع يسافر مع كارتر، طلب عدم نشر اسمه أن الاجتماع كان أداة تعليمية وليس مؤشراً على قلق كارتر بشأن الاستراتيجية أو تمهيداً لإصلاح. وتُقصر الولايات المتحدة حالياً دور القوات البرية في العراق، بحسب ما تعلنه، على تقديم المشورة وتدريب القوات المحلية مُركزة النيران الأميركية على الحملة الجوية التي ينفذها «التحالف».
ورداً على سؤال عمّا إذا كان سيوصي بإرسال قوات أميركية قرب المعارك وربما لرصد الضربات الجوية أثناء الهجوم المرتقب لاستعادة مدينة الموصل، قال كارتر: «مثل أي أداة نستخدمها لإتمام إلحاق الهزيمة بالدولة الاسلامية، أرى أننا نحتاج إلى الاقتناع بأن أي استخدام لقواتنا ضرورة ــ وسيكون كافياً ــ نعتقد أنها ليست مجرد أول خطوة لكنها ثاني خطوة وثالث خطوة. لذا هذه هي الأمور في ما يتعلق بهذا السؤال وكل سؤال يطرح عليّ كوزير للدفاع بشأن استخدام القوة أريد أن أتأكد أننا فكرنا في كل شيء».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)




تيري: هجوم لاستعادة ناحية البغدادي

أعلن قائد «التحالف الدولي» ضد «داعش»، الجنرال جيمس تيري، أمس، أن نحو 800 جندي عراقي يشنون هجوماً لاستعادة بلدة البغدادي في محافظة الأنبار، والمجاورة لقاعدة جوية ينتشر فيها عسكريون أميركيون. وقال: «أنا شبه متأكد أن العراقيين سيستعيدون» البغدادي.
وأوضح خلال اجتماع الكويت أن العملية التي سميت «ثأر الاسد» يشارك فيها «أكثر من 800» جندي عراقي «مدعومين بعشائر».
وسيطر مقاتلو الدولة الإسلامية قبل عشرة أيام على بلدة البغدادي في غرب بغداد والقريبة من قاعدة الأسد الجوية التي ينتشر فيها 300 مستشار عسكري أميركي مكلفين تدريب القوات العراقية.
وأكد الجنرال تيري، ومقره الكويت، أنه جرى «كبح» تقدم المقاتلين في أنحاء العراق وما عادوا يشنون «هجمات مضادة واسعة النطاق» كما كان الأمر سابقاً. وأشاد بجهود الجيش العراقي الذي «تتطور قدرته».
ولفت إلى أن «التحالف» شنّ في الأيام الأخيرة عشر ضربات جوية «محددة الهدف» لدعم الجهود العراقية على الأرض. وأوضح أيضاً أنه في شمال العراق، تمكنت القوات الكردية من إحباط محاولة للتنظيم للسيطرة على مدينة كيشكي الاستراتيجية الواقعة على الطريق التي تربط بين الموصل وشمال شرق سوريا. وتحدث عن مقتل 127 «جهادياً» في المعارك. وخلص تيري قائلاً: «هذا يعني أن التواصل بات صعباً بالنسبة إليهم. عليهم سلوك طرق فرعية».
(أ ف ب)