نشرت صحيفة «نياسا تايمز» المالاوية تقريراً كشفت فيه عن شبكة اتجار بالبشر تعمل على بيع المالاويات في الكويت وإرغامهن على العمل في ظروف سيئة تصل إلى حد «الاستعباد»، أو إجبارهن على الانخراط في مجال الدعارة، مشيرةً إلى وجود سوق رائجة للاتجار بالبشر هناك. ووفق التقرير، الصادر مطلع الأسبوع، يرأس الشبكة كونغولي يساعده طبيب بوروندي واثنان من المالاويين، ويعملون على استغلال فقر النساء والفتيات وإقناعهن بالسفر إلى الكويت للعمل مقابل راتب مغرٍ، لكنهن يكتشفن عند وصولهن أنهنّ وقعن ضحايا ما بات يوصف بـ «الاسترقاق المعاصر». من ثمّ يجبرن على العمل في ظروف تنتهك أبسط حقوق الإنسان، أو يُصار إلى احتجازهن واستخدامهن في مجال الدعارة والاستعباد الجنسي.
ومن ضمن العصابة المالوية، فلورا جوندوي، إحدى العاملات في مكتب وزارة الإعلام في ليلونغوي، التي كُشفت بعدما اتصلت بها مراسلة في صحيفة «تايمز» تظاهرت بأنها أحد الزبائن. واعترفت جوندوي بأن لدى الشبكة طبيبا خاصا بإجراء الفحوص على المرشحات للسفر إلى الكويت، وفي مقدمها فحص الإيدز، وخلال «طريقها مع بعض الفتيات إلى الطبيب»، تبين أنه البوروندي أوغين كواسيري.
«الكويت تواجه انتقادات دولية بشأن استمرار الاتجار بالبشر»

وكانت جوندوي والشخص المالاوي الآخر، يتوليان مهمة نقل السجلات الطبية إلى زعيم الشبكة، ويدعى فاتيكي، الذي يتواصل بدوره مع الوكيل في الكويت، فيرسل الأخير تذاكر السفر إلى الفتيات بعد أن يدفعن 15,000 كواشا (نحو 22 دولاراً أميركياً) ثمنا للفحوص، ثم يسافرن عبر مطار كاموزو الدولي. عند وصولهن إلى الكويت، تصادر جوازات سفرهن، ويستلمهن الوكيل الكويتي، الذي يدفع ثمن الفتاة سبعة آلاف دولار، ثم يُؤخذن إلى مكان الإقامة الجبري، إما للعمل كعاملات تنظيف في «بيئة عدائية»، أو الانخراط في أعمال جنسية.
تقرير «نياسا تايمز» نقل عن إحدى الناجيات المحررات قولها إن الشبكة «تستغل فقر النساء وضعفهن وأميتهن فتعدهن بوعود كاذبة وبفرص عمل وبرواتب وهمية»، فيما قالت أخرى، إنه «عند وصولي الكويت ومصادرة جوازي جرى إبلاغي أن أرتدي زياً إسلامياً بغض النظر عن ديانتي»، مضيفة: «كنت أستيقظ الثالثة فجراً، وأنام في الحادية عشرة مساء، وأتناول وجبة واحدة يومياً ولم يكن يسمح لي الخروج من المنزل». كذلك كشفت ناجية أخرى عن وجود مالاويات لا يزلن سجينات في الكويت ويُجبرن على ممارسة الجنس بالقوة.
في غضون ذلك، قالت «لجنة حقوق الإنسان في مالاوي»، إن «ثمة دلائل متزايدة على وجود حالات الاتجار بالبشر في مالاوي». وقالت الأمينة العامة التنفيذية للجنة، جريس ماليرا، إنه «غالباً ما تكون تلك الأعمال في إطار الجريمة المنظمة وتوفر أرباحاً كبيرة للمشتركين فيها». وأضافت: «نعلم أن ثمة عدداً متزايداً من الشباب الباحثين عن فرص عمل خارج البلاد بسبب البطالة، وهذا ما يجعلهم عرضة للوقوع فريسة لوعود كاذبة».
أيضاً، قالت «رابطة قاضيات مالاوي» إن «الأحكام المخففة» التي صدرت بحق المدانين بالاتجار بالبشر في الماضي «لم تمثّل عامل خوف لأولئك الذين يتاجرون بالنساء المالاويات»، مشيرة إلى ضرورة وجود برنامج تأهيل يساعد الناجيات من هذه الشبكات على الانخراط في مجتمعهن من جديد وإيجاد فرص عمل.
أما في الكويت، فتفاعلت الصحافة المحلية مع التقرير وعملت على ترجمته ونشره، فلاقى ردود أفعال مستنكرة. ونقلت صحيفة «الراي» الكويتية، عن مستشار «لجنة العمالة المهاجرة في الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان»، عبد الرحمن الغانم، دعوته وزارة الداخلية، إلى «التحري» حول ما نشر وأخذ تلك التقارير على «محمل الجد». كذلك، دعت «الجمعية الكويتية للمقومات الأساسية لحقوق الإنسان»، الأجهزة المعنية، بالتحقيق «بسرعة» في ما ورد في هذا التقرير، مشيرة إلى أن «الكويت لا تزال تواجه انتقادات دولية حول استمرار ظاهرة الاتجار بالبشر».
وترى المنظمات الحقوقية العالمية أنه برغم إصدار الحكومة الكويتية قانون مكافحة الاتجار بالبشر في 2013، فإنها لا تبذل جهودا كافية لوضع حد لهذه الظاهرة، وخاصةً في ظل وجود نظام الكفيل (قانون العمل)، كما أنها لم تطبق القانون فعليا حتى الآن، ولم تحمِ الناجيات وتتأكّد من عودتهن إلى بلادهن.
ويأتي التقرير المالاوي بالتزامن مع تقارير صادرة من زيمبابوي تشرح أن ما لا يقل عن 150 امرأة زيمبابوية عالقات في الكويت بعدما وقعن ضحايا لشبكة للاتجار بالبشر. ووفق صحيفة «ذي هاريلد» الزيمبابوية، فإن الشرطة اعتقلت مسؤولة في السفارة الكويتية يظنّ أنها جزء من «شبكة منظمة» تستدرج النساء الباحثات عن فرص عمل في الكويت بحجة أنها قد أمّنت لهن فرصا لائقة لهناك، ثم يكتشفن المصير الأسود نفسه.