تزداد الأزمة العراقية عمقاً مع انعقاد جلسة البرلمان أمس، برئاسة سليم الجبوري، والتي سادتها الفوضى بالتزامن مع تظاهرات شهدتها العاصمة بغداد، كان قد دعا إليها زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر.
وقد تمكّن رئيس الحكومة حيدر العبادي من الاستحصال على فرصة للتصويت لمصلحة بعض من وزرائه المرشحين لعدد من المناصب، بعدما ساد الجلسة هرج ومرج، قام به النواب المعتصمون الذين رموا قوارير مياه باتجاهه سعياً لمنعه من عرض تشكيلته الوزارية، وهتفوا خلال إلقائه كلمته بـ«باطل» و«لا شرعية»، على الرغم من حضور 172 نائباً، معتبرين أن الجلسة غير قانونية، بعدما أقالوا هيئة رئاسة البرلمان قبل أسبوعين.
«داعش» يستغل التوترات في طوز خورماتو ويحشد عناصره

وعلى إثر ذلك، وقعت مشادة بالأيدي بين عناصر حماية رئيس الوزراء والنواب الذين هاجموه، وأحاط عناصر الحماية بالعبادي، فيما انتشر الجيش بكثافة خارج القاعة، في مشهد لم يحدث من قبل. وقد أدى هذا التحرّك إلى إيقاف الجلسة ثم استئنافها، بعدما تمّ تغيير مكان انعقادها ومنع النواب المعترضين من الدخول، ليوفّق العبادي، لاحقاً، بعرض التشكيلة الوزارية الجديدة. وقد جرى التصويت على عبد الرزاق العيسى وزيراً للتعليم العالي والبحث العلمي، بعد التصويت على استقالة حسين الشهرستاني من منصبه، ووفاء جعفر وزيراً للعمل والشؤون الاجتماعية، وحسن الجنابي وزيراً للموارد المائية بالأصالة والزراعة بالوكالة، كما صُوّت على علاء غني وزيراً للصحة وعلاء دشر للكهرباء، بعد التصويت على استقالة قاسم الفهداوي. وتضاربت الأنباء بشأن قبول تسمية عقيل المهدي وزيراً للثقافة وتكليفه بوزارة الشباب بالوكالة.
وكان العبادي قد عرض على البرلمان كلاً من علي حسين مرشح التربية ومحمد حسين نصرالله لوزارة العدل، إلا أنهما لم يتحصّلا على غالبية النواب المصوّتين. وصُوّت على استقالة وزير الخارجية إبراهيم الجعفري، لكن خلافاً حصل على تسمية الشريف بن الحسن من قبل نواب «التحالف الكردستاني»، ما دعا رئاسة البرلمان إلى أن تقرّر إعادة التصويت غداً. كذلك، فشل البرلمان في التصويت على إقالة وزير التربية محمد إقبال.
وقال نائب عراقي إن أعضاء البرلمان رفضوا مقترح رئيس الحكومة حيدر العبادي دمج بعض الوزارات، الأمر الذي أدى إلى إرجاء تسمية مرشحي عدد من الحقائب.
وفيما كان البرلمان يشهد جلسة صاخبة، تظاهر آلاف العراقيين استجابة لنداء زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر، للضغط على الحكومة من أجل تطبيق الإصلاحات. وتوجّه المتظاهرون رافعين أعلام العراق من «ساحة التحرير» سيراً إلى بوابة «المنطقة الخضراء» المحصّنة من الجهة التي تقع فيها بوابة البرلمان، وهتفوا موجهين كلامهم إلى السياسيين «كلكم حرامية»، بينما كان موظفو «الخضراء» محاصرين داخلها بعد غلق جميع أبوابها.
وكان الصدر قد هدّد بعودة الاعتصامات واقتحام البرلمان، في حال فشل الحكومة والبرلمان في اتخاذ قرارات ترضي العراقيين في الجلسة المنعقدة. وأثناء انعقاد الجلسة، صرّح المعاون «الجهادي» للصدر، كاظم العيساوي، في كلمة ألقاها نيابة عن زعيمه أمام المعتصمين، بأنه «إذا استمر النواب في صراعاتهم ولم يصوّتوا لتشكيلة حكومية مستقلة، فإننا باقون في الاعتصامات». ودعا إلى بقاء النساء والأطفال من المعتصمين والرجال على «أهبة» الاستعداد لاقتحام «المنطقة الخضراء» في حال فشل البرلمان والحكومة في اتخاذ قرارات ترضي العراقيين، الأمر الذي لم يحصل بعد إتمام التصويت على عدد من الوزارات. يأتي ذلك في وقت أفادت فيه مصادر مقرّبة من الصدر بأن الأخير قد يلجأ إلى الدعوة إلى العصيان المدني، في حال لم يتمكن مجلس النواب من تحقيق الإصلاح بالتصويت على التشكيلة الوزارية الجديدة.
في غضون ذلك، أفاد مصدر أمني في محافظة كركوك بأن تنظيم «داعش» بدأ بتحشيد عناصره على طول مناطق التماس مع «الحشد الشعبي» التركماني والبشمركة، جنوب كركوك، مؤكداً أن التنظيم استغل الأحداث التي يشهدها قضاء طوز خورماتو. وقال المصدر إن «داعش بدأ بتحشيد عناصره في مناطق جنوب قصبة بشير واليرقون ومزارع الدولة وجسر الزركة وحمرين، جنوب كركوك»، مبيّناً أن «عناصر التنظيم يتنقلون سيراً على الأقدام بين تلك المناطق لمنع رصد تحركاتهم».
(الأخبار)