التبادل خلال أسبوعين عبر الناقورة... وإطلاق الفلسطينيين بعده بـ25 يوماًمحمد بديرفي ختام جلسة مطوّلة استمرت ست ساعات وشهدت نقاشاً مستفيضاً بين آراء مؤيدة وأخرى معارضة، أقرّت الحكومة الإسرائيلية بغالبية ساحقة اتفاق صفقة تبادل الأسرى مع حزب الله، مطلقة بذلك مسار التنفيذ الذي يفترض ألا يستغرق إتمامه أكثر من أسبوعين، بحسب التقارير الإسرائيلية.
ونصَّ قرار الحكومة، التي أوصى رئيس الوزراء إيهود أولمرت أعضاءها بالتصويت لمصلحته، على إطلاق سراح خمسة أسرى لبنانيين، بينهم عميد الأسرى العرب في السجون الإسرائيلية سمير القنطار، وإعادة عشرات الجثث التابعة لمتسلّلين و«مخرّبين»، «منها ثمانٍ تعود لأفراد حزب الله من الحرب الأخيرة»، في مقابل استعادة الجنديين الإسرائيليين الأسيرين لدى حزب الله، إيهود غولدفاسر وألداد ريغيف، وأشلاء الجنود الإسرائيليين الذي قتلوا في عدوان تموز، إضافة إلى الحصول على تقرير مفصّل يبيّن خلاصة التحقيقات التي أجراها الحزب في مسعاه للكشف عن مصير الطيار الإسرائيلي المفقود رون أراد. كما نصّ القرار على قيام إسرائيل، في وقت لاحق، بإطلاق سراح أسرى فلسطينيين تحدد هي عددهم وهوياتهم، إضافة إلى تسليمها الأمين العام للأمم المتحدة تقريراً عن الدبلوماسيين الإيرانيين الأربع الذين فقدوا في لبنان إبّان الحرب الأهلية.
وعلى الرغم من أن قرار الحكومة لم يتحدث عن مهل زمنية تتعلق بالتنفيذ، مكتفياً بالإشارة إلى أنها ستعقد اجتماعاً آخر «لاستكمال الاتفاق وتنفيذه»، إلا أن معلّقين إسرائيليين كشفوا أمس عن ملامح المخطط العملي الذي يفترض بالأمور أن تسلكه ابتداءً من لحظة مصادقة الحكومة. وبحسب هؤلاء، فإن مسؤول ملف التفاوض عن الجانب الإسرائيلي، عوفر ديكيل، اتصل أمس بالوسيط الألماني، غرهارد كونراد، وأبلغه بقرار الحكومة، وأن الخطوة التالية ستكون سعي الأخير إلى تحصيل تواقيع طرفي الاتفاق عليه خلال أيام، على أن يُباشر تنفيذه في غضون 12 يوماً من تاريخ التوقيع. وأشارت وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى أنه خلافاً لما كان قد تردد سابقاً، فإن عملية التسليم والتسلّم ستجري عند معبر الناقورة في جنوب لبنان، لا عبر ألمانيا كما حصل في عملية التبادل التي تمت عام 2004. وبحسب التقارير الإسرائيلية، يفترض أن يُحضر الحزب الجنديين الأسيرين «في تابوتين» إلى هناك حيث ستخضع جثّتاهما لعملية تشخيص ميدانية، تفرج إسرائيل في أعقابها عن الأسرى اللبنانيين الخمسة.
وكشف المراسون الإسرائيليون عن أن الوسيط الألماني اطّلع على الخطوط العريضة للتقرير الذي أعدّه الحزب عن رون أراد و«تولّد لديه الانطباع بأنه تقرير مهني ويتطابق مع المعايير الاستخبارية». أما الجزء المتعلّق بالأسرى الفلسطينيين في الصفقة، فأشارت التقارير الإسرائيلية إلى أن تنفيذه سيكون بعد 25 يوماً من تنفيذ المرحلة الأولى، وأن عدد هؤلاء لن يتجاوز عشرة، فيما سيقدّم إطلاق سراحهم على أنه بادرة حسن نية تجاه «الشعب الفلسطيني».
وكما كان مقرراً، بحثت الحكومة الإسرائيلية في اجتماعها الأسبوعي، أمس، اتفاق التبادل الذي تم التوصل إليه مع حزب الله بوساطة كونراد. وافتتح أولمرت النقاش بدعوة الوزراء إلى الموافقة على الاتفاق، معلناً أن الجنديين ليسا على قيد الحياة.
وقال أولمرت إنه «ليس هناك أي احتمال» بأن يكون الجنديان «على قيد الحياة». وأضاف «ليس لدينا أية أوهام. ستعرف إسرائيل حزناً لا يوازيه سوى الإحساس بالذل نظراً إلى الاحتفالات التي ستجري في الطرف الآخر» اللبناني. وبرغم ذلك، أوصى أولمرت أعضاء الحكومة بالتصويت على الصفقة «رغم ثمنها الباهظ»، مشيراً إلى واجب الحكومة حيال عائلتي الجنديين الأسيرين اللتين تعانيان من الغموض المخيّم على مصيرهما. وقال أولمرت «على الرغم من كل التردد، وبعد درس الحسنات والسيّئات، أؤيّد اتفاق تبادل الأسرى».
وشهدت الجلسة التي حضرها قادة المؤسستين الأمنية والعسكرية تبايناً حاداً في الآراء بين رئيسي «الموساد» و«الشاباك»، مائير دغان ويوفال ديسكين، اللذين تحفّظا على الصفقة، من جهة، ورئيس الأركان غابي أشكنازي، ومعه ضباط كبار آخرون، من جهة أخرى. وفيما اعترض كلّ من دغان وديسكين على إطلاق سراح القنطار، لافتين إلى أنه يمثّل نصراً معنوياً كبيراً لحزب الله ويفقد إسرائيل آخر أوراق المساومة التي تملكها في قضية أراد، قاد أشكنازي الخط المؤيّد لإبرام الصفقة على قاعدة ضرورة التزام الدولة والجيش «بالواجب الأخلاقي» حيال الجنود الذين يُرسلون إلى ساحة المعركة. وأفادت وسائل الإعلام الإسرائيلية بأن المطالعة التي قدمها أشكنازي أدّت دوراً حاسماً في إقناع الوزراء المترددين بالتصويت لمصلحة الصفقة.
وفي ختام النقاش، الذي عرض فيه ديكل تفاصيل الصفقة، صوّت 22 وزيراً لمصلحتها، فيما عارضها ثلاثة وزراء هم وزير القضاء رونن فريدمان، ووزير المالية روني بار أون، ووزير الإسكان زئيف بويم. وفي حين شرطت وزيرة الخارجية، تسيبي ليفني، أن يكون واضحاً أن إسرائيل هي من يحدد عدد الأسرى الفلسطينيين ونوعيتهم، أعلن وزير المواصلات، شاؤول موفاز تأييده قائلاً إن «الدولة التي تتخلى عن أبنائها سيتخلّى عنها أبناؤها في نهاية المطاف». وفي أعقاب التصويت، قال نائب رئيس الحكومة الإسرائيلية، حاييم رامون، للإذاعة العسكرية الإسرائيلية، «في المحصّلة، الثمن منخفض نسبياً مقارنة بالاتفاقات السابقة». وأضاف «لقد عُرقلت عملية التبادل قرابة عام لأن (الأمين العام لحزب الله حسن) نصر الله كان يشترط إطلاق سراح آلاف السجناء الفلسطينيين، ومن ثم هبط إلى ألف سجين. وفي النهاية، لم يتم التوصل إلى اتفاق إلا عندما ترك نصر الله لإسرائيل حرية اختيار عدد الأسرى الفلسطينيين وهوياتهم».
وجرت الجلسة في ظل تظاهرة نفّذها أهالي الجنديين الأسيرين وزملاء لهما في الخدمة العسكرية وناشطون حقوقيون خارج مبنى الحكومة بهدف ممارسة الضغط على الوزراء.


نصّ قرار الحكومة الإسرائيليّة

في ما يأتي نص القرار الذي أصدرته الحكومة الإسرائيلية في شأن صفقة التبادل مع حزب الله:
1ــــ تستعيد إسرائيل جنديّيها المخطوفين، إيهود غولدفاسر والداد ريغيف، وتحصل على تقرير عن اختفاء الطيار رون أراد وبقايا رفات (جنود إسرائيليين) سقطوا خلال حرب لبنان الثانية.
في مقابل استعادة الجنديين المخطوفين، تطلق إسرائيل سراح أسرى ومعتقلين موجودين في معتقلاتها، وتسلّم أيضاً جثثاً ومعلومات وفق التفصيل الآتي:
أ ــــ ينقل إلى لبنان الأسير سمير القنطار وأربعة مقاتلين لحزب الله غير قانونيين تحتجزهم إسرائيل.
ب ــــ تُنقل إلى لبنان جثث عشرات من المتسلّلين إلى إسرائيل والمخرّبين، بينهم ثمانية عناصر من حزب الله.
ج ــــ تُسلّم معلومات عن أربعة دبلوماسيين إيرانيين (فقدوا في لبنان عام 1982) إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون.
د ــــ بعد تطبيق هذا الاتفاق، تطلق إسرائيل سراح أسرى فلسطينيين. ويترك تاريخ وعدد الذين سيطلق سراحهم لإسرائيل.
2ــــ يواصل المسؤول عن المفاوضات من جانب رئيس الحكومة، عوفر ديكل، تنفيذ المفاوضات، وفقاً للمبادئ المفصّلة في هذا القرار.
3ــــ تجري الحكومة نقاشاً آخر لاستكمال الاتفاق وتطبيقه وفقاً للمبادئ المفصّلة في هذا القرار.
4ــــ تكرر الحكومة وتؤكد التزامها استنفاد كل الإمكانات للحصول على معلومات موثوقة و«صلبة» تتيح كشف مصير الطيار رون آراد.
5ــــ في موازاة ذلك، تكرر الحكومة الإسرائيلية الالتزام بمواصلة العمل لإطلاق سراح الرقيب الأول جلعاد شاليط.
6ــــ لن تدّخر الحكومة الإسرائيلية جهداً لمحاولة تحديد مكان جنودها المفقودين الذين لم يعرف مكان دفنهم.
(الأخبار)