حيفا ــ فراس خطيبنجا أولمرت من قضايا الفساد السابقة كلها. لكنَّه لم يخرج نظيفاً ذات يوم. هكذا صار رئيساً للحكومة لـ«عدم اكتفاء الأدلة». هو رجل الفضائح بامتياز، لكنّه رجل الحظ بامتياز أكبر.
في أواخر أيامه في حزب «الليكود» برئاسة آرييل شارون، انحدرت شعبيته نحو الحضيض. لكنّ قربه إلى شارون أنقذه عندما رافقه إلى «كديما». وبصفته المرافق الأول، صار الرجل الثاني بعد شارون من دون انتخابات، فنجا مرة أخرى من الحضيض.
في بداية كانون الثاني 2006، عندما انهار «البلدوزر» نهائياً، لم يكن أمام «كديما» سوى الإجماع عليه رئيساً لتفادي «الخلافات الداخلية» قبل شهرين من الانتخابات (آذار 2006). في عهده قبل الانتخابات، خسر «كديما» خلال شهرين ثلث مقاعده في استطلاعات الرأي، لكن هذا لم يبعده عن الصدارة. كل شيءٍ سار لمصلحته: وسائل الإعلام التي أحبّت شارون وكرهت بنيامين نتنياهو، واصلت النهج نفسه بعد غياب شارون أيضاً.
أصبح أولمرت رئيساً لحكومة وحزب يضم 29 مقعداً. الرجل الذي منحته استطلاعات الرأي للانتخابات التمهيدية في حزب «الليكود» مقعداً بعد العشرية الرابعة، يصبح رئيساً للحكومة بعد ستة أشهر فقط.
فترة رئاسته كانت عاصفة. انكشفت فيها فضيحة تلو الفضيحة. غالبيتها العظمى قبل توليه المنصب: الفواتير الوهمية، خصخصة بنك «ليئومي»، البيت في كرمييه، التعيينات غير القانونية، مركز الاستثمارات. أغلقت الملفات كلها، ليشتبه في ملفه الأخير «قضية تالانسكي». القضية ثقيلة وصعبة، فهل سيعود أولمرت إلى بيته بعد ثلاثة عقود ونيف من العمل السياسي وعراك مع كل الأجهزة القضائية في إسرائيل؟
هناك من المراقبين من يجزم بأنّ المسألة «مسألة وقت»، وأن الأدلة «واضحة» هذه المرة، وثمة من يقول إن سقوطه سيأتي من داخل «كديما»، وآخرون يتوقعون استقالته بعد تقديم لائحة الاتهام «المؤكّدة». كل الاحتمالات واردة، لكن ما يميزها هو المستقبل المجهول، وخصوصاً أن الاستقرار الحكومي ثابت إلى حين تقديم لائحة الاتهام التي تستغرق أشهراً، وإيهود باراك لن يسرع نحو «الانتحار»، وحزب «شاس» لن يجد بيتاً أكثر دفئاً من ائتلافه الحالي. وتسيبي ليفني ليست مهيأة الآن لخوض حرب داخلية مع مقربي أولمرت من ذوي النفوذ (حاييم رامون وروني بار ــ اون). تعلّمت من خطئها بعد «فينوغراد» عندما دعت أولمرت إلى الاستقالة.
وضع أولمرت حرج للغاية، لكن من الآن حتى تقديم لائحة اتهام، سيكون محاطاً بزمرة محامين قد يقلبون المعايير. وأسئلة كثيرة سترافق القضية: ماذا مع كوندوليزا رايس؟ هل سيتحمّل المحافظون الجدد انتخابات الآن في إسرائيل؟