أكدت الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية أن حزب الله لا يريد السيطرة على الحكم في لبنان بشكل كامل، مستبعدة التوصل إلى اتفاق سلام بين سوريا وإسرائيل خلال عام 2008، ونشوب حرب في المنطقة في العام نفسه
علي حيدر

أكد رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، اللواء عاموس يادلين، أمس، أن القوة الصاروخية لحزب الله تمثّل «تهديداً كبيراً» لإسرائيل، موضحاً أن الحزب «انطلق بعد حرب 2006، في خطته المتعددة السنوات وفق أبعاد متعددة»، منها ما يتعلق «بالوسائل القتالية والقوة البشرية»، ومنها ما يتعلق أيضاً «بالتدريبات والعقيدة القتالية». وأضاف أنه في كل من هذه الأبعاد بلغ حزب الله مرحلة مختلفة عن الأخرى. ولفت يادلين إلى أن حزب الله يدرك أن «التصادم الجبهوي مع إسرائيل ليس استراتيجية صحيحة بالنسبة له».
وتطرق يادلين إلى الأحداث التي شهدها لبنان في الأيام الأخيرة، بالقول إن حزب الله «أثبت للجميع من خلال الخطوات التي قام بها أنه الأقوى في لبنان». وأوضح أن حزب الله لم يرد السيطرة على بيروت لأنه «لا يريد أن يكون مثل حماس»، لأنه يدرك أنه «لو استولى على الحكم بصورة كاملة فسيصبح مسؤولاً وستنكشف نقاط ضعف كثيرة لديه».
ورأى يادلين أن القرار 1701 لم ينفذ بالكامل، مشيراً إلى «استمرار الوجود العسكري لحزب الله جنوب الليطاني واستمرار انتقال السلاح من سوريا ومن إيران إلى حزب الله». كما أكد على «وجود صواريخ لحزب الله جنوب الليطاني، بالإضافة إلى مقاتلين ونقاط مراقبة واستخبارية داخل القرى على طول الحدود» مع الدولة العبرية.
وتطرق يادلين إلى الخطة السورية المتعددة السنوات في بناء قدراتها، مشيراً إلى أنها تأتي «ضمن إطار استخلاص الدروس من نجاح حزب الله خلال حرب تموز 2006». وأضاف أن سوريا «تعزز من قوتها في مجال حرب العصابات والتزود بالأسلحة المضادة للدبابات، وحتى الصواريخ البسيطة. وأنه يجري تحويل سلاح المدرعات إلى سلاح مشاة، وسلاح الجو إلى صواريخ أرض ـــ أرض». وأضاف أن سوريا «تعزز من قدراتها الدفاعية من جهة، ومن جهة أخرى تعزز قدرتها على ضرب الجبهة الداخلية الإسرائيلية».
وأقر يادلين بأن سوريا تملك منذ سنوات القدرة على «ضرب أهداف في تل أبيب أو قواعد سلاح الجو». ولكنها تعمل على «زيادة الكتلة والدقة في الصواريخ القادرة على ضرب الجبهة الداخلية». وأشار إلى أن الفارق بين سوريا وحزب الله يكمن في أن الأولى دولة ولديها منشآتها الاستراتيجية.
وحدد يادلين أولويات النظام السوري بالقول «أولاً وقبل كل شيء استقرار النظام، وبعد ذلك لبنان وفي النهاية استعادة الجولان». وأوضح أنه «إذا كان السلام مع إسرائيل يخدم هذه الأهداف، عندها يكون (الرئيس السوري بشار) الأسد معنياً به». لكنه رأى أن احتمال التوصل إلى سلام بين إسرائيل وسوريا في عام 2008 أصعب مما كان في عام 2000، إلا أنه أكبر في عام 2009. وأضاف «أنه مرت 8 سنوات منذ فشل المفاوضات في شبردستاون، ومنذ ذلك الحين حصلت تغيرات مهمة وملموسة، من جهة علاقة سوريا بحزب الله، وإيران».
وأكد يادلين أن «سوريا معنية بالسلام مع الولايات المتحدة، لا مع إسرائيل، وبأن السلام مع إسرائيل بالنسبة للسوريين شر لا بد منه». وأضاف أن «سوريا العلمانية ليست عضواً طبيعياً في محور الشر» وبأن «الظروف الاستراتيجية هي التي جعلت سوريا في هذا المحور». لذلك فإن «أسباباً استراتيجية ميكيافيلية تجعل مصالح سوريا تفرض عليها الانتقال إلى محور السلام».
وفيما أشار إلى أن احتمالات نشوب الحرب في عام 2008 ضئيلة جداً، حذر يادلين من أن «تؤدي الحسابات الخاطئة إلى نشوب الحرب في ظل الوضع المتفجر واستعداد الطرفين لذلك».
وكرر يادلين الموقف الإسرائيلي المعتاد بأن «تحوّل إيران إلى دولة نووية لا يمثّل خطراً على إسرائيل فحسب، بل على دول عديدة في الشرق الأوسط، وربما تتحول إلى تهديد عالمي». وتساءل ما إذا كان طموح إيران هو الوصول إلى مستوى اليابان وألمانيا، بمعنى على قاب قوسين أو أدنى من إنتاج القنبلة النووية.
وعن مدى جهوزية الغرب لاستخدام القوة العسكرية ضد إيران، رأى يادلين أن «التناقض يكمن في أنه في حال عدم وجود خيارات القوة على الطاولة، فإن الخيارات الأخرى تكون أقل نفعاً. وفي أوروبا فإن استخدام القوة العسكرية هو خارج الخيارات الاستراتيجية، وحتى في الولايات المتحدة، وبعد الحرب على العراق، هناك تردد في الهجوم الاستباقي». ونقل عن المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية جون ماكاين قوله إن «استخدام القوة ضد إيران هو احتمال سيئ، بيد أن تحوّل إيران إلى دولة نووية هو احتمال أسوأ».
وقدر يادلين أن حركة «حماس» تمر بمسار مشابه للذي مر به حزب الله على صعيد بناء قدراته. وأوضح أن «حماس تحاول أن تخلق توازن ردع في مقابل إسرائيل مشابهاً لما هو قائم مع حزب الله». إلا أنه قدر بأن «حماس ما زالت بعيدة جداً عن أن تكون مثل حزب الله».
وحذر يادلين من أن «كل بلدة على بعد 40 كيلومتراً من قطاع غزة قد تدخل مدى صواريخ حماس: أسدود، كريات جات وحتى بئر السبع»، مشيراً إلى أن «حماس قد تصل هذه القدرة في عام 2010». لكنه أكد «امتلاك حماس صواريخ تصل إلى مدى 20 كيلومتراً، وهي تنظم مواقعها الدفاعية استعداداً لدخول إسرائيلي إلى قطاع غزة».