سعت إسرائيل أمس إلى تبريد التوتر على حدودها الشمالية، عبر التقليل من مخاطر اندلاع مواجهة عسكرية مع سوريا، كاشفة عن رسائل تهدئة بعثت بها إلى دمشق وسط تفسيرات قدمتها وسائل الإعلام العبرية لأسباب التوتر، رابطة بينه وبين رد متوقع لحزب الله على اغتيال قائده الجهادي عماد مغنية.وقال نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي، حاييم رامون، في حديث للإذاعة الإسرائلية، إن «إسرائيل لا تنوي مهاجمة سوريا، والأخيرة تؤكد فقط أنها على استعداد للرد، لذا فإن مخاطر نشوب نزاع عسكري ضئيلة جداً».
ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن رامون قوله، أمام منتدى المدراء العامين للمركز الإسرائيلي للإدارة في تل أبيب، أن «أحد الأسباب الجوهرية لوجود تخوّف لدى الذين يريدون الانتقام بسبب تصفية مغنية هو حرب لبنان الثانية التي أوضحت أنه لا يمكن توقع الرد الإسرائيلي».
بدوره، قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الإسرائيلية، شلومو درور، «إن سوريا، بحسب تقديراتنا، لا تنوي إثارة نزاع». وأوضح «أن سوريا قامت أخيراً باستعدادات وبمناورات عسكرية، لأنها تخشى تدهوراً في الوضع قد يتسبب به حزب الله انتقاماً لقتل عماد مغنية»، موضحاً أن تأجيل وزير الدفاع، إيهود باراك، زيارة كانت مقررة أمس إلى ألمانيا، سببه «الإشراف على تدريبات في مجال الدفاع المدني على الصعيد الوطني، تشارك فيها السلطات المحلية والمستشفيات والقوات الإسرائيلية». وكانت تقارير إسرائيلية ربطت أمس بين إرجاء الزيارة والوضع على الجبهة الشمالية.
وأبدت الصحف الإسرائيلية أمس مخاوفها من ارتفاع الحرارة الذي طرأ أخيراً على هذه الجبهة. وعنونت صحيفتا «يديعوت أحرونوت» و«هآرتس» «الأعصاب مشدودة» و«مناورات الجيش السوري تقلق إسرائيل».
من جهتها، قالت صحيفة «معاريف» إن إسرائيل بعثت أخيراً رسائل تهدئة إلى سوريا نفت من خلالها عزمها المبادرة إلى مواجهة عسكرية بين الدولتين. ونقلت الصحيفة عن مصادر أمنية إسرائيلية نفيها للأنباء التي تحدثت عن استدعاء الجيش السوري وحدات من الاحتياط. وقالت المصادر إنه لا إشارات، في الوقت الحالي، تدل على تجنيد سوريا قوات الاحتياط أو على تغيرات ملموسة في انتشار قواتها عند الحدود. لكن المصادر الأمنية الإسرائيلية نفسها أضافت أن سوريا تجري تدريبات عسكرية مكثفة، «على ما يبدو تحسباً من هجوم إسرائيلي».
وتابعت «معاريف» أن سوريا رفعت حالة التأهب قليلاً في الوحدات الصاروخية وأنظمة الدفاع الجوي. وبحسب تقديرات جهاز الأمن الإسرائيلي، فإن التخوف السوري مرتبط، أيضاً، بالتدريبات التي ستجريها قيادة الجبهة الداخلية الإسرائيلية الأسبوع المقبل، والتي تُعدّ الأكبر من نوعها في تاريخ إسرائيل، وبتحسن حالة الجو التي تزيد من قدرة أداء سلاح الجو الإسرائيلي.
وكان نائب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، اللواء دان هارئيل، شدد على أن «لا طرف له مصلحة في مواجهة عسكرية، وكل من يحاول المس بإسرائيل عليه أن يتذكر أنها الدولة الأقوى في المنطقة. وردنا سيكون شديداً ومؤلماً».
وبشأن الموضوع نفسه، نقلت صحيفة «هآرتس» عن مصادر في جهاز الأمن الإسرائيلي تقديرها أن التقارير عن نشر ثلاث فرق عسكرية سورية عند الحدود في هضبة الجولان هي تقارير «مبالغ فيها»، إلا أن هذه المصادر أكدت وجود تحركات غير اعتيادية في الجانب السوري.
وفسرت الجهات الأمنية الإسرائيلية رفع حالة التأهب في صفوف الجيش السوري بأنها تعود إلى احتمال علم سوريا بخطة وضعها حزب الله لتنفيذ هجوم ضد إسرائيل انتقاماً لمقتل مغنية، وتالياً فإنها تستعد لاحتمال أن يقود الهجوم إلى مواجهة إقليمية.
ونقلت الصحيفة عن مصادر سياسية إسرائيلية رفيعة المستوى قولها إن إسرائيل ليس لديها مصلحة بمواجهة مع سوريا، مشيرة إلى أنها نقلت رسائل بهذا المعنى عبر قنوات سرية. وأضافت أن رسائل التهدئة تضمنت في الوقت نفسه توضيحاً بأن تل أبيب لن تضبط نفسها حيال أي هجوم، حتى لو تم تحت ذريعة «إغلاق حساب» على اغتيال مغنية.
وبحسب «هآرتس»، فإن الجيش السوري عزز انتشاره عند الحدود السورية ـــ اللبنانية، ورجحت أن هذه الخطوة تأتي على خلفية التوتر داخل لبنان بشأن الخلافات على تعيين رئيس لبناني. وأضافت الصحيفة أن سوريا نشرت قوات بحجم صغير نسبياً في مواقع في جبهات أخرى.
من جهة أخرى، قالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» إن مصادر عسكرية إسرائيلية تقدر أن «مخاض ولادة» هجوم حزب الله سيكون بعد أسبوعين على مرور ذكرى الأربعين على اغتيال مغنية. وأضافت المصادر أن هذه التقديرات تتلاءم مع انتهاء مؤتمر القمة العربية الذي عقد في دمشق الأسبوع الماضي، وأيضاً مع قدرات حزب الله العملانية. لذا فإن «وقت التنفيذ أصبح خلف الزاوية، ولا عجب في أن التوتر عند الحدود آخذ بالتصاعد نحو ذروة قريبة». وعزت الصحيفة التوتر على الحدود مع سوريا إلى احتمال أن «يكون السوريون على علم بعملية حزب الله الآخذة بالاقتراب، أو أنهم شركاء فيها، لذا هم يستعدون لرد إسرائيلي من شأنه أن يشملهم أيضاً».
(الأخبار، يو بي آي، أ ف ب)