هآرتس ـ يوئيل ماركوسلا أعرف كيف أهضم تدريب الجبهة الداخلية الأكبر الذي تشهده الدولة هذه الأيام. فقبل أسبوع فقط، صرّح وزير الدفاع، خلال جولته في الشمال، أن إسرائيل هي الدولة الأقوى في المنطقة وأنه لا «ينصح أحداً في الجانب الآخر من الحدود بالتحرش بها». ماذا تعني مبادرة الدولة، بعد هذا التصريح الماسوشي، إلى مناورة «نقطة تحول 2» التي تبدأ بأداء الحكومة وتنتهي بسقوط صواريخ غير تقليدية أننا على شفير حرب؟
الجزء الغريب من هذا التدريب هو أنه ليس مقصوراً على الأجهزة التنفيذية، وإنما تشارك فيه أيضاً الحكومة والمستوى السياسي. الحكومة لا تجري مناورة على نفسها. ثمة اعتبارات سياسية داخلية وخارجية. ولذلك، مشاركتها في المناورة تبدو سخيفة. عندما يعلن رئيس الوزراء في جلسة الحكومة أن «المناورة ليست غطاءً لنيات حربية في الشمال، بل مناورة للتأكد من قدرات الأجهزة المختلفة في الجبهة الداخلية للتحقق من الأداء». هل هذا جزء من المناورة أم الحقيقة؟ هل هو استعداد لتقرير مراقب الدولة العصبي عندنا أم تغطية لمؤخرة السياسيين أمام لجنة التحقيق المقبلة؟ تسمية المناورة «نقطة تحول 2» لم تكن صدفة. «نقطة تحول» رقم (1) لم تنجح كثيراً. ليس من الممكن إجراء مناورة حول منطق الحكومة الأحمق.
إن إشراك أداء الحكومة والمجلس الوزاري المصغّر في المناورة العسكرية هو طير غريب. وهل يتحدث الوزراء من أجل التوثيق في البروتوكول أم من أجل الحقيقة ذاتها؟ في المناورات الأمنية في السابق كان دان ميريدور يؤدي دور رئيس الوزراء، أما الآن فهي المرة الأولى التي تؤدي فيها الحكومة دور نفسها في وضع افتراضي مستقبلي. هل هذا جديّ؟
الجيش يحذّر دائماً من الدخول إلى حقل الألغام السياسي إبان اندلاع الحرب. ولكن في مناورة كل شيء فيها وهمي، قد يتعثر الجيش ويسقط في مطبات وفخاخ السياسة الداخلية. هل هو راضٍ مثلاً عن التنسيق المسبق بين أولمرت وبوش لنشر نتائج الهجوم على المنشأة النووية في سوريا؟ وهل ستصبح أكثر حصانة مع هذا التصريح بالعملية الذي يحدث لإهانة سوريا أكثر من أي شيء آخر؟
مبرر صافرة الإنذار، أمس، هو الحاجة إلى تدريب الناس على الالتحاق في لحظة الحقيقة بالأماكن المحمية. لكن ماذا إن لم تكن هناك أماكن كهذه؟ ماذا لو دوّت الصافرة وهم في الشوارع؟ يوقفون السيارات وينبطحون تحتها؟ لكن ألن يحرر شرطيّو البلديات محاضر ضبط للسيارات التي تتوقف في الطرقات؟
بمناسبة ذكر المناورة، فما وضع الأقنعة الواقية؟ قبل 18 عاماً، خلال حرب الخليج، ارتدى الناس الأقنعة بالتزام وتشدد. بعدها بثلاث سنوات، عندما أوشكت حرب الخليج رقم (2) على الاندلاع دفعونا للمسارعة إلى استبدال الأقنعة. ولكن الناس لم يرتدوها. في مرحلة متأخرة طلب من المواطنين أن يعيدوا الأقنعة حتى يحصلوا على أقنعه أحدث. البعض التزم، والبعض الآخر لم يفعل. لم يعد أحد يتأثر بذلك عندما اتضح أن صدام لم يكن يملك صواريخ كيميائية.
منذ أن كشفت حرب لبنان الثانية نقطة ضعفنا، تعمل المنظمات الإرهابية كافة على التزود بمختلف أصناف الصواريخ. خلال السنوات السبع الأخيرة، أطلقت على الأراضي الإسرائيلية صليات بمعدل خمسة صواريخ في اليوم. ولكن حتى لو أُطلق صاروخ واحد في الأسبوع، فإن بإمكان ذلك أن يثير جنوننا.
ليست هناك نسبية في هذا المجال، وبناء الملاجئ أو ضرب صاروخ قبالة صاروخ لا يحلّ من الأمر شيئاً. ليس على إسرائيل أن تستعد لامتصاص الضربة وإنما للردع. القيام بما تعهد شارون القيام به ولم يفعله، وما يهدد إيهود باراك به ولا يفعله: التأكيد على أن رد إسرائيل على ضرب جبهتنا الداخلية سيكون أكثر من مبدأ العين بالعين، أو كما قال سائق التاكسي الذي يقلّني: «بومبه» تحت العين.