طرطوس | سنواتٌ أربع مرّت ولم تستطع خلالها الحرب الدائرة في سوريا أن تُقحم مدينة طرطوس في أتون معاركها. غابت خلال تلك السنوات أخبار المدينة الساحلية، أو غُيّبت، عن أغلب وسائل الإعلام الرسمية وشبه الرسمية. يصل تقنين الكهرباء في بعض أرياف المحافظة إلى 18 ساعة يومياً.
يبدو أن هذا الأمر لا يحتلّ اهتماماً في مكاتب المحافظة ومجلس المدينة. إذ إن إزالة الإشغالات المخالفة («البسطات») أخذت النصيب الأكبر من وقتهم. فأول من أمس، قام مجلس مدينة طرطوس بمؤازرةٍ من قيادة الشرطة في المحافظة وبتوجيه من المحافظ صفوان أبو سعدى، بإزالة كل البسطات والأكشاك المخالفة بجوار السوق الشعبي في كراج طرطوس القديم. وقبل هذا الإجراء، بأيام أزيلت أكشاك أخرى مخالفة على الكورنيش البحري للمدينة. كل ذلك يأتي بعد فترة قصيرة من هدم شاليهات مخالفة في مجمع الرمال السياحي، شاليهات سُرّب أنها جمعت أسماءَ مسؤولين في الحكومة، ممن فرّقتهم مراكز النفوذ والقرار في المحافظة.
«قرار صائب لكنه في وقت خاطئ»، هكذا يقول بسام صاحب أحد المحال التجارية في موقع قريب من مكان إزالة الأكشاك المخالفة. يضيف: «إنهم يتكئون على ما حدث في (مجمع) «الرمال» ويظنون بذلك أنهم يطبقون القانون على الجميع. كيف يساوون بين من يخالف بقصد الترفيه وبين من يخالف ليعيش؟».
حسن بائع دخان «مهرّب» عاد صباح أمس وفتح بسطة جديدة، بعد أن تعرضت أغراضه للتحطيم في اليوم السابق. يقول بثقة: «إي بدي عيش»، مضيفاً أنها ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها لأمرٍ مماثل. يهمس بأن أحد عناصر شرطة المكافحة يتقاضى منه مبلغاً دائماً مقابل أن يخبره قبل انطلاق أي حملة لإزالة للبسطات.
رئيس مجلس مدينة طرطوس علي السوريتي، ورداً على سؤال عمّا يطالب به معظم أصحاب البسطات وهو الترخيص لهم بشكل نظامي، يجيب «بأنه لا يوجد أماكن شاغرة» مؤكداً أنّ «الاستمرار بقمع كل مخالفة في هذه المدينة السياحية وبأن إرضاء الثقافة البصرية للمواطنين يشكل أولوية على إبقاء هذه البسطات». يبقى السؤال الأهم الذي لم يجب أحد عنه: ماذا سيفعل أصحاب تلك البسطات في ظل الوضع الاقتصادي الذي يشد بيديه حول عنق المواطن السوري؟