القاهرة | مفاجأة التعديل الحكومي الذي شمل ستة وزراء مصريين، يوم أمس، في حكومة المهندس إبراهيم محلب، لم تكن في التوقيت أو في المستبعدين فحسب، ولكن أيضاً في طريقة الإعلان وإخبار الوزراء المستبعدين، إذ عرفوا بذلك بعد أداء خلفائهم اليمين الدستورية أمام الرئيس، عبد الفتاح السيسي، وعقد اجتماع معهم لإعطاء التكليفات.وفقاً لمصادر رئاسية، تحدثت إلى «الأخبار»، فإن السيسي هو من طلب أن تجرى التعديلات بسرية، وخاصة أن الوزراء المقالين اتخذ قرار إزاحتهم «نتيجة تقصيرهم في عملهم خلال الشهور الماضية وتصاعد المشكلات في وزاراتهم»، ولا سيما وزراتا الداخلية والتعليم.

جاء التعديل بعد تأكد استمرار الحكومة الحالية حتى نهاية العام الجاري، على الأقل، بعد قرار القضاء إرجاء انتخابات البرلمان الذي سيحق له تأليف الحكومة الجديدة من الأغلبية، فيما جاءت التعديلات لتلقى قبولاً في الشارع، وخاصة مع استبعاد وزير الداخلية، اللواء محمد إبراهيم، الذي يحظى بمعارضة واسعة من مختلف التيارات السياسية.
أيضاً، استحدث رئيس الوزراء، إبراهيم محلب، وزارتي «التعليم الفني»، التي تولاها محمد يوسف (أحد المقربين منه وسبق أن عمل تحت رئاسته في شركة «المقاولون العرب»)، إضافة إلى إعادة وزارة «السكان» التي تولتها هالة يوسف (عملت أمينة عامة للوزارة قبل إلغائها بعد ثورة يناير)، ليصل عدد الوزراء الجدد في الحكومة إلى ثمانية.
أما إبراهيم، فاستقبل قرار إعفائه من منصبه وتعيينه مستشاراً بدرجة نائب لرئيس الوزراء، بحالة من التجهم، حيث كان في زيارة للمصابين من الانفجار الذي استهدف دار القضاء العالي بداية الأسبوع الجاري، فغادر المستشفى سريعاً، علماً بأنه لم يبلَّغ القرار إلا بعد انتهاء الوزير الجديد، اللواء مجدي عبد الغفار، من أداء اليمين القانونية أمام الرئيس، مع الأخذ في الاعتبار أن إبراهيم شارك صباحاً في الاحتفال بيوم المجند في محافظة السويس (شمال القاهرة) مع الضباط والجنود.
كذلك، فإن درجة المستشار لن تخوله حضور اجتماعات مجلس الوزراء، لأن المنصب يعدّ شرفياً مع الاكتفاء بتخصيص مكتب له في مقر مجلس الوزراء، وتقاضي راتب شهري مجزٍ، لكنه تلقى حملة من الدعوات لتقديم بلاغات ضده للنائب العام، من أجل ملاحقته قضائياً على الجرائم التي ارتكبت خلال توليه الوزارة منذ نهاية 2012... حتى أمس.
ووفق المصادر التي تحدثت إلى «الأخبار» فإن السيسي هو من اتخذ قرار إقالة وزير الداخلية، بسبب غضبه من توريط الرئاسة أمام الأحزاب السياسية في واقعة مقتل الناشطة شيماء الصباغ، خلال تظاهرة بالورود في ذكرى «ثورة 25 يناير»، إذ نفى إبراهيم استخدام الخرطوش في السلاح الذي حمله الضباط والجنود، ثم أثبتت الأوراق والتحقيقات عكس ذلك. وتضيف المصادر أن «الرئيس عبر عن غضبه من التقصير الأمني الفادح في التعامل مع الأوضاع في القاهرة والمحافظات وعودة حالات التعذيب مجددا، فضلاً عن ظواهر خطف الضباط».
في المقابل، فإن وزير الداخلية الجديد، اللواء مجدي عبد الغفار، وهو رئيس جهاز الأمن الوطني السابق، كان على صلة بالسيسي، إذ تولى إدارة الجهاز خلال وجود الأخير في منصب مدير المخابرات الحربية، لكن عبد الغفار خرج من الخدمة على خلفية مذبحة رفح الأولى، التي أقال فيها الرئيس الأسبق، محمد مرسي، المشير حسين طنطاوي (وزير الدفاع الأسبق)، والفريق سامي عنان (رئيس الأركان آنذاك). وسرعان ما تداول الناشطون مقاطع فيديو سابقة لعبد الغفار وهو يتحدث عن تغيير عقيدة جهاز الشرطة بعد «ثورة يناير» وضرورة احترام حقوق الإنسان، فيما من المقرر أن يعقد اجتماعاً موسعاً صباح اليوم مع مساعديه.
واللافت أيضاً أن وزير الاتصالات (السابق)، عاطف حلمي، أُبلغ قرار إقالته وهو عائد من برشلونة بعد تمثيل مصر هناك، علماً بأن استبعاده مرتبط بالتسريبات التي خرجت للرئيس ومعاونيه خلال المرحلة الماضية وعجز الوزارة عن تأمين اتصالات المسؤولين. أما وزير السياحة (السابق)، هشام زعزوع، فاضطر إلى العودة من بورصة برلين السياحية نتيجة التعديل، فيما ساد الارتباك وزارة التعليم بسبب الاستبعاد المفاجئ للوزير بالتزامن مع الانتهاء من ترتيبات الثانوية العامة.
المفارقة الأخرى أن وزيري الزراعة والتعليم المقالين حضرا اجتماعاً مع رئيس الحكومة في مجلس المحافظين قبل دقائق قليلة من إقالتهما للحديث عن الخطط المستقبلية وإعطاء التكليفات للمحافظين، ويقال إن إقالة الثاني مرتبطة بتردي أوضاع المدارس، وحديثه إعلامياً عن منحه جنيهات ذهبية للصحافيين من أمواله كهدية في مناسباتهم الشخصية.