Strong>محمد بديرخيّمت الصدمة، أمس، على الأوساط الإسرائيلية الرسمية والشعبية جراء عملية القدس النوعية، واقتصرت ردود الأفعال على إظهار حجم الألم الذي خلّفته من دون أن تغفل التحريض على فلسطينيي الأراضي المحتلة عام 48 واتهام قادتهم بالمسؤولية المعنوية عن الهجوم.
وأفادت تقارير إعلامية إسرائيلية أن رئيس الحكومة، إيهود أولمرت، صُدم من خبر العملية ورأى فيها «عملية خطيرة تظهر إلى أي مدى تقصير السلطة الفلسطينية في محاربة الإرهاب كما ينبغي»، مشدداً على أن إسرائيل «لن تسلّم بهذا الأمر».
وذكرت صحيفة «هآرتس» أن أولمرت استشاط غضباً لمشاهد «الكتب المقدسة المثقوبة بالرصاص وشالات الصلاة الملطخة بالدم»، كما أنه سخط «بشكل خاص أمام مشاهد الفرح في قطاع غزة». وقال لمقربين منه إن «هذا يدل فقط على العدو الذي نواجهه»، مضيفاً «إن هذا انحطاط أخلاقي وصل إليه الفلسطينيون، إنهم يخرجون للرقص فيما يقومون بقتل شباب هنا بدم بارد». وحول الجهة المنفذة للعملية، رأى أولمرت أن «هناك علاقة مباشرة بين العناصر الإرهابية في غزة وتلك الموجودة في الضفة وبين إطلاق الصواريخ والعملية في القدس»، مشدداً على أن «هذه العناصر هي نفسها مع الدوافع ذاتها».
من جهتها، أجرت وزيرة الخارجية الإسرائيلية، تسيبي ليفني، اتصالات هاتفية، في أعقاب العملية، بكل من وزيرة الخارجية الأميركية، كوندوليزا رايس، ومنسّق السياسة الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي خافيير سولانا، والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، ووزراء خارجية روسيا وبريطانيا وألمانيا، وأعربت عن احتجاج إسرائيل الرسمي على «العملية الدامية». ورأت، ليفني في اتصالاتها، أن «خطوة قتل طلاب المدرسة الدينية في احتفال ديني يعبر عن صورة قذرة للمبادئ الجوهرية المتطرفة التي باسمها يعمل الإرهاب الفلسطيني، وإسرائيل لن تسمح أبداً للإرهاب بتحقيق أهدافه».
وفي سعي واضح لتوظيف العملية في سياق الاستقطاب الإعلامي الذي تمارسه إسرائيل للرأي العام الدولي، شددت ليفني على القول إن «عمليات فظيعة من هذا النوع تحتاج إلى تعزيز فهم العالم الحر حول طبيعة التهديد الإرهابي، والمطلوب موقف واحد وحاسم ومن دون تسوية إزاء إرهاب كهذا، فإسرائيل تقف في ميادين مكافحة الإرهاب ومستمرة بالدفاع عن مواطنيها المعرّضين للتهديد يومياً. وهي (إسرائيل) تتوقع من أمم العالم دعمها في حربها ضد قتلة طلاب، نساء وأطفال غير بالغين بالمكان، بالوسائل والأهداف (التي تراها مناسبة)».
وفي السياق التوظيفي نفسه، ذكر معلّقون إسرائيليون أن الحكومة الإسرائيلية أرسلت مصوراً خاصاً لالتقاط صور مؤثرة من ساحة العملية لبثها بشكل موجّه في وسائل الإعلام الغربية ضمن رسالة مفادها أن العملية هي تجسيد صرف «لمعاداة السامية»، وخاصة أنها وقعت في مدرسة دينية.
وغاب وزير الحرب، إيهود باراك، عن الأضواء في أعقاب العملية. ونقلت وسائل الإعلام العبرية أنه عقد أمس اجتماعاً أمنياً، لم تُعلن نتائجه، فيما رأى معلقون أن معضلة إسرائيل الحالية تكمن في أنه «لا توجد جهة يمكن توجيه الرد ضدها... ولذلك فإن الجهود الراهنة تبذل لمحاولة استيضاح الإطار التنظيمي لمنفذ العملية قبل بلورة الرد». ولم يستبعد هؤلاء المعلقون أن يتفرع الرد في نهاية المطاف نحو قطاع غزة في ظل انعدام خيارات أخرى جدية.
ونقلت الإذاعة الإسرائيلية عن وزير الأمن الداخلي، آفي ديختر، قوله إنه يتعين إبعاد الفلسطينيين العدوانيين من القدس إلى الضفة الغربية، فيما أدان الرئيس الإسرائيلي، شمعون بيريز، الهجوم بوصفه عملاً «بربرياً» لأن الطلبة كانوا في مكان للعبادة و«لا علاقة لهم بالحرب».
من جهته، اتهم رئيس حزب «إسرائيل بيتنا» اليميني المتطرف، أفيغدور ليبرمان، أعضاء الكنيست العرب وقادة الجمهور العربي في الداخل بالتحريض الذي أدى إلى العملية. ورأى ليبرمان، في مقابلة مع موقع «يديعوت أحرونوت» على الإنترنت، أن «تحريضهم ساهم من دون شك في الأجواء التي أدت إلى قيام مواطن إسرائيلي يحمل بطاقة الهوية الشخصية الإسرائيلية، ويعمل في داخل إسرائيل، إلى تنفيذ العملية».
ورأى ليبرمان أن أعضاء الكنيست العرب لا يستطيعون التنصل من مسؤوليتهم عن عملية القدس. وقال إن «التحريض والتعاون مع منظمات الإرهاب الذي تجلى بشكل ملموس في قضية عزمي بشارة، لا يمكن أن يعفيهم من المسؤولية عن العملية».
ورداً على سؤال عن اقتراحه لمعالجة الأمر، قال ليبرمان إنه كان يجب إخراج بعض الأحزاب العربية عن القانون بدعوى أنها تتعاون مع «المنظمات الإرهابية»، ومع «أعداء إسرائيل»، ويعملون «كممثلين لمنظمات الإرهاب في الكنيست». وأضاف أن «عربدتهم وتحريضهم وتصرفاتهم في الفترة الأخيرة تساهم، بدون شك، بشكل كبير في العملية التي وقعت في القدس».
وفي سياق الحملة نفسها على فلسطينيي 48 وقادتهم، أعلن عضو الكنيست من كتلة «المفدال والاتحاد القومي»، إيفي إيتام، أنه سيقدم شكوى قضائية ضد النواب العرب الذين شاركوا قبل أيام في مسيرة الاحتجاج على مجازر جيش الاحتلال في قطاع غزة.
وقال إيتام «هؤلاء، أعضاء الكنيست، قالوا هناك (في المسيرة) فليرتح الشهداء في غزة ونحن نواصل من هنا. إن ذلك يعدّ تحريضاً على القتل ويجب سحب المواطنة منهم وأن نوضح لهم أن كل من يعمل ضد إسرائيل لا يحق له أن يحمل بطاقة زرقاء».