حيفا ـ فراس خطيببعد مرور أكثر من 14 عاماً على عملية اختطاف مصطفى الديراني من بيته في قصرنبا، أعدَّت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية تقريراً موسّعاً، أدلى خلاله عناصر من سرية هيئة الأركان (سييرت متكال) بشهادات من ليلة الاختطاف وشهور التدريب قبلها، وكيف لم ينكسر الديراني أمام تهديدات أفراد الوحدة الأكثر نخبوية في الجيش الإسرائيلي.
وبحسب «معاريف»، خطّط الإسرائيليون لاختطاف الديراني بغية الحصول منه على معلومات عن الطيّار الإسرائيلي المفقود رون أراد، ولكي يكون أيضاً «ورقة للمساومة» في أي صفقة تبادل بخصوصه. وبحسب شهادات الجنود، تلقّت الوحدة النخبوية الأوامر ببدء التخطيط للاختطاف قبل ستة أشهر من العملية. وتأجّل التنفيذ أكثر من مرة خشية عدم وجود الديراني في البيت. ولكنَّ المسؤولين قرروا تنفيذ العملية في الواحد والعشرين من أيار في الليلة الفاصلة بين الجمعة والسبت عام 1994. بعد تردد كثير من رئيس الحكومة الإسرائيلية في حينه إسحاق رابين، أقلعت طائرتان من طراز «يسعور» على متنيهما عشرات العناصر، بالإضافة إلى معدات ثقيلة ومصفّحات. نزلوا في الظلام على جبل صنين، ومن بعدها توجهوا في الجيبات العسكرية إلى نقطة تقع فوق القرية. كانت الساعة الثالثة بعد منتصف الليل تقريباً. تقرر الوصول إلى البيت من جهات عديدة ومحاصرته. تجهّزت الوحدة الإسرائيلية بالكثير من الأسلحة والعتاد والسلالم وأدوات لاختراق الأبواب.
وبحسب الشهادات، فإن مدخل البيت كان مغلقاً فقط وليس مقفلاً، واستطاعت الوحدة اختراقه، ومن بعده تسليط السلاح على رؤوس الحراس النائمين في صالون بيت الديراني. ومن بعدها دخلوا غرفة نومه، حيث كانت زوجته وابنته (عشر سنوات) في حينه.
وقال أفراد الوحدة إنه عند دخول الغرفة، أراد الديراني استلال المسدس بحركة لاإرادية من على الرف القريب من السرير، لكن الوحدة انتبهت، وبدأ الديراني بمقاومتهم هو وزوجته. وتمت السيطرة عليه نظراً إلى العدد الكبير لأفراد الوحدة والمعدات الثقيلة التي حملوها، بينما كانت الابنة تنظر إلى هذا المشهد المرعب من وهلة النوم، فيما أتى أحد الجنود بنجله الثاني علي.
بدأ الجنود يفتشون البيت، بينما قام عمونئيل مورانو، الذي قتل في عدوان تموز على أيدي حزب الله، بإجراء تحقيق «سريع» مع الديراني في غرفة نومه «خوفاً من أن يرتّب أفكاره في ما بعد». وقد أجريت تحقيقات مع زوجته وحراسه.
سُئل الديراني: أين رون أراد؟ لكنه لم يجب. كان سؤال الأفراد تهديدياً، لكنه لم يتجاوب معهم ولم يخف منهم. ومن بعدها انتقلت الوحدة إلى «موهبة المسرح». وقد أخرجوا مسرحية وكأنهم يجهّزون المعدات لإعدام الديراني، وهددوه من بعدها بأنه إذا لم يتحدث عن مكان رون أراد، فإنه سيقتل و«ابنه علي سيصاب بأذى هو أيضاً»، لكنَّ الديراني لم يُجبهم عن الأسئلة.
كان الخروج من البيت سريعاً، وكان الكثير من أفراد الوحدة منتشرين في المنطقة من أجل حماية العملية. وقطعت الوحدة الشارع المؤدي إلى خارج القرية. في تلك الأثناء، ربط عناصر الوحدة الديراني على حمالة، وأشار بعض منهم إلى أنهم كانوا يملكون «حقن تخدير»، لكنهم لم يستعملوها. وتعرضت الوحدة إلى إطلاق نار من شقيق الديراني، بحسب الشهادات.
الطريق إلى الجيبات العسكرية لم تكن سهلة، وقد أصيب أحد ضباط الوحدة برصاصة في رجله.
وعندما هبطت طائرتا «اليسعور» في القاعدة العسكرية الإسرائيلية، كان إيهود باراك في الاستقبال. وقد عقد رابين مؤتمراً صحافياً في حينه، تحدث عن عملية الاختطاف. وسادت أجواء وهمية في إسرائيل أن قضية رون أراد الأزلية ستحلّ. لكن هذا لم ينفع. بعد مرور 14 عاماً على اختطاف الديراني، تبيّن أن إسرائيل لم تحصل على شيء أبداً من هذه العملية التي أنفقت عليها الكثير، مادياً ومعنوياً.