انتقادات ألمانيّة لتجاهلها لقاء عباس وتغييب مواقف برلين من الاستيطان والمجازربرلين ــ غسان أبو حمد
القدس المحتلّة ــ الأخبار
قامت المستشارة الالمانية انجيلا ميركل، أمس، بزيارة «ياد فاشيم»، النصب التذكاري لضحايا المحرقة النازية، وذلك في إطار زيارتها لإسرائيل التي ستلقي خلالها خطاباً أمام الكنيست اليوم، في وقت برزت فيه انتقادات في الداخل الألماني لمواقفها المنحازة إلى إسرائيل وتجنبها زيارة الأراضي الفلسطينية.
ورافق رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت ووزراء ألمان وإسرائيليون ميركل، التي أضاءت الشعلة الأبدية في قاعة الذكرى، قبل أن تضع إكليلاً من الزهر وتقف دقيقة صمت. وهذه هي الزيارة الثالثة للمستشارة، التي كانت ترتدي الأسود، إلى ياد فاشيم منذ توليها مهامها. وقالت: «نظراً لمسؤوليتها في المحرقة، تؤكد الحكومة الألمانية تصميمها على بناء مستقبل» مع إسرائيل.
وبعد الزيارة، ترأست ميركل، التي يرافقها وفد من سبعة وزراء، مع أولمرت اجتماعاً وزارياً إسرائيلياً ـ ألمانياً لا سابق له في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي. وقال أولمرت: «لقد تناولنا طويلاً موقف ألمانيا وإسرائيل المشترك بخصوص الجهود المبذولة لمنع إيران من حيازة ترسانة نووية». وأضاف أن «إسرائيل وألمانيا تتقاسمان القلق الشديد عينه حيال استمرار أنشطة إيران في سبيل حيازة السلاح النووي». وتابع: «نحن أيضاً متفقان على ضرورة الاستمرار في تطبيق سلسلة إجراءات تعوق» المساعي الإيرانيةوأجرى وزراء إسرائيليون، ولا سيما وزراء الخارجية والدفاع والعدل والمال، محادثات منفصلة مع نظرائهم الألمان. ووقّع وزير الدفاع، إيهود باراك، ونظيره الألماني، فرانتس يوسف يونغ، في القدس المحتلة «اتفاق تعاون في المجال الأمني».
وفي برلين، وصف المتحدّث باسم المستشارية الألمانية، أولريش فيلهلب، زيارة ميركل بأنها «زيارة تاريخية ومميّزة جداً»، مشيراً إلى أهمية لقاءاتها مع المسؤولين الإسرائيليين وإلى كلمتها اليوم الثلاثاء أمام الكنيست الاسرائيلي. وأشار إلى «حظوة» ميركل بصفتها «رئيسة حكومة» بالحصول على حقّ الوقوف والتحدث على منبر الكنيست، خلافاً للأعراف وللنظام الداخلي الذي يمنح هذه الحظوة والامتياز لقادة الدول ورؤساء الجمهوريات فقط.
وإخلاصاً للتاريخ فقط، تجدر الإشارة إلى أن المستشار الألماني الأسبق هلموت كول كان قد ألقى كلمة مقتضبة عام 1984 في الكنيست، الذي لم يكن آنذاك ملتئماً في جلسة عامة. وبدا واضحاً عدم وجود أي لقاء للمستشارة مع الجانب الفلسطيني، ما يُعَدُّ مناقضاً بوضوح لعنوان «تشجيع المسار السلمي بين الإسرائيليين والفلسطينيين»، وهو ما ركزت عليه وسائل الإعلام الألمانية لكونه «ثغرة فاضحة».
ويدافع الناطق باسم المستشارية عن هذه الثغرة بالتشديد على أن ألمانيا «لن تخسر شيئاً في تأكيد تعاونها مع إسرائيل». ويضيف أن ذلك «لا يعدّ انتقاصاً من قوة علاقاتها مع الجانب العربي والفلسطيني». وتابع: «إنها زيارة موضوعها الذكرى الستون لقيام دولة إسرائيل. لذلك فهذا الموضوع له طابع الخصوصية إلى حدّ ما».
وبالإضافة إلى ثغرة عدم اللقاء بالرئيس الفلسطيني محمود عباس أو أي مسؤول فلسطيني آخر، تؤكد وسائل الإعلام الألماني خطورة ثغرة أخرى تتعلق بالموقف الرسمي الألماني «البارد» من قضية توسيع المستوطنات الإسرائيلية والمجازر الجماعية التي ترتكب بحق الأبرياء في فلسطين، في مواجهة سلسلة انتقادات رسمية «قاسية» إلى إيران وبرنامجها النووي وإلى ضرورة توقف طهران عن التلاعب بالقواعد الدولية مع ضرورة حل النزاع بالطرق السلمية.
وتشير بعض وسائل الإعلام الألماني في انتقاداتها لجدول الزيارة إلى أن عدداً من نواب البرلمان الألماني طالبوا المستشارة بالتطرق إلى القضايا الحرجة في محادثاتها مع المسؤولين الإسرائيليين؛ فقد طالب رئيس المجموعة الألمانية ـ الإسرائيلية في البرلمان، يرتسي مونتاج، عن حزب الخضر، ميركل بأن تتطرق خلال الزيارة إلى الخلافات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية مثل قضية بناء المستوطنات وسبل إيجاد حل سلمي وعادل للنزاع بين الطرفين، كما أشاد بزيارة ميركل، مشيراً إلى أنها «ذات أهمية عظيمة» للعلاقات بين الدولتين.
وأعرب النائب فيرنر هوير من الحزب الديموقراطي الحرّ، عن أسفه لعدم نية ميركل الالتقاء بالرئيس الفلسطيني في رام الله. وقال: «أن تصبح ألمانيا من أوثق شركاء إسرائيل بعد مرور ستين عاماً على تأسيسها، يمثِّل هدية كبيرة يسديها التاريخ لنا نحن الألمان. غير أن من الحكمة أيضاً، تنسيق لقاء لميركل مع عباس لتقديم دعم جوهري للعملية السياسية في سبيل التعاون السلمي بين الإسرائيليين والفلسطينيين».
وشدّد النائب رولف موتسينيش، من الحزب الاشتراكي الديموقراطي، على أن زيارة ميركل الحالية إلى إسرائيل «فرصة لإجراء حوار صريح ونزيه مع المسؤولين الإسرائيليين بهدف توضيح العقبات التي تسببها سياسة الاستيطان الإسرائيلية أمام مساعي السلام التي انطلقت عقب مؤتمر أنابوليس».
إلى ذلك، استنكرت حركة «حماس» تصريحات المستشارة الألمانية المؤيّدة لإسرائيل ويهوديتها وأمنها، مشيرة إلى أن ذلك يمثّل «انحداراً أخلاقياً» لديها. وقالت، في بيان، إنها تستنكر «المواقف المشينة للمستشارة الألمانية، التي تعبّر عن حجم الانحدار الأخلاقي الذي انزلقت إليه بتأييدها المطلق لدولة إسرائيل».
وأضافت «حماس» أن ميركل استذكرت فقط «المحارق النازية ضد اليهود في بلادها، على الرغم مما يشوب تلك المحارق من شكوك وغموض ومبالغات، وتغاضت عن محرقة غزة وما ترتكبه إسرائيل من مجازر وجرائم بحق الأطفال والشيوخ والنساء من الفلسطينيين». ورأت أن «زيارة ميركل إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة تناقض المواقف الإيجابية لبعض الدول الأوروبية تجاه القضية الفلسطينية وحركة حماس».