صنعاء | تراوح الأزمة اليمنية مكانها في ظلّ انقسام البلاد بين سلطتين ومركزي قرار، بعدما قرر الرئيس المستقيل، عبد ربه منصور هادي، استئناف مهماته كرئيس للجمهورية من عدن، في وقتٍ لم تقدِم فيه «اللجنة الثورية العليا» التابعة لجماعة «أنصار الله» التي تمسك بالسلطة في صنعاء، على أي قرار سياسي فعلي في انتظارٍ لمآلات حوار القوى السياسية برعاية المبعوث الدولي جمال بن عمر.
وفيما كثر الحديث في اليومين الماضيين عن توصل الحوار إلى اتفاق حول تشكيل سلطة انتقالية، تبيّن أن هذه الأخبار غير صحيحة، وفق تأكيد «أنصار الله» لـ «الأخبار». ولم يتم أي إعلان رسمي عن تفاهمات جديدة أو حتى عن نقض لاتفاقات سابقة، كما لا يبدو أن هادي قادرٌ على تولي زمام الأمور في عدن بصورةٍ جدية، مكتفياً بعقد لقاءات وإصدار قرارات صورية لا تلاقي ترحيباً واسعاً.
ونشرت الصحافة اليمنية تسريبات مفادها بأن القوى المشاركة في الحوار توصلت إلى تفاهمات حول تشكيل مجلس رئاسي وحكومة محاصصة تكون للكفاءات المستقلة حصة الوزارات السيادية فيها، فيما أكد مصدر في «اللجنة الثورية العليا» أن هذا الأمر لم تطلع عليه الجماعة، مشيراً إلى ضرورة انتظار ما سيعلنه بن عمر على غرار ما أعلن من تفاهمات سابقة لا تزال قائمة.
في السياق نفسه، نفى عضو المجلس السياسي في «أنصار الله»، عبد الملك العجري، صحة ما تحدث عنه ممثل «الإصلاح»، محمد قحطان، عن تشكيل المجلس الرئاسي. وقال العجري في حديث إلى «الأخبار»، إنه لم يتم التطرق لموضوع تشكيل المجلس الرئاسي ولم تتم مناقشته بعد على طاولة الحوار، مؤكداً أن الاتفاق على المجلس الوطني الذي تضمنه «الإعلان الدستوري»، لا يزال قائماً. وأضاف العجري أن المتحاورين شكلوا لجنة مصغرة لدراسة فكرة حكومة وحدة وطنية، «وعرضت الفكرة في جلسة يوم أمس (أول من أمس)، التي غاب عنها الاشتراكي والناصري». وأشار العجري إلى التوصل الى اتفاق حول إعادة النظر في الهيئة الوطنية لتنفيذ مخرجات الحوار وفق ما نص عليه اتفاق «السلم والشراكة»، مؤكداً أن كل تلك التفاهمات لا تتعارض مع «الإعلان الدستوري».
وكان قحطان قد أكد في تصريحات صحافية، توصل بن عمر إلى تفاهمات مع «أنصار الله» بشأن «تشكيل مجلس رئاسي على أن يتولى هادي رئاسته بدلاً من توليه رئاسة البلاد»، وهو ما نفاه مصدر مقرب من هادي، نقلت عنه وسائل إعلام يمنية تأكيده تمسك هادي بالمبادرة الخليجية ومخرجات «الحوار الوطني».
يأتي ذلك عقب صدور بيان عن مكتب بن عمر تحدّث فيه عن محتوى إفادته لمجلس الأمن أخيراً، حيث قال البيان «لقد أكدت لمجلس الأمن أن هناك تقدماً يتم إحرازه، وأن إجماعاً بدأ يتبلور حول السلطتين التشريعية والتنفيذية، وحول جدول زمني لإنجاز مهمات واستحقاقات المرحلة الانتقالية»، مشيراً في الوقت نفسه إلى وجود «عناصر متطرفة تتبع أطرافا عدة تسعى إلى إفشال المفاوضات الجارية وتدفع باتجاه صراع طويل الأمد».
محللون اعتبروا بيان بن عمر متناقضاً، فعلاوة على كونه يجمع بين التفاؤل والتشاؤم، فإنه من جهة يؤكد التوصل إلى اتفاق على تشكيل سلطة تشريعية وتنفيذية، ومن جهة أخرى «يتحدث عن حوار لا يضفي الشرعية على الذين يلجأون إلى العنف لحرف العملية السياسية عن مسارها» في إشارة إلى «أنصار الله»، كما لا ينتقص من شرعية الرئيس والحكومة، في إشارة إلى تبنيه «شرعية» الرئيس المستقيل والحكومة المستقيلة، وهو ما يراه مقربون من «أنصار الله» انعكاساً للمأزق الذي يقع فيه الموقف الدولي إزاء الأزمة اليمنية، وللتناقضات التي تفاقمها.