حلب | ربما كان التعتيم الإعلامي الذي رافق زيارة الوفد الاممي إلى حلب مرتبطاً بضعف الآمال المرجوة بعد اتضاح الرفض المطلق من قبل المسلحين لكل الاقتراحات التي شملت مروحة كبيرة من الحلول التي تعيد الحياة الطبيعية إلى أحياء المدينة الشرقية، وتجنّبها العمليات العسكرية، وتسمح بحرية العبور بين مختلف الأحياء، وإصرار الجانب السوري على تجربة الخطة على حيّ واحد كاختبار للثقة.
ويبدو أن فائض قوة جديداً باتت تشعر به المجموعات المسلحة بعد تمكّنها من استرجاع قريتي رتيان وحردتنين، والتوجه الأميركي لتدريب آلاف من عناصرها على الأراضي التركية، بعد أن كاد الجيش السوري يصل إلى بلدة الزهراء، ما يعني عزل أحياء شرقي حلب عن الحدود التركية الشمالية، فيما وحداته على بعد مئات الأمتار من إكمال الطوق والسيطرة على المنفذ الوحيد في الكاستيلو. وقال مصدر رسمي لـ«الأخبار» إنّ «كافة التسهيلات والمرونة قوبل بها فريق الموفد الاممي دي ميستورا، وجرى إطلاعه على واقع المدينة، والإجابة عن استفساراتهم حول الواقع الميداني، وسماع ما لديهم من اقتراحات عملية».
وأشار المصدر إلى أنّ «الميليشيات المسلحة رفضت اللقاء مع أي موظفين من مكتب دي ميستورا»، موضحاً أن «الجانب السوري منفتح على مروحة واسعة من الاقتراحات تراعى فيها إجراءات بناء الثقة، بدءاً من وقف العمليات وعبور السكان، وانتهاءً بعودة مؤسسات الدولة الخدمية لممارسة دورها في تلك الاحياء».
وبينما كان «الائتلاف» يسعى إلى توسيع نطاق مبادرة دي ميستورا جغرافياً لتشمل كافة محافظة حلب، ريفاً ومدينة، أصبح يربطها بالحل السياسي الشامل للأزمة، فيما تصرّ الحكومة السورية على اقتصار التجميد على المدينة، بعد تجربة أحياء بعينها إثباتاً لحسن النيات، ووصولاً إلى كافة الأحياء.
وبعد الاطلاع على الواقع الميداني في المدينة، دار الحديث عملياً حول إمكانية البدء إجرائياً بحيّ صلاح الدين الذي يتقاسم المسلحون السيطرة عليه مع الحكومة، بما يمكن من تحقيق خطوات عملية، تمكّن الأهالي من العودة الى بيوتهم وعودة الخدمات الأساسية، وفتح معبرين في ذلك الحي، وإزالة كل الأسلحة المتوسطة والثقيلة، مع احتفاظ المسلحين من سكانه بسلاحهم الفردي، والامتناع عن استخدام أجزاء الحي للهجوم على أجزائه الأخرى.
الرؤية السورية تشمل، أيضاً، وقف القصف أيّاً كان نوعه ومصدره لستة أسابيع، كما أعلن عنه منتصف شباط الماضي، ووقف الاشتباكات، وعودة الخدمات، وفتح معبر بستان القصر ومعابر أخرى، بالتوازي مع توقف المسلحين عن قصف الأحياء السكنية غربي المدينة، وقيام مجلس المدينة بكل مهماته الخدمية، وتنظيم دخول المساعدات، واشتراك مسلحي الأحياء في حفظ الامن بسلاحهم الفردي، تحت سلطة وسيادة الدولة.
وإلى جانب حيّ صلاح الدين طرحت أحياء الزبدية وسيف الدولة وبستان الباشا والهلك وبعيدين والشيخ مقصود، وهي أحياء تنتشر فيها مجموعات محلية، قسم منها يدين بالولاء لتركيا.
من جهة أخرى، أكد مصدر مطلع لـ«الأخبار» أنّ تصلب المعارضة الحالي «لا يعدو كونه ترجمة لأوامر الطرف الإقليمي المسيطر على تلك الجماعات، والذي أوعز إليهم بتشكيل لجان استعداداً لمرحلة التفاوض الجدي»، مشيراً الى أنّ «دخول الخطة حيّز التطبيق العملي لا بد أن تمر بخطوات صغيرة متلاحقة، لذلك كان التركيز على حيّ واحد، وهو أول حيّ يجتاحه المسلحون صيف عام 2012، لاختبار مدى الجدية والالتزام».