ريف دمشق | «لم يعد وجود جبهة النصرة في الريف الجنوبي لدمشق مرغوباً فيه». هذا الأمر ليس بمستجد، فقد بُدئ العمل فيه منذ أن دخلت بلدات ببيلا وبيت سحم ويلدا في حيّز المصالحات، منذ أكثر من عام. في ذلك الحين أشاعت أوساط بين الأهالي مؤيدة للتسوية أن «جبهة النصرة» انسحبت كلياً من جنوبي العاصمة، لكن في حقيقة الأمر «بقيت بعض الخلايا التابعة للنصرة في تلك البلدات مقابل تعهدها بعدم مزاولتها أي نشاط عسكري»، يقول مصدر محلي لـ«الأخبار».
إلا أن الأمر في الأسابيع الأخيرة لم يبق على حاله، «فقد نفذت تلك الخلايا، مدعومة بعناصر من الجبهة تسللوا من منطقة الحجر الأسود إلى البلدات الثلاثة، حالات قنص عدّة جرت في مواقع حيوية لمدنيين وعناصر من الجيش بالقرب من طريق المطار، الأمر الذي أدى إلى تعثر التسوية وإغلاق الطرق المؤدية إلى البلدات»، يضيف المصدر.
أمس، تحول مطلب الأهالي القديم برحيل «جبهة النصرة»، إلى عنوان تظاهرة حاشدة في بلدة بيت سحم، انطلقت بعد صلاة الجمعة من الجامع الكبير في البلدة، وسرعان ما فتح عناصر «الجبهة» النار عليها، الأمر الذي أدى إلى إصابة 4 مدنيين، «ليتطور الأمر بعد ذلك إلى اشتباك دار بين مسلّحي النصرة ومسلّحي التسوية»، يروي المصدر. الاشتباك بدوره أدى إلى إصابة 12 مسلّحاً من عناصر حماية التسوية، «جرى نقلهم مع المدنيين المصابين إلى مشفى المجتهد في دمشق عن طريق حواجز الجيش».
وبالتوازي، دارت تحركات مماثلة في بلدة ببيلا المجاورة، رفعت الشعار ذاته: «رحيل جبهة النصرة»، ليصدر تجمع «قوى الإصلاح في جنوب دمشق»، الذي يضم الوجهاء والشخصيات المشاركة في المصالحات، بياناً طالب فيه بدعم مطلب الأهالي بخروج «جبهة النصرة» من بيت سحم، بسبب تصرفاتها في «القتل والخطف وغصب ممتلكات واستهداف وتكفير وترويع الآمنين». فيما صدر في المقابل بيان عن «جبهة النصرة» حمل عنوان «مقراتنا وجبهاتنا خط أحمر»، الذي اتهم فيه من سماهم «شيوخ المصالحات» بـ«تلبية مطالب النظام»، محذراً من «حملة تحريض ضد الجبهة وتلويح بتحرك عسكري ضدها».
ولا يبدو حال «جبهة النصرة» في منطقة القسطون، في سهل الغاب التابع لمحافظة حماه، أفضل منه في جنوبي دمشق، فقد تناقلت مواقع التواصل الاجتماعي أمس فيديو لتظاهرة حاشدة لأهالي تلك المنطقة، يطالبون بخروج «جبهة النصرة» منها، مرددين: «الشعب يريد إسقاط الجبهة».
في موازاة ذلك، أصدرت الفصائل المسلّحة في منطقتي داريا والمعضمية، في الغوطة الغربية لدمشق، بياناً يمنع تشكيل «أي فصيل مسلح أو مؤسسة إدارة محلية غير التشكيلات الموجودة في المدينتين»، وتعهدت الفصائل الموقعة، التي بلغ عددها 7 فصائل وجهات، بـ«بمحاربة أي تشكيل جديد، بشتى الوسائل، بما فيها العسكري والأمني، وتقديم كل أفراد التشكيل للقضاء بتهمة شق الصف».