strong>محمد بديرأدخل رئيس حزب «العمل»، إيهود باراك، حزبه في أزمة جديدة تهدد بتعرّضه لهزة من شأنها الإطاحة بما بقي من بنيان الحزب، في أعقاب سلسلة الضربات التي تلقّاها طوال العقد الماضي، التي تجلّت حرباً مفتوحة بين قادته، ما أنتج أزمة قيادة مزمنة، أمل البعض الخروج منها في أعقاب إعادة تولّي باراك منصب الرئاسة. إلّا أن السلوك السياسي والحزبي لباراك، أفضى إلى شعور غالبية قادة الحزب بخيبة أمل شديدة، وصلت حد إعلان أقرب المقرّبين منه، الوزير بنيامين بن أليعازر، أنه إذا «أراد باراك الانتحار فليفعل ذلك بنفسه».
مناسبة الأزمة الجديدة كانت مواقف باراك خلال لقائه عائلات الجنود القتلى خلال حرب لبنان الثانية، حيث لمّح إلى إمكان حصول انتخابات مبكرة في غضون أشهر. ووجه انتقادات شديدة إلى رئيس الحكومة إيهود أولمرت لأنه لم يستقل بعد صدور تقرير فينوغراد.
وعلى الرغم من محاولة المقرّبين من باراك التخفيف من وطأة كلامه، بقولهم إنه لا يتضمن أي جديد، وإن تقديرات باراك بخصوص موعد إجراء انتخابات مبكرة لم تتغير، فقد ردّ مقرّبون من أولمرت بالقول إنهم حائرون من سلوك وزير الدفاع. وأضافوا: «من غير المعقول أن نفهم ما يريده، وإذا أراد الاستقالة، فعليه القيام بذلك وحسب. لماذا يبعث بالرسائل من خلال العائلات المفجوعة؟».
بيد أن كلام باراك لم يكن المصدر الوحيد والأقوى للهزة داخل حزب «العمل»، بل إن تصريحات ومواقف كبار مسؤولي الحزب تمثّل المصدر الأكثر تأثيراً على مجريات الأمور داخل الحزب، حيث تكثر في الآونة الأخيرة الانتقادات التي توجه إلى رئيس الحزب باراك. وأشارت تقارير إعلامية إلى أن باراك استمع خلال الأشهر الماضية إلى انتقادات شديدة من مؤيّدين له، مثل اتهامه بأنه يهمل الحزب ويقتله. كذلك اشتكى مؤيّدو باراك من أنه يطلق تصريحات يمينية تارة ويسارية تارة أخرى، من دون أن يعرف الوجهة التي يقود الحزب إليها.
ولعل أبرز دليل على هذا الواقع، الانتقاد الذي تلقّاه باراك من مصدر غير متوقَّع، عندما سجّلت ميكروفونات القناة الثانية، يوم الأحد، حواراً بين حليفيه المقرّبين، وهما وزير البنى التحتية، بنيامين بن أليعازر، ووزير الزراعة شالوم سمحون. إذ حذَّر بن أليعازر سمحون، من أنّ باراك يلحق الضرر بنفسه، بعدم استخدامه خبراء استراتيجيين لمساعدته. وأضاف: «إذا أراد باراك أن ينتحر، يمكنه ذلك، لأنه إذا تابع على هذا المنوال، فإنّ حزب العمل إلى زوال». كما أعاد بن أليعازر طرح شكاوى أولمرت المتعلّقة بتمرُّد باراك، وأعلن أن أولمرت استضاف باراك على الغداء، من أجل تحسين علاقتهما، إلا أنّ باراك رد بتصرّف «جنوني».
وكان المحامي إلداد يانيف الذي كان حتى وقت قريب من أكثر المقرّبين من باراك، قد انسحب من الحزب قبل يومين. ومنذ أشهر، طرد باراك يانيف ران، الذي أدار حملته الانتخابية الناجحة من أجل رئاسة حزب العمل، بسبب الجدال الذي قام بينهما بشأن كيفية إدارة الحزب.
وأول من أمس، تلقّى باراك صفعة جديدة عندما أصدرت المحكمة المركزية في تل أبيب قراراً يُوجب على «العمل» انتخاب مؤسسات جديدة مع نهاية شهر حزيران، استجابة لالتماس تقدم به الرئيس السابق للحزب عمير بيرتس، الذي دخل الأسبوع الماضي في مواجهة مباشرة ومكشوفة مع باراك.