strong>تبدو إسرائيل، التي أعلنت أمس حالة التأهب القصوى على حدودها مع سيناء، تتجه للموافقة اليوم على مضاعفة عدد الجنود المصريين المنتشرين على الحدود مع قطاع غزة، في خطوة يُخشى أن تؤدي إلى تعديلات في اتفاق السلام الموقَّع مع القاهرة
أفادت مصادر إسرائيلية أمس بأن تل أبيب في وارد الموافقة على طلب مصري لزيادة عديد القوة المنتشرة على حدودها مع قطاع غزة إلى الضعف. وقالت صحيفة «هآرتس» إن وزيرة الخارجية الإسرائيلية، تسيبي ليفني، ستوصي خلال اجتماع وزاري مقرر اليوم في مكتب رئيس الحكومة ومخصص لبحث قضية الحدود مع مصر، بالاستجابة للمطلب الذي كانت القاهرة قد تقدمت به العام الماضي في هذا الشأن.
وكانت القاهرة وتل أبيب قد وقعتا، في أعقاب انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلية من قطاع غزة عام 2005، على ملحق لاتفاقية كامب ديفيد للسلام بين الدولتين يمنح مصر الحق في نشر قوة شرطة تتألف من 750 عنصراً داخل شبه جزيرة سيناء، مهمتها ضبط محاولات التهريب والتسلل عبر الحدود، وخاصة في المقطع المتصل بقطاع غزة.
وكانت مشكلة الحدود بين إسرائيل ومصر قد تفاقمت أخيراً في ظل مطالبات إسرائيلية للقاهرة بضبط جانبها من الحدود، وخاصة بعد اقتحام مئات آلاف الفلسطينيين من قطاع غزة الجدار الحدودي الفاصل عن سيناء وتدفقهم إلى الجانب المصري كسراً للحصار الذي فرضته إسرائيل عليهم.
وتزايد القلق الإسرائيلي في أعقاب عملية ديمونا الاستشهادية أول من أمس، في ظل تقديرات إسرائيلية تفيد بأن منفذيها قدما من قطاع غزة ودخلا إسرائيل عبر شبه الجزيرة المصرية.
وأشارت «هآرتس» إلى أنه في حال قبول التوصية التي ستتقدم بها ليفني اليوم، فإن ذلك سيكون بمثابة تغيير ملموس في موقف إسرائيل في هذا الشأن، وذلك على خلفية معارضة وزارة الدفاع والجيش لإجراء أي تغيير في حجم القوة المصرية في سيناء «خشية أن يمثِّل ذلك تهديداً لإسرائيل وهو سابقة لتغييرات أخرى في الملحق الأمني لاتفاقية السلام بين الدولتين».
إلا أن وزارة الخارجية لا تعتقد، بحسب الصحيفة نفسها، أن زيادة القوة المصرية ستمس باتفاقية السلام، «والدليل على ذلك، هو احترام اتفاق عام 2005». وتعلل وزارة الخارجية موقفها بأن «الوضع على الحدود بين القطاع ومصر تغير، ولهذا فعلى موقف اسرائيل أن يتغير أيضاً». وكان طاقم بحث ألفته ليفني في أعقاب نسف الحدود بين رفح وسيناء توصل إلى خلاصات وصف فيها الوضع في رفح بأنه «تغيير استراتيجي، يهدد استمرار المفاوضات السياسية».
وقال مصدر سياسي إسرائيلي رفيع المستوى أمس إن زيادة القوة المصرية لن تهدد إسرائيل، وإن هذا يشكل رداً ضرورياً على الظروف المتغيرة على الحدود. وبحسب هذا المصدر، فإن «دولة جدية يجب أن تجري طوال الوقت توازناً في ما هو الاسوأ: 750 جندياً مصرياً آخر، أم وضع راهن جديد تكون فيه الحدود فالتة، ولا تكون فيه قوات كافية لسدها؟».
وفي حال تبني توصية ليفني، سيصار إلى رفعها إلى المجلس الوزاري المصغر لإقرارها تمهيداً لبدء الاتصالات الدبلوماسية مع مصر من أجل تطبيقها.
وقال مسؤول إسرائيلي آخر، لوكالة «فرانس برس»، إن «الانتشار الإضافي لعناصر الشرطة (المصرية) يجب أن يُصادَق عليه في إطار تسوية شاملة لمشكلة الحدود بين مصر وقطاع غزة، بشرط أن تضع هذه التسوية حداً بشكل فعلي لتهريب الأسلحة ومرور إرهابيين من دون رقابة». وأضاف المسؤول نفسه أنه سيكون «على إسرائيل من جهة أخرى أن تفكر في بناء جدار أمني على طول حدودها مع مصر» البالغة 240 كيلومتراً من جنوب قطاع غزة إلى منتجع إيلات البحري على ساحل البحر الأحمر.
ورأى وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي، آفي ديختر، أن قضية الحدود بين إسرائيل ومصر قضية قديمة، مشيراً إلى أنه في نهاية المطاف «سيكون هناك سياج، إلا أنه ينبغي اتخاذ القرار: هل الأولوية لإغلاق الثغرات (في جدار الفصل) في منطقة الخليل، أم لاستكمال بناء الجدار في محيط القدس، أم بناء سياج على الحدود مع مصر». ورأى ديختر أن المعضلة صعبة وأن «دولة إسرائيل لا تستطيع أن تفعل كل شيء دفعة واحدة».
من جهته، قال وزير البنى التحتية الإسرائيلي بنيامين بن اليعازر، في حديث إذاعي: «هناك أوتوستراد ثنائي الاتجاه بين قطاع غزة ومصر، وأي شخص يمكنه التسلل إلى أراضينا من سيناء، لأن الباب مفتوح للانتحاريين». وأضاف أن «على إسرائيل أن تدرس، كمشروع وطني، بناء حاجز على طول الحدود خلال سنة مع مصر».
إلى ذلك، عززت إسرائيل أمس إجراءاتها الأمنية غداة عملية ديمونا في ظل الخشية من احتمال تسلل مقاومين فلسطينيين آخرين عبر سيناء إلى داخل إسرائيل.
وقال ضابط رفيع في الشرطة الإسرائيلية، للإذاعة الإسرائيلية، إن «قواتنا وضعت في حالة تأهب متقدمة، لأننا نخشى موجة من الاعتداءات الإرهابية بعد اعتداء الاثنين في ديمونا».
وحالة التأهب المتقدمة هي أعلى حالة استعداد في إسرائيل قبل إعلان حالة الطوارئ.
وقال الضابط نفسه: «حشدنا آلافاً من رجال الشرطة وحرس الحود المدعومين بمتطوعين لتطويق القطاعات ذات الكثافة السكانية العالية ومراقبة المناطق الحساسة، وخصوصاً على طول الحدود مع مصر».
ودان الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز عملية ديمونا، مشيراً إلى أنها تهدف إلى «قتل كل فرصة للسلام في مهدها»، فيما دعا رئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، تساحي هانغبي، إلى استئناف الاغتيالات المحددة للقيادة السياسية لحركة «حماس».
(الأخبار، أ ف ب)