محمد بدير
رفعت إسرائيل أمس وتيرة تهديداتها لقطاع غزة، ملمِّحةً إلى إمكان استهداف القيادة السياسية لحركة «حماس»، في وقت أشارت فيه تقارير إعلامية عبرية إلى عودة خيار العملية البرية الواسعة ضد القطاع إلى طاولة البحث في إسرائيل.
ونقلت صحيفة «جيروزالم بوست»، أمس، عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إن «الحكومة قد تقرر تصعيد ردود فعلها ضد حماس عبر استهداف قادتها السياسيين في حال استمرار إطلاق صواريخ القسام على إسرائيل».
وأشار المسؤولون أنفسهم إلى أن «إسرائيل قامت في الأسابيع الماضية بتصعيدٍ تدريجي لردها على الهجمات الصاروخية التي تتعرض لها، بدءاً باستهداف المتورطين في عملية الإطلاق، مروراً باستهداف القادة الإرهابيين المعروفين، وصولاً إلى استهداف رموز سلطة حماس في القطاع، كما حصل في الغارة على مركز الشرطة في خان يونس الأسبوع الماضي».
وأوضح المسؤولون أن «الخطوة المنطقية التالية ستكون اتخاذ قرار باستهداف القيادة السياسية (لحماس) كما فعل أرييل شارون في آذار 2004 عندما قتلت إسرائيل الشيخ أحمد ياسين والقيادي عبد العزيز الرنتيسي خلال شهر».
ورأت صحيفة «هآرتس» أن وتيرة التصعيد الأخير على جبهة القطاع تشير إلى «نزعة رئيسية واحدة: عودة خيار العملية العسكرية الواسعة في غزة إلى جدول الأعمال (الإسرائيلي)». وأوضحت أن خطوة الجيش الكبرى، الموجودة قيد البحث منذ عام ونصف العام تقريباً، كانت قد «شطبت من دائرة التداول في الأشهر الأخيرة» لأسباب عديدة أهمها: عدم اقتناع القيادة السياسية في إسرائيل بجدوى الخطط التي يقترحها الجيش على هذا الصعيد والخشية من ارتفاع الكلفة في الإصابات وعدم القدرة على تخطيط «وضع نهاية» للعملية، إضافة إلى الشلل الذي أصاب الحلبة السياسية في إسرائيل عشية نشر تقرير فينوغراد.
لكن التغيير الذي طرأ أخيراً على المقاربة الإسرائيلية لخيار العملية البرية الواسعة يرتبط، بالتطورات الحاصلة على حدود القطاع مع مصر، بعدما أشارت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية إلى دخول أسلحة بكميات ونوعيات لا سابق لها إلى القطاع عبر الثغرة التي ولّدها تفجير السياج الفاصل بين رفح الفلسطينية والمصرية إضافة إلى دخول عشرات المقاومين الفلسطينيين الذين خضعوا لدورات عسكرية تخصصية في الخارج.
ووصفت مصادر أمنية إسرائيلية ما حصل بأنه «تغيير جذري في الوضع»، فيما رأت مصادر سياسية فيه «تغييراً استراتيجياً» يقتضي المعالجة المركزة.
ورأى مراسل الشؤون العسكرية في «هآرتس»، عاموس هارئيل، أن الخطوات التي تتخذها إسرائيل راهناً حيال قطاع غزة، كالحصار الاقتصادي وتقليص كمية الكهرباء والعمليات البرية المحدودة، هي محطات ضرورية ينبغي لإسرائيل أن تجتازها قبل أن يُتخذ القرار النهائي بشن اجتياح واسع.
وفي السياق، نقلت صحيفة «يديعوت» عن مصادر عسكرية قولها إن أفراد «حماس» يعدون أنفسهم طوال الوقت لمواجهة عملية برية واسعة. وأوضحت أنه «يمكن الوقوف على تطور حماس في كل احتكاك مع جنود الجيش الإسرائيلي في القطاع. إذ نرى رجالاً أكثر تدريباً وأكثر تجهيزاً ويعملون كالجيش. وإن لم يكن ذلك كافياً، فمن الممكن أن نلحظ تقدمهم في عمليات إطلاق صواريخ القسام، وفي المواقع التي حفروها واكتشفت هذا الأسبوع في جباليا. ونحن نعلم أن حماس أعدت لعمليات جاهزة للتنفيذ وتنتظر القرار لتخرج إلى حيز التنفيذ».
إلى ذلك، في سابقة تشير إلى ما تستشرفه تل أبيب على جبهة القطاع، قررت وزارة الدفاع الإسرائيلية الشروع في تحصين عسقلان ضد صواريخ «قسام» و«غراد»، على أن تعطى الأولوية في البداية لتصفيح نوافذ المؤسسات التعليمية في المدينة، التي تبعد نحو 15 كيلومتراً عن الحدود الشمالية للقطاع. وعلّق مصدر أمني على القرار بالقول: «ثمة شيء غير جيد يحصل اليوم في الجنوب، وعلينا أن نستعد بناءً على ذلك».