strong>محمد بدير
دعوات إلى اغتيال قادة «حماس» ومحو أحياء في غزة وتجنّب «تردّد لبنان» وعدم تكراره

وصل المأزق الإسرائيلي حيال جبهة غزة أمس إلى نقطة قياسية جديدة، بعدما كانت بلدة سديروت خلال الأيام الماضية مسرحاً لهجوم صاروخي هو الأعنف منذ فترة طويلة، أسهم في تظهير عجز الحكومة والجيش الإسرائيليين عن حل «مشكلة القسّام» بالوسائل العسكرية. وشهد الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء الإسرائيلي تجاذباً بين دعوات إلى حلول جذرية أطلقها بعض الوزراء ووعود بمعالجة المشكلة بـ«انتظام ومنهجية» كما صرح رئيس الوزراء، إيهود أولمرت.
وأعلن أولمرت أن «إسرائيل ستستهدف كل المسؤولين عن إطلاق الصواريخ عليها من قطاع غزة، ولن تستثني أو تراعي أحداً». وقال «سنصل إلى كل العناصر الإرهابيين والمسؤولين عنهم ومرسليهم ومشغليهم، ولن نأخذ أحداً بالحسبان».
وحاول أولمرت احتواء حالة السخط الشعبي التي سادت المستوطنات المحيطة بقطاع غزة عموماً، وخصوصاً مستوطنة سديروت، التي كانت عرضة لنحو 40 صاروخاً في نهاية الأسبوع الماضي أصيب جراءها شخصان بُترت ساق أحدهما.
وإذ أعرب أولمرت عن تفهمه «للألم المشترك» الذي يعانيه سكان بلدات «غلاف غزة»، رأى أن «الغضب ليس خطة عمل ويجب العمل بصورة منهجية ومنتظمة لوقت طويل»، مضيفاً «هذا ما نفعله وسنواصل فعله». وتباهى بقتل نحو 200 فلسطيني في الشهرين الأخيرين، معتبراً أن هذا «الإنجاز» جاء نتيجة عمليات جيش الاحتلال.
وقال أولمرت إن وزير الدفاع إيهود باراك هو الذي يمنع إجراء بحث بشأن عملية عسكرية واسعة في قطاع غزة، تحسباً من تسرب الأمر لوسائل الإعلام. وأضاف إن «باراك يخشى من تسرب تفاصيل المداولات لوسائل الإعلام الأمر الذي سيتيح لحماس إمكان اكتشاف الموضوع والاستعداد لعملية عسكرية محتملة للجيش الإسرائيلي».
وبدا واضحاً خلال الجلسة الحكومية وقبلها أن كلّاً من أولمرت وباراك، تجنّدا لمواجهة موجة الانتقادات التي تناوب الوزراء على إطلاقها حيال الأوضاع على جبهة قطاع غزة.
وشدد باراك على أن «الجيش يعمل بسرعة وتصميم ويقوم بعمل شديد سيزيد حدة»، مستبعداً شن عملية واسعة في الوقت الراهن، وموضحاً «سنقوم بها عندما يلزم الأمر وعندما يكون ذلك في مصلحة الدولة».
وفي وقت لاحق، أعلن باراك، خلال زيارة قام بها إلى سديروت، أن «العمليات العسكرية ضد إطلاق الصواريخ ستستمر والجيش الإسرائيلي ينفذ عمليات مختلفة في القطاع، بعضها سريّ، من أجل تقليص الهجمات الصاروخية».
وتلقّى باراك ونائبه فلنائي في سديروت استقبالاً غاضباً، حيث طالبه سكان محليون بالاستقالة ووصفوه وبقية القيادة الإسرائيلية بأنهم يأتون لزيارة المدينة «كالفئران».
وشهد اجتماع الحكومة سلسلة من التصريحات النارية لعدد من الوزراء الذين تنافسوا في اقتراح حلول لمشكلة «القسام» راوحت بين هدم أحياء كاملة في القطاع، وتصفية القيادة السياسية لحركة «حماس» وشن عملية برية واسعة ضد القطاع.
وانتقد وزير المواصلات، شاؤول موفاز، أداء الحكومة، معتبراً أن «أهداف العمليات العسكرية (الإسرائيلية) ليست محددة وعلينا تحديد ما نريد تحقيقه وبناء عليه نعمل». ودعا إلى اغتيال قادة «حماس» العسكريين والسياسيين. ورأى أنه «لا شيء اسمه ذراع سياسي في حماس، فجميعهم ضالعون في الإرهاب وأنا لا أفهم لماذا لم يتم حتى الآن اغتيال محمود الزهار وهو ضالع بصورة مباشرة في الإرهاب».
وحذا وزير الإسكان الإسرائيلي، زئيف بويم، حذو موفاز في الدعوة إلى تصفية القادة السياسيين لحركة «حماس»، بمن فيهم رئيس الحكومة المقالة اسماعيل هنية. وقال، لإذاعة الجيش الإسرائيلي، «إنها قواعد الحرب، في غزة يجب أن نتحدث بلغة قتالية أكثر ليتم فهمنا. إن كل أعضاء القيادتين السياسية والعسكرية لحماس متورطون في الإرهاب». وقال إنه يؤيّد «الهجمات على رؤوس الأفاعي بدءاً بهنية وكل الذين هم في مراتب أدنى».
من جهته، طالب وزير الداخلية الإسرائيلي، مائير شطريت، بأن يمحو الجيش الإسرائيلي حياً بأكمله في غزة عن وجه الأرض واغتيال قادة حماس رداً على الهجمات الصاروخية. وقال، للإذاعة الإسرائيلية، إن «مهمتنا إحضار جميع المسؤولين عن هذه الأعمال (إطلاق صواريخ القسام) إلى المحاكمة وأن ننفّذ الحكم بهم وبمن فيهم قادة حماس ويجب المس بجميع المسؤولين عن الإرهاب من دون أن نسأل من يكونون ولا يعقل ألا نرد على الهجمات ضدنا». وأضاف «على الجيش محو حي في غزة. تحذير السكان ومن ثم الدخول للحي».
ولجأ وزير الأمن الداخلي، أفي ديختر، خلال اجتماع الحكومة، إلى تلاوة مقطع من تقرير فينوغراد النهائي بشأن تردد إسرائيل في تنفيذ عمليات برية واسعة في لبنان. وقال إن «نتائج التوغلات المحلية والمحدودة تسبب انعدام رضى لدى ضباط وجنود الجيش، وفي غضون ذلك أصبحت الجبهة الداخلية معرضة لصواريخ القسام، ورغم ذلك لا يتم تنفيذ عملية عسكرية لتوفير الرد» على هذه الهجمات.
بدوره، قال النائب الأول لرئيس الوزراء الإسرائيلي، حاييم رامون، إن إطلاق صواريخ القسام هو «جريمة حرب وبموجب معاهدات دولية مسموح بالرد عليها بإطلاق النار نحو مصدرها». وأضاف «علينا قطع التيار الكهربائي مباشرة بعد إطلاق صواريخ قسام ليكون واضحاً لماذا نفعل ذلك».
كذلك، دعا رئيس المعارضة ورئيس حزب الليكود بنيامين نتنياهو إلى شن عملية واسعة في قطاع غزة وجعل «حماس» تدفع ثمناً غالياً. وقال، لإذاعة الجيش الإسرائيلي، «إننا ملزمون بالانتصار في الامتحان، والامتحان هو وقف إطلاق صواريخ القسام وإعادة الأمن». ورأى أن الجيش الإسرائيلي قادر على الانتصار من خلال عملية عسكرية واسعة في القطاع لكن الحكومة هي التي تمنعه مثلما حدث في حرب لبنان الثانية.

مهمتنا إحضار جميع المسؤولين عن هذه الأعمال (إطلاق صواريخ القسام) إلى المحاكمة وأن ننفذ الحكم بهم، بمن فيهم قادة حماس ويجب المس بجميع المسؤولين عن الإرهاب من دون أن نسأل من يكونون ولا يعقل ألا نرد على الهجمات ضدنا