كشفت صحيفة «هآرتس»، أمس، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، إيهود أولمرت، أجرى حين كان رئيساً لبلدية القدس عام 2000 مفاوضات مع الفلسطينيين بشأن المدينة المحتلّة.وذكرت الصحيفة أن أولمرت دوّن مذكرات عن هذه المفاوضات، وكان يُطلع عليها بصورة متواصلة رئيس الوزراء الإسرائيلي في حينه إيهود باراك، مشيرة إلى العلاقات الوثيقة والمعقدة بين «الإيهودين».
وبحسب المذكرات التي دوّنها أولمرت، فإن هذه المفاوضات بدأت في آب 2000، بعد فترة قصيرة من فشل محادثات باراك والزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في كامب ديفيد، وقبل أسابيع قليلة من دخول رئيس المعارضة الإسرائيلية آنذاك أرييل شارون إلى الحرم القدسي واندلاع الانتفاضة.
في حينه، طلب الملياردير اليهودي النمساوي مارتين شلاف، الذي يملك كازينو «أوزاريس» في أريحا، لقاء أولمرت، ورافقه شريكه محمد رشيد، المقرّب من عرفات ومستشاره المالي، وكان هدف اللقاء التوصل إلى تفاهمات سياسية مع أولمرت بشأن قضية القدس المحتلة.
وعُقد اللقاء بين الجانبين في 9 آب 2000 في فندق الملك داوود، وأبلغ أولمرت بعدها باراك باللقاء. وكتب أن «تنسيق اللقاء يدل على أن الخطوة مخطط لها، ويبدو أنها بموافقة عرفات وبتوجيهه». وأضاف: «قال رشيد إنهم مهتمون بالتحدث معي بشأن موضوع القدس: إن ما ستوافق عليه أنت (أولمرت) سيوافق عليه باراك أيضاً».
وبحسب المذكرات، فإن رشيد شدد على مسألة السيادة الفلسطينية على منطقة الحرم القدسي، وأبلغ أولمرت أن «عرفات لن يوافق أبداً» على اتفاق يجري الاعتراف من خلاله بسيادة إسرائيلية على الحرم. وطالب رشيد بأن «يرفع العلم الفلسطيني فوق المساجد. وفي ما يتعلق ببقية جبل الهيكل فإنه سيسلَّم إلى وصاية دولية، وهذه بدورها تسلّمه إلى السلطة لحراسته». وأكد رشيد أن «الفلسطينيين سيوافقون على إقامة كنيس في الغلاف الخارجي لأسوار جبل الهيكل، وسيوافقون على قيود بخصوص الحفريات في جبل الهيكل».
وكتب أولمرت في مذكراته أن «باراك قال إنه يشتم من سياق اللقاء رائحة ليست جيدة، فهو يعلم أن الفلسطينيين يبذلون جهداً لإنشاء مسارات محادثات بديلة، ويحاولون العمل مع جماعة بار أون للحصول على موافقتها»، والمقصود الرئيس السابق لحزب «شاس» أرييه درعي، وأفيغدور ليبرمان.
وأضاف أولمرت أن باراك «نظر بخطورة بالغة إلى هذه المسارات البديلة، واعتقد بأن شخصاً مثل ليبرمان لديه طريقة لمعرفة أمر هذه اللقاءات وفحواها من مصادره الخاصة. وطلب (باراك) مني أن أستمر في هذه الاتصالات من خلال التيقظ لما قاله، وأجبت أنه على أثر هذه المعطيات يفضّل ألا أجري لقاءات كهذه أبداً».
لكن في 28 أيلول 2000، دخل شارون باحات الحرم، واندلعت الانتفاضة. وفي 19 تشرين الأول، التقى أولمرت مجدداً مع شلاف ورشيد. وكتب أولمرت، في مذكراته، أن «رشيد قال إنه وصل إلى اللقاء بتصريح خاص من عرفات، وعبّر عن خيبة أمله من موقف باراك وتصرّف إسرائيل في الأسابيع الأخيرة». وأضاف أنه «من نبرة الأمور يظهر بوضوح أن رشيد يتحسّب من إمكان عدم تجديد العملية السياسية، وكرر أنه لا يوجد منطق لأن يوقف الفلسطينيون المواجهات إذا لم يتعهد باراك مسبقاً بتجديد العملية السياسية من النقطة التي توقفت عندها».
وقال أولمرت إن «رشيد اعترف بأن عرفات قادر بإشارة من إصبعه على شل (أمين سر حركة فتح في الضفة مروان) البرغوثي، وإن عرفات لن يلتزم بوقف إطلاق نار علني من دون أن يكون هناك إمكان مسبق للاتفاق على كيفية رد إسرائيل، وإلا فإنه سوف يَذلّ نفسه علناً، وبعد ذلك سيُذَل برد فظ واستعلائي يميِّز إيهود باراك».
(يو بي آي)