علي حيدر
لم يطل أمد الابتسامة التي ميّزت وجوه قادة إسرائيل على اغتيال القيادي في حزب الله عماد مغنية، لتحل بدلاً منها ملامح الذعر والقلق. ودخلت الدولة العبرية، بعد تهديد السيد حسن نصر الله بالرد بـ«حرب مفتوحة»، في حالة قصوى من التوتر والاستنفار ورفع حالة التأهب في صفوف قواتها وأجهزتها الأمنية والعسكرية

أعلنت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية حالة التأهب القصوى خوفاً من انتقام حزب الله لاغتيال عماد مغنية. وأصدر جيش الاحتلال بياناً استثنائياً باسم رئيس هيئة الأركان العامة، غابي أشكنازي، تضمّن أمراً برفع مستوى الاستعدادات في الجو والبر والبحر. وتقرر في القيادة الشمالية منع خروج الوحدات القتالية العاملة على الحدود مع لبنان وفي منطقة هضبة الجولان بالاضافة الى نقل فرق التأهب التابعة لوحدات خاصة إلى هذه المنطقة.
وذكر المعلق الأمني في صحيفة «معاريف»، عامير ربابورت، «في المؤسسة الأمنية، استمعوا بتوتر إلى خطاب نصر الله وحللوا بحرص كل كلمة قالها في خطابه الذي هدّد فيه إسرائيل بحرب مفتوحة». وقال ربابورت إن التقدير الذي خلصوا إليه هو أن «نصر الله يقصد ما يقوله وبأن جبهة الحرب مع إسرائيل ستفتح قريباً وأنها ستتوسّع خارج الحدود اللبنانية». وأضاف «يخشون في إسرائيل من أن يؤدي انتقام حزب الله إلى رد إسرائيلي في لبنان، مما سيعيد فتح المواجهة بين الجانبين من جديد التي ستتضمن إطلاق صواريخ على إسرائيل. ونتيجة لهذا الاحتمال تقرر رفع حالة التأهب في القيادة الداخلية».
وفي السياق، التقى رئيس الوزراء إيهود أولمرت مع كل من وزير الدفاع إيهود باراك، ورئيس «الموساد» مئير دغان، ورئيس «الشاباك» يوفال ديسكين، ورئيس الأركان غابي أشكنازي، للبحث معهم في الاستعدادات لمواجهة ما قد يقوم به حزب الله ثأراً لاغتيال مغنية.
ووجهت مصادر في مكتب أولمرت تحذيراً لحزب الله أوضحت فيه أن «إسرائيل ستنظر بعين الخطورة الزائدة لأي عملية مسّ بمنشأة إسرائيلية أو يهودية في الخارج». وقالت إنه «سيكون هذا مسّاً بسيادة تلك الدولة، ومسّاً بدولة إسرائيل».
بدورها، قالت مصادر في وزارة الخارجية، بحسب وسائل الإعلام الإسرائيلية، إنه «لا إنذارات على عمل وشيك ولكن بالتأكيد هناك تقديرات بأن المنظمات الإرهابية ستحاول تنفيذ العملية في أسرع وقت ممكن». وأضافت «نعمل على كل الاتجاهات. ونفترض أنه سيستغرق العمل المطلوب وقتاً لتنفيذ عمليات كبيرة وهي لن تحدث في الصباح»، مشيرة الى أن «تعزيز القوات وإعلان حالة التأهب سيفاقم المصاعب على المنظمات الإرهابية لتنفيذ عمليات». وقال دبلوماسي إسرائيلي يخدم في الخارج أمس إنه «يشعر بأن شيئاً قد تقرر وأن عملية ضد سفارة إسرائيلية في الخارج هي مسألة وقت فقط».
وتتركز الخشية الاسرائيلية من أن يقوم حزب الله بخطف جنرالات احتياط وشخصيات أخرى أثناء قيامها برحلات الى الخارج.
وكرّر رئيس «مكتب مكافحة التجسّس» التابع لرئاسة مجلس الوزراء، الجنرال احتياط نيسان أوريال، التعليمات الصارمة بلزوم الحذر للاسرائيليين، الذين أوصاهم بتجنّب الذهاب «الى الدول العربية والاسلامية» وتجنّب التجمع. ودعا العائلات في اسرائيل الى «تنبيه أقربائهم في الخارج من المخاطر على الفور». وأوضحت الإذاعة الإسرائيلية أن «هذه التعليمات العامة ضرورية لأن حزب الله أثبت في الماضي قدرته على تسديد ضربات».
وفيما رأى مسؤولون أمنيون إسرائيليون أن اغتيال مغنية أحدث ضربة قوية هزّت حزب الله إلا أنهم توقعوا أن «يبذل كل ما في وسعه لتسديد ضربة لإسرائيل، في أسرع ما يمكن، يكون لها أكبر وقع ممكن». وتركزت المخاوف الإسرائيلية على توجيه ضربات للإسرائيليين واليهود في الخارج.
وقال دبلوماسيون إسرائيليون في الخارج إنهم يشعرون بأن «شيئاً كبيراً يوشك على الحدوث». وقال أحدهم، لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، «نحن نفهم أن شيئاً كبيراً سيحصل ولذلك ينبغي الاستعداد لشيء جدي». وأوضح أنه شخصياً لا يشعر بالخوف «ولكن يمكنني أن أقول لك إن زوجتي لا تنام في الليل».
وقال مصدر أمني رفيع المستوى إن «حزب الله ورفاقه في صدمة تامة وعليه ينبغي الافتراض أنهم سيحاولون العمل بسرعة كي يظهروا أنهم يقفون على أقدامهم. وفي مثل هذه الحالة، لا يمكن لإسرائيل أن تقعد وتنتظر العملية التي ستأتي وهي ملزمة بأن تتخذ جانب الحذر. وتقديرنا ينبع أساساً من الاتهام المتكرر من جانبهم بأن إسرائيل هي التي صفّت مغنية».