معاريف ــ عامير ربابورت
يفترض بالنشاطات المعادية في عمق العاصمة السورية أن تقلق بشار الأسد وتثير لديه تساؤلات عن قدرة قواته الأمنية على معرفة ما يجري حولها، وبالتالي حمايته إزاء مشاكله الكثيرة.
لقد رفع الجيش الإسرائيلي من مستوى جهوزيته في هضبة الجولان إلى حده الأقصى بعد قصف المفاعل النووي (في دير الزور)، ما ردع السوريين عن توجيه ضربة إلى إسرائيل. لكن عدم توجيه الضربة المباشرة أدّى إلى التقدير في إسرائيل بأن السوريين يحضرون لتنفيذ عملية انتقامية ضد هدف ما في العالم من دون بصمة منهم، ويحتمل أن يكون مغنية قد تعاون معهم لتنفيذ مثل هذه العملية، إلا أنه الآن، قد انتهى.

معضلة نصر الله

هل سيقدم حزب الله بالفعل على الرد على غرار الرد الذي قام به في بيونس آيرس بعد اغتيال زعيمه السابق الشيخ عباس الموسوي في شباط عام 1992، والذي استهدف السفارة الإسرائيلية ومبنى الجالية اليهودية في العاصمة الأرجنتينية؟ المسألة ليست مؤكدة تماماً.
إذا ما تمعنّا جيداً في الوضع المتشكل، من وجهة نظر زعيم حزب الله حسن نصر الله، فإن إقدامه على تنفيذ عملية مؤلمة قد يؤدّي إلى مقتله هو. وهنا نشير إلى أنه، مع كل الانتقادات المحقة في إسرائيل في شأن كيفية إدارة حرب لبنان الثانية، فإن نفس الاستعداد للخروج إلى حرب بعد عملية الخطف قرب الحدود (مع لبنان في تموز 2006)، يثبت أن إسرائيل «دولة مجنونة».
أضف إلى ذلك، أن القدرة الاستخبارية في كشف مكان عماد مغنية وتصفيته، يجب أن تقلق نصر الله، الذي يعلم جيداً، كما علم مغنية، أنه كان هدفاً للاغتيال في ذروة حرب لبنان الثانية، لكن الأمر لم ينجح، ولو قتلا في صيف 2006، لكانت نتائج الحرب مغايرة، فلا شك في أن قرار وضع عماد مغنية، وليس نصر الله، هدفاً أول للتصفية بعد حرب لبنان، هو قرار صائب، على فرض أن ما ينشر عن تورط إسرائيل في العملية صحيح. ففي نظر العالم كله، فإن كبير القتلة الملطخة يديه بدماء آلاف الضحايا، هو هدف شرعي لتصفية بالمطلق، كما أن إبعاده عن الساحة سيُحدث ضرراً كبيراً في القدرات العملانية لدى حزب الله. وإذا قام حزب الله برد على عملية قتله بشكل دامٍ، ضد أهداف إسرائيليّة أو يهودية، فقد يكون نصر الله هو الهدف التالي للتصفية. كما يفترض به أن يعرف أن تحديد مكان زعيم سياسي مثله، في بيروت، هو أسهل من تحديد مكان إرهابي مراوغ مثل مغنية في قلب دمشق.
رغم ذلك، لا يمكن لنصر الله أن يسمح لنفسه بالتجلد إزاء تصفية رمز حزب الله وعموده الفقري. فكيف سيتصرف؟ على الأيام أن تقدّم الإجابة.

معضلة إيران

يحتاج نصر الله في هذه الأيام إلى عماد مغنية كمستشار في هذه الايام الصعبة. وبغيابه، سيكتفي بمستشارين أقلّ شأناً منه، سواء من ضمن حزب الله أو من بين الإيرانيين الداعمين له.
لكن تصفية مغنية تضع إيران، أيضاً، أمام معضلة ليست بالسهلة. وبالطبع ستسر طهران لتقديم مساعدة لأي منظمة إرهابية تنوي تنفيذ عملية انتقامية ضد إسرائيل، وهو ما قاموا به قبل اغتيال مغنية، لكن الإيرانيين لا يريدون أن يتورطوا مع الاسرة الدولية، وخاصة أن هدفهم الاستراتيجي الاعلى هو الوصول إلى قنبلتهم النووية الأولى بسلام، وحينما تصبح لديهم القنبلة، فسيكون هامش تحركهم أكبر بكثير تجاه أي عمل يشخصونه كاعتداء.
لكن، يمكن الاعتماد على العقول الإيرانية الإبداعية، الذكية والجريئة، في إيجاد وسيلة لتقديم المساعدة لنصر الله للرد على عملية الاغتيال.

معضلة «حماس»

تفصل غزة عن ساحة العملية في دمشق مئات من الكيلومترات، إلا أن تداعيات تصفية مغنية قد تكون دراماتيكية على الساحة الجنوبية لإسرائيل. وهنا يمكن الإشارة إلى أنه رغم أنّ أصل الانجذاب الإسرائيلي العام منذ صيف 2006 مكرّس لمعاتبة الذات، لكن الردع الإسرائيلي في حالة متواصلة من الترميم الدائم.
منذ شهر تشرين الثاني الماضي، قتل ما يصل إلى مئتي فلسطيني في قطاع غزة جراء عمليات عسكرية (إسرائيلية)، اضافة إلى الحصار الاقتصادي على غزة، لكن ذلك ليس كافياً لإيقاف إطلاق صواريخ «القسام» غير المنقطع، إلا أن قائدي «حماس»، خالد مشعل وموسى أبو مرزوق، يفهمان جيّداً أن من قطع شريان حياة مغنية قادر على قتلهما في دمشق، حيث يمكثان.