هآرتس ـ تسفي بارئيل
هل العالم أكثر أماناً من دون عماد مغنية؟ الجواب العفوي الغريزي هو «نعم». وحتى بعد استراحة خفيفة وتفكير معمق وأخذ ورد، يبقى الرد «نعم». إلا أن حساب المنفعة والتكلفة يزعزع هذا الاعتقاد.
هناك إجماع على مسألة واحدة. تصفية عماد مغنية لا تضع حداً للإرهاب أو الحرب عليه. لماذا السرور والاغتباط إذاً؟ هذا السرور يعد لربط الإرهاب بشخصيات مركزية، ووضعها كمحور مركزي لظاهرة الإرهاب وتجاهل الأسباب التي تحث هذه الظاهرة وتقف من ورائها. شعار «الإرهاب هو الإرهاب هو الإرهاب» يتمخض عن نظرية قتالية ضيقة الأبعاد والآفاق ومتمحورة حول شخصيات مركزية يمكنها أن توفر شعوراً كبيراً بالرضى عندما تقطف رؤوسها ورموزها. لكن ذلك يمكنه أن يحرف الجهود عن الهدف الأساسي ومكافحة فعالة للظاهرة.
المثل الأقرب هو طريقة القتال التي تخوضها إسرائيل ضد «حماس» وحزب الله. هذان التنظيمان تنظيمان إرهابيان بسبب طرق القتال التي يتبعانها ضد إسرائيل. كلاهما يمتلك إيديولوجية متشابهة ويسعى إلى إبادة إسرائيل. رغم هذه الإيديولوجية، إلا أنهما تنظيمان عقلانيان يدركان أن الهدف الإيديولوجي يلزمهما اتباع سياسة عملية حتى يتمكنا من البقاء، على الأقل إلى أن يحققا هذه الإيديولوجيا.
لهذا السبب هما مستعدان لتبني شروط وجود حركة سياسية: «حماس» تطرح نفسها تنظيماً وطنياً فلسطينياً يهدف إلى إزالة الاحتلال وحزب الله يستخدم المفاهيم نفسها تقريباً عندما يتعلق الأمر بمهمة وطنية لبنانية ترمي إلى إبعاد إسرائيل عن أرض لبنان.
كلا التنظيمين يحاولان فرض قواعد لعبة «ممكنة» على إسرائيل. حزب الله «يوافق» على عدم مهاجمة إسرائيل، ما دامت لا تهاجم الأراضي اللبنانية. و«حماس» تطرح شروطاً مشابهة: وقف إطلاق نار مع إسرائيل في مقابل توقفها عن الهجوم وإطلاق سراح السجناء.
حزب الله و«حماس» بحاجة إلى مظلة الدولة حتى تبرر ادعاءاتهما الوطنية. الدولة اللبنانية أو الدولة الفلسطينية المقبلة هما تبرير لتحركات التنظيمين وأعمالهما.
هذا بالضبط الأساس الذي يمكن إسرائيل أن تستخدمه حتى تكافح ظاهرة الإرهاب التي يمارسها هذان التنظيمان. إجراء مفاوضات مع السلطة الفلسطينية وإقامة دولة فلسطينية بسرعة يمكنهما أن يحوِّلا «حماس» إلى مشكلة فلسطينية داخلية وينتزع منها ذريعة الكفاح الوطني. إجراء مفاوضات مع سوريا والتوصل إلى اتفاقيات بصدد لبنان أيضاً قد ينتزع الذرائع التي يستخدمها حزب الله.