علي حيدر
تشهد إسرائيل عملية تنشيط ذهني غير مسبوقة في محاولة لاستشراف سيناريوات رد حزب الله على اغتيال القائد العسكري الحاج عماد مغنية. وبعدما كانت في موقع المبادر، انتقلت الدولة العبرية إلى موقع المتلقي ودخلت في مرحلة انتظار واستنزاف نفسي وسياسي لن تستطيع تحملها لفترة طويلة، لأن تكاليفها وأعباءها ستزداد كلما طال أمد الرد

قال ضباط رفيعو المستوى في الجيش الإسرائيلي أمس إن رد حزب الله على اغتيال القيادي عماد مغنية «لا شك فيه، وإنه سيأتي وسيكون قاسياً ومؤلماً»، وإن أقروا بأن «الجيش لا يستطيع التكهن من أين سيأتي الانتقام».
وأوضح معلق الشؤون العسكرية في صحيفة «هآرتس»، عاموس هرئيل، أن إسرائيل «تخشى من أن يكون حزب الله يحضّر لها مفاجأة أخرى»، بعد مفاجآت سابقة واجهتها في «الأرجنتين، وإرسال الطائرة من دون طيار إلى الشمال عام 2005 وضرب البارجة العسكرية حانيت» خلال الحرب على لبنان.
وفسرت الصحيفة الحيرة الإسرائيلية بأنها لا تعود فقط إلى التغطية المعلوماتية الاستخبارية الإسرائيلية الجزئية عن حزب الله، بل أيضاً لوجود احتمالات عديدة للرد بيد الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله، وبأنها جميعها «سيئة بما فيه الكفاية» بالنسبة إلى إسرائيل.
وفيما جزم هرئيل بأن حزب الله سيرد انطلاقاً من أن «نصر الله بنفسه هو من التزم بذلك»، إلا أنه وجد نفسه مضطراً للاعتماد على تقديرات كيفية حصول هذا الرد ومكان تنفيذه. وقال هرئيل إن مهاجمة أهداف إسرائيلية ويهودية خارج إسرائيل «ستربك حزب الله وتعيده إلى موقعه القديم كتنظيم إرهابي ضد الغرب، وهو ما سيجعله في خانة واحدة مع تنظيم القاعدة». وخلص هرئيل إلى أن «إمكان تنفيذ سيناريو كهذا في أوروبا، أقل منطقية». في المقابل «فإن إمكان حصوله في مناطق بعيدة مثل جنوب أميركا وجنوب شرق آسيا أكثر مدعاةً للقلق».
واستبعد هرئيل قيام حزب الله برد صاروخي باتجاه الجليل لأنه سيؤدي إلى حرب أخرى «ولأن من المحتمل أن يرد الجيش الإسرائيلي بشكل هائل، في مربع الضاحية وفي جنوب لبنان». لكنه عاد وأكد أن «إسرائيل تتوقع رداً قاسياً، ولذلك بادرت إلى القيام بخطوات تحذيرية عامة، عبر تعزيز محدود لقواتها على الحدود الشمالية ورفع حالة الاستعداد في سلاح الجو، بالإضافة إلى توجيه إرشادات لتحذير السياح خارج إسرائيل».
وفي السياق، نقلت صحيفة «جيروزاليم بوست» عن مسؤول أمني إسرائيلي رفيع المستوى قوله إن من المحتمل أن تكون المؤسسات الإسرائيلية واليهودية في أفريقيا أهدافاً لحزب الله الذي يعمل للانتقام من اغتيال قائد عملياته، عماد مغنية». وأوضح أن «حزب الله له حضور قوي في شمال أفريقيا وغربها، ويمكنه أن يستغل الأمن المتساهل في أنحاء القارة، بالإضافة إلى الأجهزة الأمنية الضعيفة، ما يُسهل عليه هجومه الانتقامي».
وقدَّر المسؤول أن حزب الله يبحث عن توافر ثلاثة عناصر لتنفيذ انتقامه: «بلد نظامه ضعيف واستخباراته وأجهزته الأمنية ضعيفة، ويحتوي على طرق هروب سهلة نسبياً».
وفي سياق الاستعدادات لمرحلة الانتقام، أمر رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي غابي أشكنازي بفحص استعدادات المستوطنات الشمالية التي لم تنتظر توجيهات قيادة توجيهات الجبهة الداخلية وبدأت العمل بنشاط لإنهاء كل أعمال التجهيز قبيل المعركة المقبلة.
وأفادت مصادر أمنية إسرائيلية بنشر منظومة صواريخ «باتريوت» المضادة للصواريخ في محيط منطقة حيفا تحسباً لإطلاق حزب الله صواريخ باتجاه العمق الإسرائيلي.
إلى ذلك، ذكرت وكالة «فرانس برس» أن الحكومة الأرجنتينية شددت نهاية الأسبوع الماضي الإجراءات الأمنية حول الممثليات الإسرائيلية والمؤسسات اليهودية بعد اغتيال مغنية. ولفتت إلى أن وزير العدل أنيبال فرنانديز اتخذ هذا القرار بطلب من وفد المؤسسات الإسرائيلية الأرجنتينية بعد إعلان حزب الله نيته شن عمليات انتقامية على أهداف ذات علاقة بإسرائيل في الخارج.