منذ اللحظة الأولى التي شكر فيها الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، الإمارات بالتحديد من بين دول الخليج، في خطابه الأخير، كان لا يمكن تقدير أن العلاقة المصرية ـ الخليجية على أحسن أحوالها كليّاً كما كانت قبل وفاة ملك السعودية، عبد الله. فبرغم زيارة السيسي الرياض ولقائه الملك سلمان، فإنه لم يبد في الإعلام المصري، المحرك من الدولة، أي حرارة في الحديث عن العلاقة المصرية ـ السعودية.
لكن، أمس، ظهر المستوى الشخصي للعلاقة المصرية ـ الإماراتية جلياً بعد زيارة ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد القاهرة والاحتفال بذكرى ميلاده بجانب السيسي، ثم نقاشهما في عدة قضايا أهمها مؤتمر المانحين، الذي سيبدأ يوم غد. ومن البداية، كان لا يخفى أن الدعم الإماراتي لمصر مختلف تماماً عن باقي دول الخليج، فمنذ عهد حسني مبارك حتى السيسي، باستثناء سنة حكم محمد مرسي، فإن الإمارات كانت الأكثر تنفيذا للمشاريع الاستثمارية في مصر، وحفاظا على العلاقة بمستوى ثابت. وسبق الزيارة حديث لوزير الدولة للشؤون الخارجية في الإمارات، أنور قرقاش، انتقد فيه «ضمنيا» دعوات إعلامية لما قال إنه محاولة «لإلغاء الدور المصري من جبهة عربية تتكون في إطار إعادة بناء النظام الإقليمي»، في اشارة الى مقالات سعودية عن عزم الرياض على الدفع باتجاه تأليف قوات إسلامية. وأضاف قرقاش: «واهم من يعتقد أن بإمكانه في هذه الظروف الإقليمية الصعبة أن يبني جبهة عربية قادرة يستثني منها مصر... إلغاء الدور المصري لمصلحة دول غير عربية (في إشارة إلى تركيا والعلاقة الجديدة المتشكلة بينها وبين الرياض) من الأوهام الحزبية، لأن القاهرة تبقى رقما أساسيا في ترتيب أوضاع المنطقة». وتابع بالقول، بعد يوم واحد من خطاب الملك السعودي (سلمان) الذي لمح فيه إلى علاقة جديدة بتركيا، إن «في السيناريوهات المطروحة من تحكم طائفي، إلى خلافة عثمانية، يبقى الخيار العربي الأسلم هو مصر».
بالعودة إلى اللقاء السريع بين السيسي وبن زايد، فإنهما تحدثا عن المؤتمر الاقتصادي، الذي من المقرر أن يحضره وزير الخارجية الأميركي (جون كيري) والرئيس السوداني (عمر البشير) كما أفادت صحف ومواقع. وكذلك بحثا التطورات التي تشهدها المنطقة إضافة إلى «التعاون لفرض الحلول السلمية»، إذ أكد ولي عهد أبو ظبي «وقوف الإمارات بجانب مصر ودعمها سياسيا واقتصاديا وتنمويا، لأنها صمام أمان حقيقي للمنطقة بما تمثله من ثقل استراتيجي وأمني».
في قضية أخرى، قال مصدر قضائي مصري، أمس، إن هيئة قضايا الدولة التي تمثل الحكومة في المحاكم «طعنت بحكم أصدرته محكمة القاهرة للأمور المستعجلة باعتبار حركة حماس جماعة إرهابية»، وذلك على أن تنظر دائرة غير التي أصدرت الحكم في الطعن خلال الثامن عشر من الشهر الجاري. وبهذا الطعن تدخل القضية مستوى سياسيا جديدا، علما بأنه لا تزال هناك دعاوى أخرى مرفوعة ضد «حماس» في المحاكم المصرية، لكن تدخل الحكومة للطعن في القرار الذي أثار ضجة كبيرة في الآونة الأخيرة له ارتباطان: الأول قانوني ويتعلق بكون الحكومة والرئاسة ممن رفعت القضية ضدهما في المحكمة كي تتخذا قرارات عملية لتطبيق القرار القضائي، إلى جانب أن انتقال القضية إلى حجر النائب العام والعمل عليها ضمن القانون الجديد المسمى «الكيانات الإرهابية» سيجعل القضية صعبة الحل لاحقاً.
الارتباط الثاني سياسي، وقد يكون له علاقة بتبعات زيارة وفد حركة «الجهاد الإسلامي» إلى القاهرة الأسبوع الماضي، أو لرغبة النظام المصري في التهدئة مع «حماس» التي لا تزال مستمرة في حملتها الإعلامية ضده بناء على اعتبارها «إرهابية».
في المقابل، قالت «حماس» إن الطعن «إقرار سياسي من السلطات بأن هناك خطأ كبيراً، فنأمل أن تؤدي هذه الخطوة إلى تصحيح هذا الخطأ وتطوير العلاقات المصرية ـ الفلسطينية».
(الأخبار، رويترز، الأناضول)