محمد بدير
«احتلال بالتوافق» يوفّر للجيش الإسرائيلي سيطرة على «الدولة الفلسطينية» المنزوعة السلاح

تتعامل الأوساط السياسية والعسكرية في إسرائيل مع زيارة الرئيس الأميركي جورج بوش، الى الدولة العبرية، التي ستبدأ في التاسع من كانون الثاني الجاري، على أنها فرصة سانحة يتعين استغلالها بغية استخلاص أكبر قدر من المكاسب السياسية والأمنية منها، في كلّ ما يتعلق بقضايا الصراع والمفاوضات مع الفلسطينيين.
وعلى هذا الأساس، أشارت التقارير الإعلامية العبرية إلى سعي إسرائيلي لصياغة برنامج عمل وإنشاء أسس سياسية وأمنية بما يؤمّن ويحفظ المصالح «الحيوية والأمنية» لإسرائيل قبل انتهاء ولاية بوش وقبل بدء المفاوضات مع الفلسطينيين. ولهذه الغاية، أجرى رئيس الحكومة الإسرائيلية أيهود أولمرت مشاورات مسبّقة مع كبار الوزراء والمسؤولين في المستويين السياسي والعسكري لإعداد المطالب الأمنية والسياسية الإسرائيلية، بما يتيح للحكومة ورئيسها عرض هذه المطالب، بعد الاستجابة الأميركية لها، على أنها إنجاز حققته حكومة أولمرت.
وفي هذا المجال، أشارت صحيفة «هآرتس» إلى أن الحكومة الإسرائيلية تعتزم مطالبة بوش بالتوصل إلى تفاهم، يمكن وصفه بأنه «احتلال بالتوافق»، يقضي بمنح الجيش الإسرائيلي حرية العمل في الضفة أثناء المفاوضات، وأن تكون الدولة الفلسطينية العتيدة منزوعة السلاح ومن دون أيّ قوة عسكرية باستثناء قوة غايتها فرض النظام والقانون، وأن يكون لإسرائيل الحق بحرية قيام سلاحها الجوي بطلعات في الأجواء الفلسطينية ومراقبة المعابر الحدودية للدولة الفلسطينية المستقبلية مراقبة «خفية لا تمس برموز السيادة الفلسطينية» لكنها تتيح للدولة العبرية معرفة من يدخل إلى الأراضي الفلسطينية ومن يخرج منها. إضافة إلى ذلك، تطلب إسرائيل موافقة الفلسطينيين على انتشار الجيش الإسرائيلي في الضفة في حالة الطوارئ «بهدف إحباط غزو من الشرق»، وأن يتم هذا الانتشار في أوضاع متطرفة، لكن إدخال هذا المطلب في اتفاق غايته ضمان عدم معارضة الفلسطينيين في لحظة الامتحان.
وكان أولمرت قد عقد أول من أمس مداولات تمهيداً لزيارة بوش بمشاركة وزيرة الخارجية تسيبي ليفني ووزير الدفاع ايهود باراك الذي استعرض تفاصيل المطالب الأمنية الإسرائيلية، فيما تطرقت ليفني إلى «أهمية» أن تكون المناطق التي قد تخليها إسرائيل في الضفة مستقبلاً منزوعة السلاح.
وتسعى إسرائيل، بحسب «هآرتس»، إلى أن تبقى الضفة تحت السيطرة الأمنية الإسرائيلية الفعالة خلال فترة المفاوضات وضمان حرية تنفيذ عمليات عسكرية ضد الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة.
ونقلت «هآرتس» عن مصدر أمني إسرائيلي قوله إنه «لا يعقل أن يتم منعنا من مواصلة تحقيق إنجاز كبير أمام الإرهاب في يهودا والسامرة»، أي الضفة الغربية.
كذلك، ستقترح إسرائيل نشر قوة دولية في الضفة وعند محور فيلادلفي الفاصل بين قطاع غزة ومصر وانتشار دائم ولفترة طويلة لقوات الجيش الإسرائيلي في غور الأردن لتنفيذ مهمات يطلق عليها باللغة العسكرية «سياج عائق» غايته الردع.
ونقلت «هآرتس» عن مصادر سياسية وأمنية إسرائيلية قولها إن إسرائيل مهتمة بالحصول على تأييد بوش لمطالبها الأمنية لكي يمثّل التفاهم معه أساساً لعمل المبعوث الأميركي الجنرال جيمس جونز، الذي يفترض به أن يبلور الترتيبات الأمنية في الاتفاق الدائم.
ولفتت الصحيفة إلى أن حكومة باراك، بين الأعوام 1999 و2001، توصلت إلى مجموعة تفاهمات مع إدارة الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون لدى المفاوضات بشأن اتفاق مع الفلسطينيين لكنها لم تتوصل إلى اتفاق بشأن مراقبة إسرائيل للمعابر ونشر قوات إسرائيلية في غور الأردن لأمد طويل.
وكان الجانب الفلسطيني قد رفض بشدة في حينه الخطوات الأمنية الإسرائيلية، وخصوصاً انتشاراً طارئاً للجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية.
وعلّلت المصادر السياسية والأمنية الإسرائيلية مطالبها هذه بالقول، بحسب «هآرتس»، إنه «في معظم القضايا في الاتفاق مع الفلسطينيين، إسرائيل هي المطالبة بإعطاء أمور ملموسة والمجال الوحيد الذي لدينا فيه مطالب حقيقية من الفلسطينيين هو الترتيبات الأمنية، ولذلك فإن ثمة أهمية لأن تجري المفاوضات بصورة صحيحة وبشكل يكون فيه بإمكان إسرائيل الإصرار على مطالبها الأمنية وألّا يرفضها الفلسطينيون».
من جهة أُخرى، جدد بوش التأكيد على أن تسوية النزاع الإسرائيلي ــــــ الفلسطيني ستحصل عام 2008، وذلك في مقابلة حصرية أجرتها معه صحيفة «يديعوت أحرونوت» تنشر كاملة اليوم الجمعة.
وأكد بوش، في هذه المقابلة، أن الإسرائيليين والفلسطينيين يفترض أن يبرموا هذه التسوية بحلول نهاية العام الحالي بغية إقامة دولة فلسطينية مستقلة.
وأوضح بوش «لن أسمح بقيام دولة إرهابية عند حدود إسرائيل». وقالت الصحيفة إن الرئيس الأميركي تطرق خلال المقابلة كذلك إلى احتمال أن تشن إسرائيل هجوماً على منشآت نووية إيرانية والى إرثه السياسي المقبل والعلاقات الشخصية مع رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت وسلفه أرييل شارون.
في سياق متصل بالتحضيرات الأمنية الإسرائيلية الجارية استعداداً لزيارة الرئيس بوش، ذكرت صحيفة «معاريف» أن الشرطة الإسرائيلية أتمّت في منطقة القدس المحتلة الاستعداد لهذه الزيارة الرئاسية. ولهذه الغاية، سيشارك في عملية الحراسة، التي حظيت باسم «سماء صافية»، 10.460 شرطياً، في استعداد كبير يعيد الى الذاكرة الاستعداد الذي حصل قبل زيارة البابا سنة 2000. وفي إطار الإعدادات، جرى التدرّب في الأيام الأخيرة في «لواء القدس» وفي وحدة حراسة الأشخاص في «الشاباك» على سيناريوات طوارئ، ومن ضمن ذلك إطلاق النار على قافلة الضيف الأميركي.