حيفا ــ فراس خطيب
نشرت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، في تقرير طويل أمس، شهادات لجنود عرب دروز، ممّن يؤدّون خدمتهم العسكرية في صفوف وحدات «المستعربين»، التابعة لحرس الحدود الإسرائيلي في الضفة الغربية وقطاع غزة، مشيرة إلى أنّهم «مطاردون» و«يشعرون بالخوف» حتى بعد انتهاء خدمتهم العسكريّة، خشية إقدام مسلّحين فلسطينيّين على «تصفية الحساب معهم».
وتُعدّ وحدة المستعربين، التي يمثّل الدروز نسبة كبيرة من عناصرها، من الوحدات النخبويّة التابعة لحرس الحدود. يعيش أفرادها 3 سنوات (فترة الخدمة الإلزامية) بهويّات مزدوجة. ملامحهم عربية ويتقنون اللغة. يتحرّكون بين مقرّهم العسكري والمناطق المحتلّة. ينفذون اغتيالات واعتقالات، وغالباً ما يطلقون النار على من يريدونه.
وأشار أحد العناصر السابقين في الوحدة، في شهادته للصحيفة، إلى أنّ الاغتيالات في هذه الوحدة جزء من عملها. ويقول «تصل الى بيت مطلوب، تسأل: أين الوالد؟ وتقول إنّك صديق له في رام الله، عندما يصل، تصفّيه».
التقرير تضمّن قصة الجندي الدرزي «ج»، (22 عاماً) الذي يسكن في إحدى قرى الجليل. مرّ 8 أشهر تقريباً على إنهائه خدمته العسكريّة في وحدة «المستعربين» التابعة لحرس الحدود، إلّا أنّه «لا يجد الراحة»، خشية قيام أحد الفلسطينيين، بالانتقام منه وتصفيته.
يقول «ج»: «دائماً أفكر في أنّ أحداً سيعرفني وسيقتلني. تلاحقني هذه الشكوك إلى كلّ مكان أذهب إليه. منذ أن تحرّرت من الوحدة، وأنا أنام بين 3 و4 ساعات في الليل. أستيقظ قبل الرابعة صباحاً. عندما أسير في الشارع، ألتفت دائماً من حولي».
لعل أكثر ما دفع الصحيفة إلى إجراء تحقيق كهذا هو محاولة تصفية عنان أبو شديد، وهو مستعرب سابق، من قرية ساجور الجليلية. عمره 28 عاماً. اقتحم ملثّم منزله في القرية قبل 3 أسابيع وأطلق النار عليه وأصيب في بطنه.
وأشارت الصحيفة إلى أنّه قبل 4 سنوات، جرى توزيع منشور من «نسور فتح» في القرية دعا إلى «تصفية القاتل المستعرب عنان أبو شديد»، مؤكداً أنّ دم الشهداء «لن يذهب هباءً».
يقول جندي آخر، أيضاً من عناصر المستعربين، إنّ «كلّ واحد منّا يخاف»، ويضيف «أحياناً أستيقظ في الليل خشية أن يكون أحد في البيت. أو أنّهم وصلوا إلي»، فيما يلفت زميل له إلى أنّه يعود إلى البيت «لكن لا أشعر بالأمان في مكان عليّ أن أشعر بأنه الأكثر أماناً. دائماً أكون قريباً من أهلي. في الليل، تجدني أمي نائماً إلى جانبها».
وسائل الإعلام الفلسطينية تتحدّث كثيراً عن تصفية نشطاء فلسطينيين على أيدي الوحدات الخاصة. ويقول أحد الجنود: «في غزة يكتبون كثيراً عن المستعربين. وأنت ترى أحياناً صوراً لأصدقاء لك في الوحدة. المخاطرة كبيرة جداً. عندما تقوم بالعمليّة تكون عادةً مكشوفاً. وتظلّ خائفاً من أن يكون أحدهم قد عرفك من الصورة». ويتابع «كل عملياتنا تجري ووجوهنا مكشوفة. نحن ندخل إلى هناك، نرمي الحجارة معهم (الفلسطينيين) على الجيش الإسرائيلي. نشتم الجيش الإسرائيلي. وعندما نمسك أحداً ونرميه في السيّارة، يروننا. ونحن مكشوفون تماماً. حتى لو أرخينا لحانا، بالإمكان تمييزنا».
تزداد خشية الجنود المستعربين الدروز من الانتقام، حسبما تشير الصحيفة، نظراً لأنّهم يعيشون في قرى صغيرة، ويقول بعضهم: «إذا كانوا يبحثون عن مستعرب درزي، فعليهم الوصول إلى قريته فقط. هذا ليس كما يريدون البحث عن مستعرب أو قنّاص في شينكين»، وهو شارع شهير في تل أبيب.
ورغم ذلك يعترف البعض منهم بأنّهم «لا ينالون ما يستحقون» من الجيش الإسرائيلي. ويقول «د»، «باختصار، هذا لا يساوي المخاطرة»، مشيراً إلى أن المستعربين اليهود، ممن لا يواجهون المخاطر نفسها، ينالون مستحقّات أكثر.