حيفا ــ فراس خطيب
«لا مواجهة قريبة مع حزب الله ولبنان سيعاني عدم الاستقرار ولا سلام ولا حرب مع سوريا»

تستقبل إسرائيل اليوم الرئيس الأميركي جورج بوش في أجواء متشائمة حيال قدرة الرجل وإدارته على الاستمرار في السير بسياسة مناسبة لمصالح تل أبيب، تُعبّر عن رؤية سلبية بشأن ملفّات إيران والاستيطان ودعم سلطة الرئيس محمود عباس. أجواء عكسها تقرير رسمي صادر عن مركز الأبحاث السياسية (مماد) التابع لوزارة الخارجية الإسرائيلية، هو عبارة عن قراءة في أهم التحديات التي ستواجه تل أبيب في العام الجاري، من «خطر» حزب الله إلى تطوّر العلاقة مع سوريا ومصر.
وعبّرت وزارة الخارجية الإسرائيليّة، في تقريرها، عن اقتناعها بأنّ الإدارة الأميركيّة الحاليّة «ضعيفة»، و«لن تنجح في دفع العملية السلمية بين الفلسطينيّين والاسرائيليّين»، مشيرة إلى أنّ واشنطن، أهملت عمليّاً الخيار العسكري ضدّ إيران و«ستستصعب تجنيد التأييد الدولي لدعم العقوبات الفعّالة ضدّ طهران لوقف تسلّحها النووي»، ومتوقعةً أن «تضاعف إدارة بوش من ضغوطها على إسرائيل في ما يتعلّق بموضوع الاستيطان في الضفّة الغربية».
ولم يتوقّع التقرير تقدّماً في العملية التفاوضية بين الاسرائيليّين والفلسطينيّين، مشيراً إلى أن الجمود في هذه الحالة «خطوة لا يمكن منعها بسبب ضعف نظام (الرئيس) أبو مازن». وأضاف أنّ جهود محمود عباس لتقوية حركة «فتح»، «ستفشل» ومن الممكن أن «يرضخ للضغوط من أجل التصالح مع حماس».
في المقابل، توقّع التقرير أن تستمرّ «حماس» في بسط سيطرتها على قطاع غزة «رغم الصعوبات»، حيث ستزداد قوة الحركة «قبيل مواجهة ممكنة مع الجيش الإسرائيلي». إضافة إلى ذلك، بدا التقرير الإسرائيلي متأكّداً من أن الحركة الإسلامية ستحسّن «قوتها التدميرية بواسطة القذائف الصاروخية»، وأنّ «بلدات اسرائيلية جديدة ستدخل نطاق الصواريخ».
وفي تطرّقه إلى الشأن اللبناني، توقّع التقرير ألّا يبادر حزب الله إلى عملية عسكرية ضدّ الدولة العبرية خلال السنة الجارية، لكنّه «سيواصل تحسين قدرته العسكرية لمواجهة عنيفة في المستقبل البعيد»، وسيستمرّ في «تقديم المساعدات للتنظيمات الفلسطينيّة»، مع الإشارة إلى أنّ لبنان «سيعاني عدم الاستقرار»، في ظلّ عدم ترجيح أن تكون هناك «ضغوط دولية على دمشق لوقف ممارسات المناكفة في المنطقة وخصوصاً في لبنان». وأضاف التقرير أنّ سوريا ستستمرّ في التسلّح بالصواريخ على طراز تسلّح حزب الله، وأنها «لن تهمل تحالفها الاستراتيجي مع إيران».
وفي ما يتعلّق بمسار العلاقة مع سوريا، لفت التقرير إلى أنّ دمشق «لن تبادر إلى مواجهة مع إسرائيل»، لكن من دون أي تقدّم في العملية السلمية معها. وجاءت خلاصة التقرير متفائلة من حيث إن العام الجاري لن يشهد ضغوطاً دولية على الدولة الاسرائيلية بغية دفع العملية السلمية مع السوريين.
وفي ما يتعلّق بالأزمة الناشبة مع القاهرة على خلفية ضبط الحدود مع غزّة، قدّر التقرير أن تستمرّ الاحتكاكات بين مصر وإسرائيل بسبب «تهريب الأسلحة» وإدخالها إلى من سماهم «النشطاء الإرهابيّين في قطاع غزة». وقال التقرير إنّ الادارة الاميركية «لن تمارس ضغطاً حقيقياً على القاهرة في أعقاب هذه الإشكاليات»، وإن مصر والسعودية ستعملان على إعادة دمج «حماس» مع السلطة الفلسطينية.
ولم يتوقّع التقرير تغييراً استراتيجياً في ما يتعلق بالمشروع النووي الإيراني، خصوصاً في أعقاب تقديرات الايرانيّين أن «الولايات المتحدة تنازلت عن الخيار العسكري ضدّهم»، معتبراً أنّه في الوقت الذي تستمرّ فيه الجمهوريّة الإسلامية في برنامجها النووي، «ستميل دول أخرى في المنطقة لتطوير برامج نووية سلمية ذات خيار عسكري».
يُذكَر أنّ مركز الأبحاث السياسي التابع لوزارة الخارجية، هو واحد من ثلاثة أجهزة تقويم إسرائيلية إلى جانب «الموساد» والاستخبارات العسكرية «أمان». وقد أُنشئ المركز في أعقاب توصيات لجنة «أغرانات» التي حقّقت في إخفاقات حرب الغفران عام 1973، وكانت الفكرة منه إقامة جسم تقديرات وتوقّعات مدني، وأن ينكشف على معلومات استخبارية مثله مثل «الموساد» وشعبة الاستخبارات العسكرية، وأن يكتب تقديرات خاصة يرفعها إلى المستوى السياسي.