strong>مهدي السيد
ماذا يريد جورج بوش من زيارته إلى إسرائيل؟ سؤال طغى على اهتمام وسائل الإعلام الإسرائيلية التي عجزت عن سبر أغوار طباع هذا الرئيس، الذي يزور إسرائيل والمنطقة في السنة الأخيرة من ولايته، خالي الوفاض من أي إنجاز.
علامات استفهام قوية أثارتها الصحف الإسرائيلية، وبينها «يديعوت أحرونوت»، التي تساءل البروفيسور ميخائيل أورن فيها عما إذا كان بوش قد جاء إلى المنطقة من أجل حث عملية السلام التي بدأت في أنابوليس، والتي يعتقد 83 في المئة من الإسرائيليين أنها ستفشل، أم لتعزيز وضع إسرائيل في مواجهة الخطر الإيراني الذي تنفي أجهزة الاستخبارات الأميركية وجوده؟ الأمر الذي جعل «كل الإسرائيليين تقريباً في حيرة من أمرهم».
وفيما أشار أورن إلى أن بوش لا يملك أي إنجاز، رأى أن جولته الحالية هي «جولة انتصار لكن من دون انتصار».
من جهته، قال رون بن يشاي، في «يديعوت احرونوت»، إنه «لا يُتوقع من زيارة بوش أي خطوة جديدة جوهرية في ما يتعلّق بحل النزاع، وحتى لو أراد التدخل في المفاوضات وتسريعها فليس لديه حتى الآن ما يتمسّك به». وقال إنه «عندما تتبدد غيوم الخطابة التي ترافق هذه الزيارة، سيتضح أننا نقف بالضبط في ذلك المكان الذي كنا فيه سابقاً ـــــ سواء بالنسبة للموضوع النووي الإيراني أو بشأن التسوية الدائمة مع الفلسطينيين».
وفي السياق، تطرق الوف بن، في «هآرتس»، إلى الهدف الرئيسي لزيارة بوش، وهو «إعادة ترسيخ الزعامة الأميركية في المنطقة في مواجهة القوى التي تهددها». وبحسب بن، فإن «هذا ما يحرك بوش، وليس إخلاء البؤر الاستيطانية وحرية الفلسطينيين أو إنقاذ صديقه ايهود اولمرت من لجنة فينوغراد ومنع نشوب أزمة سياسية في إسرائيل».
وبحسب بن، فإن الرئيس الأميركي «سيحاول حقن الأنظمة المؤيدة لأميركا في السعودية والخليج ومصر بحقنة محفزة حتى يبطئ من خلالها انزلاقها نحو دائرة نفوذ إيران وإبعاد الآثار الإقليمية المترتبة على الهزيمة في العراق. كذلك سيسعى لإبقاء المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية حية ترزق، وإبقاء نوعٍ من العملية السلمية المظهرية لخليفته، وربما ايضاً إلى تقدم قليل نحو التسوية الدائمة». عدا ذلك لا يمكن بوش، بحسب بن، أن يفعل الكثير، أكثر من إبداء الود والتعاطف مع حكام المنطقة.
في المقابل، ذهب ابراهام تيروش، في «معاريف»، إلى عكس ما ذهب اليه الوف بن، فرأى أنه «كيفما قلّبنا زيارة الرئيس بوش للقدس، فسنخلص الى استنتاج حتمي، هو أن السبب الرئيس للقيام بها الآن هو الانضمام الى حملة إنقاذ رئيس الحكومة اولمرت من فكّي لجنة فينوغراد.. بوش في خدمة أولمرت».
بدوره، شن المراسل السياسي لـ«معاريف»، بن كسبيت، حملة عنيفة على بوش، محمّلًا إياه مسؤولية كل المآسي التي حصلت خلال ولايته في العالم كله. وقال كسبيت «منذ زمن بعيد لم يكن لأميركا رئيس فاشل بهذا القدر، رئيس ألحق ضرراً كبيراً جداً بمصالح وقيم عديدة بهذا القدر، في وقت قصير».
وأضاف كسبيت أن «الولايات المتحدة تقف، للمرة الأولى منذ سنوات، أمام تهديدات حقيقية لهيمنتها العالمية؛ فثمة مواطنون اميركيون يخفون هويتهم في أماكن عديدة في العالم، الاقتصاد يعرج، الهيمنة تضعف، المكانة الدولية في الحضيض، الطالبان في افغانستان يرفعون رؤوسهم، العراق متحطم، باكستان النووية في الطريق الى الفوضى، السعودية تتأرجح، مصر مضطربة، روسيا تعود الى الحرب الباردة، وفي نهاية الاسبوع أخافت بعض القوارب الايرانية ثلاث سفن حربية للاسطول الاميركي العظيم وعادت الى موانئها بسلام. كل هذا، من دون أن نقول كلمة عن اسامة بن لادن، الذي نجا من ثماني سنوات حكم جورج بوش دون أن يُخدش، ولا تزال يده طويلة.. ومن دون أن نتحدث عن هوغو تشافيز، من فنزويلا الصغيرة، والذي يتعاطى مع جورج بوش مثل ولد متخلف ويستمتع بكل لحظة».
وبحسب كسبيت، فإن الضرر الذي ألحقه بوش في العالم، وفي أميركا، يتقزم في مقابل ما أحدثه بالشرق الاوسط؛ فبوش هو «المسؤول المباشر عن الفوضى في العراق، عن صعود حماس الى الحكم في السلطة الفلسطينية، عن تعاظم حزب الله والأرض المهتزة تحت أقدام كل من بقي. بوش جعل، بكلتا يديه، ايران قوة عظمى إقليمية مسيطرة في المحيط. وإذا ما تمكن من ذلك، قبل ذهابه، فسيحاول إسقاط النظام السوري أيضاً ويضعضع مزيداً من ذلك النظام في القاهرة مع هرائه الديموقراطي، كي يتأكد أن الإسلام المتطرف بالفعل يسيطر على الشرق الأوسط». ويختم كسبيت بالقول إن «الخطير لدى بوش، هو أنه حتى الآن لم ينجح في أن يفهم حجم الغباء الكامن في خطواته».