strong>علي حيدر
كشفت وثيقة صادرة عن وزارة الخارجية الإسرائيلية عن عدم صحة ادّعاءات رئيس الوزراء ايهود أولمرت ووزير الدفاع السابق عامير بيرتس، خلال شهادتيهما أمام لجنة فينوغراد، بأن العملية البرية الواسعة في اليومين الأخيرين من عدوان تموز، التي أدّت إلى مقتل 33 جندياً، أحدثت تغييرات جوهرية في القرار 1701 لمصلحة إسرائيل.
وأكدت الوثيقة، التي نشرتها صحيفة «هآرتس»، أن الفروق بين المسودة الأخيرة والصيغة النهائية للقرار كانت طفيفة، وأن مسودة القرار كانت أقل سوءاً بالنسبة إلى إسرائيل مما وصفها مكتب أولمرت، كما أن الحملة البرية انطلقت بعد موافقة إسرائيل على صيغة الوثيقة النهائية ولم يجر عليها أي تغيير نتيجة للعملية.
ووردت هذه المعلومات في وثائق كتاب جديد بعنوان «بيت العنكبوت ــــــ قصة حرب لبنان الثانية» للصحافيين عاموس هرئيل وآفي يسخاروف.
وذكر الكتاب أنه في الخامس من شهر آب 2006 قدّم رئيس الأركان دان حالوتس ونائبه اللواء موشيه كابلينسكي، إلى كل من أولمرت وبيرتس، خطتين عسكريتين: الأولى هي عبارة عن حملة برية محدودة والأخرى تتضمن حملة عسكرية برية واسعة، تحمل عنوان «تغيير تجاه 11»، وتصل الى نهر الليطاني. لكن أولمرت جمّد الحملتين بدايةً بحجة أنه ينتظر تقديم وثيقة جديدة من الأمم المتحدة.
وفي التاسع من الشهر نفسه، عقد المجلس الوزاري جلسة حاسمة في موضوع الحرب، صادق خلالها على العملية العسكرية البرية الواسعة لكن من دون تحديد جداول زمنية. كما فوّض المجلس كلّاً من أولمرت وبيرتس تحديد توقيت العملية، إلّا أنه في اليومين الأخيرين كثّف بيرتس وحالوتس الضغوط على أولمرت من أجل البدء بالعملية العسكرية.
وفي اليوم التالي (10 آب) أجريت مشاورات في مكتب رئيس الحكومة حضرها المبعوث الأميركي ديفيد وولش والمستشار القضائي لوزارة الخارجية الأميركية جوناثان شوارتز. وبعد ثلاث ساعات، وصلت مسودة متفق عليها لقرار 1701، الذي يسمى في وزارة الخارجية وثيقة ولش.
وتلقى المندوب الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة داني غيلرمان في اليوم التالي في الساعة الرابعة فجراًَ مسودة أعدها نظيراه، المندوب الأميركي، جون بولتون، والمندوب الفرنسي جان مارك دو لا سابليير. وهي المسودة التي عُدّت ذريعة لشن الحملة البرية الأخيرة. وفي الساعات التي تلت ذلك، مارست إسرائيل ضغوطاً كبيرة على الولايات المتحدة وفرنسا لإجراء تغييرات في المسودة، وأدخلت إليها بعض التعديلات الطفيفة التي لم تغيّر شيئاً من جوهرها ولم يتمّ تبنّي المطلب الإسرائيلي الرئيسي وهو منح القوات الدولية صلاحيات حسب البند السابع.
وأرسلت الصيغة النهائية للمسودة الى إسرائيل يوم الجمعة، حوالى الساعة 20:00 مساءً، في الوقت الذي كان فيه الجيش قد بدأ بنقل الجنود جواً إلى العمق اللبناني كمرحلة أولى لحملة برية.
ويوم السبت الواقع فيه 12 آب في الساعة 2:52 فجراً حسب التوقيت الإسرائيلي، أقرّ القرار 1701 في مجلس الأمن في نيويورك، الذي كان قريباً لصيغة المسودة التي كانت قد وصلت إسرائيل قبل سبع ساعات من ذلك.
وأوضحت الكتاب أن «مسؤولي وزارة الخارجية عكفوا على فحص الفروق بين المسودة والصيغة النهائية للقرار فتبيّن أن ملاحظة واحدة لإسرائيل أخذت بالاعتبار تتعلق بطريقة الإتيان على ذكر مزارع شبعا بينما أخذ في بند آخر الموقف اللبناني بالاعتبار».
ويتضح من شهادات أخرى، بحسب الكتاب، أنه «في الساعة 15:00 يوم الجمعة، أبلغت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس الإسرائيليين بأن موقفهم أُخذ بالاعتبار في قضيتين: الخلاف على البند السادس في مقابل البند السابع وتفويض القوات الدولية. وبعد الساعة 20:00 بقليل وصلت المسودة الأخيرة إلى المسؤولين الإسرائيليين، التي حظيت بمصادقة مجلس الأمن في وقت لاحق. وبعد ساعة أبلغت وزيرة الخارجية تسيبي ليفني رايس موافقة إسرائيل على الصيغة النهائية. وكانت في تلك الساعة، قد بدأت تحركات القوات نحو الجنوب اللبناني. وأبلغ أولمرت الأميركيين والأمم المتحدة، بواسطة ليفني، أن إسرائيل تحتاج إلى 60 ساعة حتى دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ».
وأكّد المعلق العسكري في «هآرتس»، عاموس هرئيل، أن السبب الذي دفع إسرائيل إلى عدم إيقاف العملية العسكرية هو «أملها، الذي تبخر، بتحقيق إنجازات عسكرية في اللحظة الأخيرة»، من دون أن يستبعد أن يكون هناك اعتبار سياسي داخلي أيضاً يتمثّل بخوف أولمرت وبيرتس من أن يبدوا كمن خضع لحزب الله.