سعت إسرائيل أمس إلى تحميل مصر مسؤولية الوضع «المقلق للغاية» عند معبر رفح الحدودي، ملوّحة بإمكان نقل مسؤولية قطاع غزة إلى السلطات المصرية. وشدّد وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك على أنّ «المصريين يعرفون تماماً التزاماتهم، وسينفذونها عملاً بالاتفاقات» المبرمة مع إسرائيل. وقال، في مقابلة مع وكالة «أسوشييتد برس» على هامش مشاركته في «منتدى دافوس»، «لن نستعجل اجتياحاً جديداً لغزّة، غير أنّنا لن نلغي أيّ خيار مطروح يتعلّق بأمن مواطنينا».وذكرت صحيفة «هآرتس» أنّ «إسرائيل تخشى من استمرار الوضع الحالي، وخروج القطاع عن دائرة السيطرة (الإسرائيلية)، وتحسين وضع حكومة حماس التفاوضي إزاء حركة فتح، إضافة إلى الخشية من دخول السلاح إلى القطاع من دون أي رقيب»، مشيرةً إلى الخشية من «صعوبة إعادة الوضع إلى سابق عهده، حتى وإن أقدم المصريون على إغلاق الحدود، لأنّهم سيضطرون مجدداً إلى فتحها، كلما نشأت ضغوط» جديدة.
أمّا نائب باراك، متان فلنائي، فلفت إلى خيار إسرائيل التنصّل من مسؤوليّتها عن قطاع غزة كجهة محتلّة. وقال إنّ الدولة العبريّة «تريد قطع صلاتها الباقية مع القطاع، ويجب أن ندرك أنه عندما تكون غزة مفتوحة على الجانب الآخر، فإننا لا نعود مسؤولين عنها».
وفي هذا الصدد، نقلت وكالة «رويترز» عن مصدر أمني إسرائيلي قوله إنّ «إسرائيل تريد من مصر أن تمدّ منشآت غزة بحاجاتها من الخدمات، وأن تقوم بدور القاعدة لمنظمات الإغاثة التي تخدم القطاع»، مضيفاً أنّ «الحكومة (الإسرائيلية) تعكف على وضع اقتراحات لنقل مسؤوليّة القطاع إلى القاهرة».
كما نقلت صحيفة «معاريف» عن مصدر أمني إسرائيلي قوله إنّه «بمجرد سماح المصريين بدخول الفلسطينيين، فإنّ السلطة المصرية قطعت العلاقة بين غزة وإسرائيل. فمن الآن وصاعداً ستتحمّل القاهرة المسؤولية عن القطاع من ناحية المساعدات الإنسانية، وستضطر حكومة حماس إلى الاستعانة بالبنى التحتية المصرية لتوفير الغذاء والوقود للمواطنين، وبالتالي لا يمكنهم الادّعاء بأنّ إسرائيل تحاصرهم».
من جهته، أوضح الناطق باسم وزارة الدفاع، شلومو درور، أنّ «كل نقاط العبور (بين إسرائيل وقطاع غزة) تبقى مغلقة حتى إشعار آخر».
صحيفة «يديعوت أحرونوت» نقلت عن مصدر سياسي إسرائيلي رفيع المستوى قوله إنّ «السياسة الإسرائيلية حيال غزة ومصر انهارت بكل بساطة. فمن اعتقد بأنّ زيادة 750 جندياً مصرياً ستحلّ المشكلة، يفهم الآن أنه واهم. ينبغي وضع حل أشمل، وعلى إسرائيل أن تبلور استراتيجية جديدة».
وقدّر المسؤول نفسه أن «تعمد القاهرة إلى إعادة بناء الجدار الحدودي بسرعة، لكونهم (في مصر) يدركون أنّ واقعاً تكون فيه غزة سائبة، يمثّل تهديداً استراتيجياً للأمن المصري، وإذا لم يقدم المصريّون على معالجة المسألة، فإنّهم مع الوقت سيصبحون مسؤولين عما يجري في غزة».
وفي السياق، قال مسؤولون في وزارة الدفاع الإسرائليّة، لإذاعة الجيش الإسرائليي، إنّ أزمة معبر رفح خلقت «جوّ أزمة» بين إسرائيل ومصر. وأشاروا إلى أنّ «عدم تحرك» القاهرة في هذه القضية يقوّي سلطة «حماس» في غزة ويوجّه ضربة قاسية جداً لسياسة العقوبات الاقتصادية التي يعتمدها رئيس الوزراء إيهود أولمرت.
إلى ذلك، نقلت «فرانس برس» عن مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى إشارته إلى وجود «جوانب إيجابية» لإسرائيل في هذه القضية. وقال إنّ «تمكّن عشرات آلاف الفلسطينيّين من التوجّه إلى مصر سيخفّف الضغوطات التي تمارس في العالم على إسرائيل التي اتّهمت بالتسبّب بأزمة إنسانية». وأضاف أنّ فتح حدود رفح بالقوة يمكن أن يؤدّي أيضاً إلى تخفيف الضغوطات على الرئيس الفلسطيني محمود عباس، موضحاً أنّه «مع اتهامه بالتواطؤ في أزمة إنسانية، لن يتمكن عباس من التفاوض بجدية مع إسرائيل، في حين أنّ ذلك سيصبح ممكناً الآن مجدداً».
(الأخبار)