القاهرة | نتائج المؤتمر الاقتصادي لم تكن تاريخية. صحيح أن المؤتمر أعاد، ربما، الثقة بالاقتصاد المصري مع عودة الشركات الدولية لاستئناف مشاريعها في «المحروسة»، لكن الحقيقة أن مبلغ 175،2 مليار دولار الذي أعلنه وزير الاستثمار المصري، أشرف سلمان، كعائدات للمؤتمر مبالغ فيه بشدة، ولا سيما أن الجزء الأكبر منه ويصل إلى 92 مليار دولار يمثّل بروتوكولات تعاون مبدئية لم يجرِ التوافق بشأنها.
المؤكد أن الحكومة نجحت في جذب 12،9 مليار دولار، من بينها 12،5 مليار دولار من دول الخليج و400 مليون دولار من البنك الدولي في صورة مساعدات إنمائية، لتبقى بقية الاستثمارات بصفة القديمة ـ الحديثة، جرت إعادة تفعيلها مع زيادة قيمتها لانخفاض قيمة الجنيه المصري، وهي اتفاقيات اقتصرت على مشروعات الكهرباء والبترول بتكلفة تصل إلى 38،2 مليار دولار.
استثمارات البترول والكهرباء هي استثمارات جرى الاتفاق على جزء كبير منها مع الأنظمة المصرية السابقة، لكنها لم تدخل حيز التنفيذ لأسباب روتينية. من بينها الاتفاق التاريخي الذي أعلن مع عملاق البترول البريطاني «بريتش بتروليوم» بقيمة 12 مليار دولار.
استثمارات البترول والكهرباء هي استثمارات جرى الاتفاق على جزء كبير منها مع الأنظمة المصرية السابقة

صفقة الاستثمار في الحقول النفطية البحرية بدأ التفاوض بشأنها خلال عهد الرئيس المخلوع، حسني مبارك، واستمرت خلال حكم جماعة الإخوان المسلمين، حيث وصلت إلى 11 مليار دولار، ليجري تفعيلها بعد مؤتمر شرم الشيخ الحالي وتصل إلى 12 مليار دولار، علماً بأنها تستهدف الحقول والمناطق نفسها التي اختيرت في عهد مبارك أواخر عام 2008، وهو ما انطبق على استثمارات المليارات الخمسة من شركة «إيني» الإيطالية التي أعلن تفعيلها خلال المؤتمر.
وقعت الحكومة بروتوكولات تعاون مع شركات أجنبية في مشاريع للنقل والتموين والكهرباء بقيمة تصل إلى 92 مليار دولار، وذلك لمشاريع ترغب الحكومة في تنفيذها خلال الفترة المقبلة لكن عدم الاتفاق على تفاصيل تنفيذ المشروعات حتى الان يجعلها مهددة بعدم الاكتمال على غرار ما حدث العام الماضي مع شركة «ارابتك» الاماراتية، التي وقعت معها وزارة الاسكان والقوات المسلحة بروتوكول تعاون لإنشاء مليون وحدة من أجل محدودي الدخل، تحولت بعدها لتصبح إسكانا متوسطا وليتوقف المشروع لاحقاً بسبب خلاف على النسب بين الشركة الإماراتية والحكومة المصرية. ولا تزال المفاوضات جارية بالنسبة إلى المشروع حتى الآن، برغم انه كان يفترض أن يجري تسليم جزء من الوحدات خلال الشهر الجاري، وفقاً لتعهدات الرئيس عبد الفتاح السيسي عندما كان وزيراً للدفاع.
بخلاف البروتوكولات الموقعة، تبقى الصفقة الأهم متمثلة في إنشاء العاصمة الإدارية الجديدة بتكلفة تصل إلى 45 مليار دولار في المرحلة الأولى، ومثلها في المرحلة الثانية، لتصل تكلفة المشروع إلى 90 مليار دولار، لكن المشروع لا يزال في صيغة بروتوكول تعاون بين الحكومة المصرية ورجل الأعمال الإماراتي، محمد العبار، الذي يرأس شركتي «إعمار» العقارية، و»إيغل هيلز»، وقد وقع التعاقد بصفته الشخصية.
وفاجأت الحكومة، التي أعلنت مشروع العاصمة الإدارية الجديدة قبل شهور، الجميع بالماكيت المبدئي للعاصمة الجديدة وتجهيزه من قبل العبار في المؤتمر الاقتصادي دون طرح المشروع على أي من المكاتب الاستشارية العالمية، الأمر الذي يعني أن المشروع سيُسند إلى الشركة الإماراتية بالأمر المباشر، فيما يبقى الجدل حول الفترة الزمنية التي يتوقع أن ينتهي فيها المشروع، بعد رفض الرئيس السيسي الانتهاء منه في 10 سنوات، كما كانت تخطط الشركة الإماراتية.
كما يبقى الجدل قائماً حول العائد المادي الذي ستحصل عليه الحكومة في مقابل إتاحة الأرض للشركة المنفذة، التي جرى الاتفاق على أن تراوح بين 24 و42 %، فيما لم يحدد العبار مواعيد لإنجاز المشروع الذي سيستوعب نحو 5.5 ملايين نسمة، إضافة إلى مسألة الشركات التي ستتولى التنفيذ، وخاصة بعدما أصدرت «إعمار» بيانا رسميا نفت فيه مسؤوليتها عن تنفيذ المشروع.
تبقى بروتوكولات التعاون التي وقعتها الحكومة خلال المؤتمر رهن مفاوضات عديدة قد تمتد لعدة أشهر، للاتفاق على صياغتها النهائية، وخاصة أن الخلاف بين الحكومة وأطرافها قد يجعلها كأنها لم تكن، ومن ثم لا يمكن اعتبارها استثمارات جرى ضخها في السوق المصرية، ولا سيما أن بعضها مشروعات يجري تنفيذها بالفعل.
على الجانب الآخر، خرجت قناة السويس من قائمة المشروعات الاستثمارية التي جرت مناقشتها في المؤتمر برغم وجود رئيس هيئة قناة السويس، الفريق مهاب مميش، في المؤتمر بسبب عدم الانتهاء من التصور الكامل لمحور القناة، الذي لا يزال قيد الإعداد من قبل «دار الهندسة»، علماً بأن أيا من مشروعات القناة لم يُعرض على المستثمرين المشاركين في المؤتمر.
وكشف الفريق مميش عن مفاوضات تجريها الهيئة مع عدد البنوك المصرية للحصول على قرض «معبري» بقيمة 450 مليون دولار خلال الأسابيع المقبلة، لاستكمال أعمال الحفر في قناة السويس، وذلك من أجل تغطية الالتزامات العاجلة بالعملة الصعبة، فيما يعد القرض من القروض القصيرة الأجل التي تراوح فترة سدادها ما بين 6 أشهر وعام.
وبرغم جمع هيئة قناة السويس أكثر من 61،5 مليار جنيه في الربع الاخير من العام الماضي، لتنفيذ مشروع القناة الجديدة، لا يزال المشروع، الذي تقرر افتتاحه في آب المقبل، بحاجة لاستيراد عدد من المعدات بالعملة الأجنبية، وهو ما دفع الهيئة لدراسة الاقتراض من البنوك المحلية بفائدة قد تصل إلى 3،25%.





الودائع الخليجية تصل «خلال أيام»

نقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط عن محافظ البنك المركزي المصري، هشام رامز، قوله، أمس، إن الودائع الخليجية التي جرى الإعلان عنها في مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي ستصل «خلال أيام».
وكانت السعودية قد أعلنت في المؤتمر تقديم حزمة من المساعدات لمصر بمبلغ أربعة مليارات دولار تشمل وديعة قدرها مليار دولار في البنك المركزي، بينما أعلنت الإمارات العربية المتحدة وديعة بملياري دولار ضمن دعم إجماليّه أربعة مليارات.
ونقلت وكالة الأنباء الرسمية المصرية عن رامز قوله إن الودائع الخليجية «ستساهم على نحو كبير في دعم الاحتياطي النقدي لدى البنك المركزي، كما ستقلل الضغط على الجنيه».
وعن السوق السوداء للدولار، قال محافظ البنك المركزي إن هذه السوق قد انتهت. وأضاف: «أصبح في السوق سعر واحد تقريبا، هو سعر البنوك الرسمية».
وشملت إجراءات البنك المركزي مؤخرا للقضاء على السوق السوداء في العملة السماح بهبوط سعر الصرف الرسمي للجنيه وفرض سقف للإيداعات الدولارية في البنوك المصرية وتوسيع هامش بيع وشراء الدولار في البنوك. وأدت خطوات البنك المركزي إلى تقلص الفارق بشدة بين سعر الدولار في السوق السوداء وسعره في البنوك.
(رويترز)