محمد بدير
«باتت تشك في حسن التدبير لديه منذ قراره تنفيذ عملية الأسر»

انفردت صحيفة «معاريف»، إحدى الصحف الثلاث اليومية الرئيسية في إسرائيل، بـ«سبق إعلامي مُميز» من خلال تقرير نشره مراسلها العسكري عامير ربابورت، تصدّر «لأهميته» صفحتها الأولى وعنوانها الرئيس، موضوعه تقليص الإيرانيين لصلاحية الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، في خطوة تعني عملياً خفض رتبته وبالتالي موقعيته في الهرمية القيادية لحزب الله.
ولعل أبرز ما يثير الاهتمام عند قراءة التقرير السابق، مسألتان اثنتان: الأولى، تجهيل مُعد التقرير لمصدر معلوماته التي تفرد بها، والتي نسبها الى محافل تقدير في الغرب، من دون الإشارة إلى هوية هذه المحافل ومستواها، ولا إلى المصادر المعلوماتية التي استند إليها أصحاب التقدير أو معد التقرير، وهو أمر يطرح علامات استفهام جدية حول صدقيته؛ أما الثانية، فتتعلق بالخلفية التي دفعت الإيرانيين إلى خفض رتبة نصر الله، وهي قراره تنفيذ عملية الأسر ضد جنود الجيش الإسرائيلي والحرب التي شنّتها إسرائيل تحت هذه الذريعة على لبنان. ومكمن التساؤل في هذه النقطة يعود إلى أن هذه الحرب تحديداً والنتائج الميدانية والاستراتيجية التي تمخضت عنها، كانت موضع تقدير وإكبار من الجميع في العالم العربي والإسلامي، وبينهم إيران، وخاصة أن الدعاية الإسرائيلية، وتلك المناهضة لحزب الله، ركزت على العامل الإيراني كشريك أساسي في الانتصار الذي حققه هذا الحزب.
فقد نقل ربابورت عن مصادر وصفها بأنها «محافل تقدير في الغرب» قولها إن الإيرانيين «سحبوا من نصر الله جزءاً هاماً من صلاحياته في استخدام القوات العسكرية لحزب الله في لبنان، وقرروا بعد أشهر من الحرب، أن على نصر الله أن يتلقى مسبّقاً المصادقة على عمليات عسكرية قد تكون لها آثار استراتيجية على المنطقة. وبذلك عملياً، فقد نُقل من منصبه قائداً أعلى لحزب الله. وفي المقابل، ضاعفوا الدعم العسكري للحزب وذلك على خلفية نتائج حرب لبنان الثانية».
وتطرق ربابورت الى الأسباب التي يدّعي أنها كانت السبب وراء القرار الإيراني، فأشار الى أنه «حتى الحرب، كان السيد نصر الله يُعد القائد الأعلى لقوات حزب الله، رغم أنها مدعومة ومدربة من حرس الثورة الايرانية، وأنه كان مخوّلاً بإصدار الأوامر بعمليات ضد الجيش الاسرائيلي على طول الحدود الشمالية، كما حصل أكثر من مرة منذ الانسحاب الاسرائيلي من لبنان عام 2000. غير أن قرار نصر الله أسر الجنديين الإسرائيليين في 12 تموز 2006، الذي أدى الى حرب لبنان الثانية، أثار عليه غضب كبار مسؤولي حرس الثورة، الذين بدأوا يتشككون في حسن التدبير لديه، والذين فوجئوا من رد الفعل الاسرائيلي، الأمر الذي دفع الايرانيين الى توظيف جهود هائلة في محاولة لفهم سياقات اتخاذ القرارات في إسرائيل».
وفي المقابل، يشير التقرير إلى أن «الاستثمار الإيراني» في حزب الله لم يتقلص، بل العكس هو الصحيح، حيث «زوّد الإيرانيون حزب الله بكميات هائلة من الصواريخ الجديدة لمسافات مختلفة، وبات مخزون الحزب من السلاح اليوم ضعف ما كان عشية حرب لبنان الثانية، وهو برهان ساطع على فشل تلك الحرب»، وخاصة إذا أضفنا ما ورد في التقرير أيضاً لجهة الحديث عن «خط التحصينات الذي يبنيه حزب الله على طول نهر الليطاني، واستمرار نشاطه بكثافة قرب الحدود، وفي المناطق التي تعمل فيها قوات اليونيفيل».