strong>يحيى دبوق
قرر المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية في اجتماع عقده أمس عدم شن عدوان واسع على قطاع غزة والإبقاء في المقابل على وتيرة مرتفعة من العمليات العسكرية الموضعية فيه.
وأفادت وسائل الإعلام الإسرائيلية بأنه في ختام اجتماع للمجلس استمر ساعتين ونصف الساعة، استمع خلالها الوزراء لتقارير عسكرية واستخبارية، وعُرضت خرائط أمامهم، تقرر عدم تنفيذ عملية عسكرية واسعة يقول قادة الجيش الإسرائيلي إن خططها جاهزة.
وامتدح رئيس الوزراء إيهود أولمرت، ووزير الدفاع إيهود باراك، العمليات التي نفذها الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة، والتي كان آخرها أول من أمس عندما توغلت قوات كبيرة في جنوب القطاع وقتلت 7 فلسطينيين على الأقل وأصابت آخرين بجروح.
ورأى أولمرت وباراك أن العمليات العسكرية والحصار الاقتصادي اللذين تمارسهما إسرائيل ضد قطاع غزة، بما في ذلك تقليص كميات الكهرباء والوقود للقطاع، قد أثمرت من الناحية السياسية، وأن التأييد في الشارع الفلسطيني لحركة «حماس» قد قلّ.
وادعت تقارير استخبارية إسرائيلية أن «غلياناً قد بدأ ينشأ بين الفلسطينيين في القطاع ضد حكم حماس في غزة».
وبعد استماع أعضاء المجلس الوزاري لتقارير قدمها رئيس أركان الجيش الإسرائيلي غابي أشكنازي، ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية عاموس يدلين، ورئيس الشاباك يوفال ديسكين، وتقرير من وزارة الخارجية، قرروا أن بالإمكان إرجاء شن عملية عسكرية واسعة من شأنها أن تؤدي إلى إعادة احتلال القطاع.
وبحسب التقارير التي قدمها الجيش، فإن اعتداءاته على قطاع غزة منذ أيار الماضي كانت بمعدل عملية عسكرية كل يومين. وبلغ العدد الإجمالي لهذه العمليات 115 عملية عسكرية استشهد جراءها 260 فلسطينياً. وأوضحت التقارير أن العمليات التي كان الهدف منها «تقليص عدد صواريخ القسام التي تُطلَق» قتل فيها 3 جنود إسرائيليين وأصيب 88 آخرون. وذكرت تقارير الجيش أن 970 صاروخ «قسام» وأكثر من 1200 قذيفة هاون أُطلقت من غزة على إسرائيل منذ كانون الثاني 2007، وأدت إلى مقتل مدنيين إسرائيليين اثنين وإصابة خمسين بجروح.
وقال مصدر إسرائيلي، في أعقاب الاجتماع، إن الحكومة «قررت مواصلة الخط الحالي من عمليات التوغل البرية المحددة والضربات الجوية». وأوضح المصدر أن اجتماع الأمس هو حلقة ليست الأخيرة في سلسلة مناقشات حول قطاع غزة.
وفي إشارة إلى خلفية الارتداع الإسرائيلي من التورط عسكرياً في غزة، ذكرت صحيفة «معاريف» أن الجيش أبلغ أولمرت أخيراً أن الثمن البشري لأي عملية واسعة في قطاع غزة سيكون أكثر من مئة قتيل إسرائيلي. كما أشارت الصحيفة إلى أن الجيش وضع رئيس الوزراء في صورة الاستعدادات العسكرية لحركة «حماس» لصد أي اجتياح إسرائيلي للقطاع، مشيرة إلى وجود خلاف في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية حيال جدوى أي عمل عسكري واسع ضد القطاع.
وفي السياق، لفتت «معاريف» إلى أن مصادر سياسية رفيعة المستوى في الولايات المتحدة رأت أن استئناف المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية من شأنه أن «يسقط من جدول الأعمال إمكان عملية برية واسعة في غزة».
من جهة أخرى، رأى أشكنازي أن إمكان البدء بعملية عسكرية واسعة في قطاع غزة آخذ بالاقتراب. وقال، في كلمة ألقاها في معهد دراسات الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب أمس، إن «الواقع (في غزة) لا يمكن أن يستمر لمدة طويلة». وأضاف أنه في نهاية الأمر «ستضطر إسرائيل إلى فرض سيطرة استخبارية وعملياتية على الأرض»، مشدداً على وجوب «فحص كل البدائل قبل البدء بالعملية الواسعة، مع الأخذ بالحسبان اليوم الذي يلي العملية».
وإذ أقر بأن أسلوب العمل الحالي المرتكز على توغلات يومية «قد لا تكون حاسمة في كبح الهجمات على إسرائيل»، شدد أشكنازي على أن «من غير الممكن الانتصار على منظمة إرهابية من دون السيطرة في نهاية الأمر على الأرض»، عازياً «النتائج الجيدة في يهودا والسامرة (الضفة الغربية) إلى سيطرتنا الميدانية، فنحن لا نستطيع الانتصار في المواجهة فقط عبر النار والهجوم من الجو».
إلى ذلك، قدم رئيس بلدية سديروت إيلي مويال، لوزير الداخلية الإسرائيلي مئير شيطريت، استقالته من منصبه احتجاجاً على ما وصفه باستمرار تردي الوضع الأمني في مدينته، جراء استمرار إطلاق صواريخ «القسام».
ونقل موقع «يديعوت أحرونوت» الإلكتروني عن مويال قوله إنه قرر الاستقالة أمس «لأنه منذ ساعات الصباح كان هناك إطلاق صواريخ قسام من دون توقف، ولا يمكنني تحمل المسؤولية أكثر».
ميدانياً، استشهد المقاوم في «سرايا القدس»، الذراع العسكرية لحركة «الجهاد الإسلامي»، سامح محمد العايدي (22 عاماً)، في قصف إسرائيلي بقذائف المدفعية استهدف مقاومين كانوا يطلقون قذائف هاون على موقع «كيسوفيم» العسكري الإسرائيلي، شرق مدينة دير البلح وسط القطاع.
وهدد المتحدث الرسمي باسم سرايا القدس، «أبو أحمد»، بسلسلة من العمليات «الجهادية» التي ستنفذها المقاومة الفلسطينية رداً على التصعيد الإسرائيلي. وشدد على أن «المقاومة ستصعد من عمليات استهداف البلدات الإسرائيلية خلال الساعات المقبلة»، مشيراً إلى أن «استقالة رئيس بلدية سديروت انتصار واضح لاستراتيجية المقاومة الفلسطينية وضرباتها الموجعة».
وكانت «سرايا القدس» وحدها أعلنت مسؤوليتها في بلاغات عسكرية متلاحقة عن إطلاق نحو 14 صاروخاً تجاه بلدة سديروت.