حيفا ــ فراس خطيب
كشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أمس عن نتائج استطلاع داخلي أجراه الجيش الإسرائيلي في صفوف جنوده، تبيّن من خلاله أن جندياً واحداً من بين كلّ 4 جنود إسرائيليين صادف شخصياً ممارسات تنكيل وعنف ضدّ الفلسطينيّين عند الحواجز الإسرائيلية في الضفّة الغربية.
وفحص الاستطلاع، الذي شارك فيه آلاف الجنود بعدما تأكدوا من أنَّه لن يُكشَف عن أسمائهم، مقاييس إلحاق الضّرر بالفلسطينيّين القابعين تحت وطأة الاحتلال. وقال 25 في المئة من الجنود الإسرائيليين إنّهم كانوا جزءاً من عمليّة تنكيل وعنف، مشاركين أو مشاهدين، أو إنّهم سمعوا من زملائهم عن أحداث تضمّنت أحداث عنف جسدي أو كلامي، أو نيل الرشى أو الإهانات أو تأخير غير مبرّر للفلسطينيين.
وقالت الصحيفة إنّ قائد المنطقة الوسطى في الجيش الإسرائيلي، غادي شمني، بادر إلى هذا الاستطلاع في أعقاب «أحداث الظاهريّة»، في جبل الخليل، قبل أشهر، حين سيطر ضابط وجنوده الخمسة، على سيّارة أجرة فلسطينية، قيّدوا سائقها وعصبوا عينيه وساروا معه في أنحاء البلدة. وخلال سيرهم، أطلقوا النار على المارّة، ما أدّى إلى جرح مواطن فلسطيني تركوه ينزف من دون تقديم العون له وغادروا البلدة من دون إبلاغ ضبّاطهم بما حدث.
ويقول جندي إسرائيلي يخدم عند الحواجز في الضفّة الغربية: «عندما تمنع حريّة الحركة عن الآلاف يومياً، لا يمكن فعل هذا بطريقة لطيفة». ويضيف: «كلّهم يعرفون أنّ الحواجز تفصل القرى عن بعضها أكثر مما تفصلها عن إسرائيل، وهذا ما يخلق لدى الفلسطينيّين يأساً ودافعيّة للاعتداء على الجنود، أو إلى الكذب عليهم».
وتابع الجندي في حديثه للصحيفة، قائلاً: «عندما يكون الفلسطينيّون مسرعين إلى علاج طبي، فإنّ الجندي الذي لم يتجاوز 19 عاماً لا يملك الإمكانات لمعرفة إذا ما كان الحدث إنسانياً أم لا». وتساءل: «ما العمل؟ أنت لا تستطيع أن تتوقّع أن يشكرك المواطن الفلسطيني على ما تفعله به. أحياناً، يحاول أن يتجاوزك، لأنّ هذا ما ينقذ يوم عمله، وعندما تمسك به، ماذا ستفعل؟ تعاقبه، تستطيع أن تبقيه 8 ساعات يحترق تحت الشمس، وأن تركله برجلك وتبعث به إلى آخر الصف. دائماً هناك أمور كهذه». ويستذكر: «ذات مرّة، كذب علي سائق سيّارة شحن، وقال لي إنّه يملك تصريحاً (تأشيرة دخول). فأوقفته على ركبتيه أربع ساعات».
وفي تعقيب على نتائج الاستطلاع، قال شيمني، للصحيفة، إنّ «ما حدث يتناقض مع القيم الجوهريّة التي يعمل الجيش الإسرائيلي بحسبها»، واصفاً الأمر بأنّه «سيّئ للغاية من حيث النتائج والإدارة، حيث يجري الحديث عن حدث شاذ، ومن واجبنا نحن الضبّاط أن نتأكد من أن حوادث كهذه لن تتكرر مستقبلاً».
جهات في الجيش الإسرائيلي قالت إنّ الاستطلاع أُجري بمبادرة من جيش الاحتلال من أجل «التحسّن واستخلاص العبر»، فيما قالت مصادر أخرى إنّ «الوضعية في المناطق المحتلّة صعبة ومعقّدة، ويجري الحديث عن مقاتلين تتراوح أعمارهم بين 18عاماً و19 عاماً لا جنود في جيل الـ 40»، مبرّرةً الممارسات بالقول إنّ «الفجوة بين المسألة الإنسانيّة والتفجير التخريبي المقبل هو أصغر بكثير».
وكان تحقيق سابق أجرته جمعيّة «بتسيلم» الإسرائيلية المدافعة عن حقوق الإنسان، قد أفاد بأنّ الجيش الإسرائيلي أقام 43 حاجزاً ثابتاً و455 حاجزاً طياراً في الضفة الغربيّة التي يُمنع الفلسطينيون كلياً أو جزئياً من السير على 312 كيلومتراً من طرقها. كما كشف عن أن غالبيّة الحالات التي تعرّض فيها فلسطينيّون للتنكيل من أفراد الشرطة أو جنود الاحتلال الإسرائيلي، لم تتمّ تجرِ أي معاقبة إثرها.