محمد بدير
رأى المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية، ميني مزوز، في شهادته أمام لجنة فينوغراد، التي نُشرت أمس، أن العدوان الإسرائيلي على لبنان في تموز 2007، كان «أكثر الحروب قانونية في تاريخ دولة إسرائيل».
ولا غرابة في هذا الموقف ما دام مزوز نفسه قد رأى، في شهادته، أن المجزرة التي ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد الأطفال والنساء في قرية قانا «تستوفي بشكل جلي كل المعايير وقواعد القانون الدولي»، معلّلاً ذلك بأن المجزرة تمت بناءً على معلومات، ولا يُغير في الأمر شيء كون المعلومات كانت خاطئة، والأمر نفسه ينطبق، بحسب مزوز، على تدمير المباني في «الضاحية الشيعية».
وكان مزوز، الذي أنكر ارتكاب الجيش الإسرائيلي جرائم حرب، قد تطرق في شهادته إلى أمور قانونية وأخلاقية، تتعلق بأحكام الحرب، كما عرض لمعضلات ساعة الطوارئ، مؤكداً مبدأ التطلع إلى الحسم في مقابل ضرورة تقليص الأضرار الإنسانية.
كما تطرق مزوز أيضاً إلى مسألة شن الحرب في أعقاب أسر الجنديين الإسرائيليين، فأشار إلى أنه كان ثمة من دعا إلى التريث ودراسة الوضع «والتفكير بطريقة أكثر تنظيماً»، لكن في المقابل، اعتقد آخرون أنه بعد مرور يوم أو يومين سيفقد الرد الإسرائيلي شرعيته الجماهيرية والعالمية.
بدوره، رأى المدعي العام العسكري الأول، العميد أفيحاي مندلبليت، في شهادته أمام لجنة فينوغراد، التي نُشرت أمس أيضاً، «إجراء الإنذار المبكر»، في إشارة إلى إعلام السكان المدنيين بنيّة قصف أماكنهم قبل القيام بذلك، هو الذي منح الشرعية لهجمات الجيش الإسرائيلي.
وأكد مندلبليت موقف مزوز لجهة قانونية الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان والمدنيين فيه، بقوله إن المواجهة بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله «تُعدّ حرباً بين دولتين من وجهة نظر القانون الدولي». وفي رأيه، فإن «السابقة القانونية التي منحت الشرعية للحرب العسكرية على حزب الله على الأراضي اللبنانية، تكمن في الحكم الذي سبق أن أصدرته محكمة العدل العليا إزاء عمليات الاغتيال» و«سياسة التصفيات المركزة» التي يتبعها الجيش الإسرائيلي في المناطق الفلسطينية.
وأشار المدعي العام العسكري إلى الوسائل التي استخدمها الجيش الإسرائيلي لعزل المدنيين اللبنانيين عن عناصر حزب الله، بأمر صريح من هيئة الأركان الإسرائيلية، فقال إن هذه الأوامر «فُرضت عبر مئات آلاف المناشير التي أُلقيت، والتي طلبت من السكان مغادرة قراهم قبل مهاجمتها». وإذ تجاهل مندلبليت جريمة إبعاد الناس عن بيوتهم وتهجيرهم من أراضيهم، رأى أن «التحذير الذي وُجّه الى السكان كان من أجل حمايتهم، وأنه واجب بحكم القانون الدولي، وأنه طُبق بصورة جيدة جداً». ونتيجة لهذا التحذير، قال مندلبليت، إنه «من أصل نحو مليون مدني كانوا في جنوب لبنان، بقي فقط نحو 20 إلى 25 ألف مدني، وهو رقم قليل جداً. وهو ما أتاح المجال للعمل أمام الجيش الإسرائيلي».
وفي ختام شهادته، تطرق المدعي العام إلى قضية الدعاية الوطنية، فرأى أن الجانب الإعلامي ــــــ الدعائي «كان مشوباً بالخلل خلال الحرب». وأضاف إنه «من أجل تحسينه، يتعين تكليف جندي بحمل عدسة تصوير في كل فصيل عسكري، وهو ما يفعله حزب الله بشكل ممتاز».