رام الله ــ أحمد شاكر
استبقت إسرائيل جلسة التفاوض الجديدةالمقررة اليوم مع الفريق الفلسطيني، معلنة خطة استيطان جديدة في حدود القدس المحتلة، لتضاف إلى خطة التوسّع في جبل أبو غنيم، في إطار السعي إلى فرض الأمر الواقع على الأرض

للمرة الثانية في غضون أقلّ من شهر، أعلنت سلطات الاحتلال أمس مشروعاً استيطانياً جديداً في القدس والضفة الغربية المحتلتين، مشدّدة على رفض إخلاء البؤر الاستيطانية العشوائية، في خطوة نددت بها السلطة الفلسطينية، إلا أنها واصلت التحضير للقاء مع فريق التفاوض الإسرائيلي اليوم، سيكون الاستيطان «في مقدمة جدول أعماله».
وكشفت صحيفة «معاريف» عن أن الموازنة العامة للحكومة الإسرائيلية، التي يتوقع المصادقة عليها خلال الأيام المقبلة، تشمل رصد ملايين الشواكل لبناء وتسويق وحدات سكنية في مستوطنتي «هار حوما» في جبل أبو غنيم في جنوب القدس الشرقية و«معاليه أدوميم» الواقعة شرق القدس الشرقية.
وبحسب كتاب الموازنة، سيتم رصد مبلغ 49 مليون شيكل لبناء 250 وحدة سكنية جديدة في «معاليه أدوميم» و50 مليون شيكل لبناء 500 وحدة سكنية في «هار حوما»، حيث كانت وزارة الإسكان قد نشرت قبل ثلاثة أسابيع مناقصة لبناء 307 وحدات سكنية فيها.
وقال مصدر سياسي إسرائيلي رفيع المستوى، تعقيباً على التوسع الاستيطاني، إنه «يوجد إجماع في الجمهور الإسرائيلي على البناء في الكتل الاستيطانية، وبالتأكيد في القدس، وكل استثمار حكومي سيكون بموجب التعهدات للأميركيين، أي إنه لن تكون هناك أعمال بناء خارج المستوطنات القائمة، ولن تُقام مستوطنات جديدة».
ودافعت سلطات الاحتلال عن مخطط الاستيطان الجديد. وقال وزير شؤون القدس رافي إيتان، لإذاعة الجيش الإسرائيلي، إن «هار حوما جزء لا يتجزأ من القدس، وإسرائيل لن توقف البناء هناك. من واجب إسرائيل أن توفر لمواطنيها مكاناً يقيمون فيه».
وأفادت صحيفة «هآرتس» بأن مسؤولين في مكتب رئيس الوزراء إيهود أولمرت يتحسبون لحدوث أزمة بين إسرائيل والولايات المتحدة على خلفية الاستيطان. ونقلت عن مستشار لأولمرت قوله إن «من الجائز أن تزيد الولايات المتحدة ضغوطها على إسرائيل لإخلاء البؤر الاستيطانية وتجميد أعمال البناء في الضفة الغربية». وأوضح: «قد ندخل في مسار تصادم مع الأميركيين لأن مطالبهم من إسرائيل ستتزايد فحسب، وليس مؤكداً أننا قادرون على تزويدها في الوضع الراهن».
وأضاف مستشار أولمرت أن وعود النائب الأول لرئيس الوزراء الإسرائيلي، حاييم رامون، خلال محادثاته مع مسؤولين أميركيين خلقت جزءاً من المشكلة «فقد مضى بعيداً ووعدهم بأمور من أجل أن ينال إعجابهم».
ونقلت «هآرتس» عن مسؤول سياسي إسرائيلي آخر تحذيره من «أزمة جراء توقعات الفلسطينيين والأميركيين». وقال إن «إسرائيل أوجدت مجموعة من التوقعات البعيدة المدى في الحلبة الدولية، وهي أنها ستطبق الجزء الأول من خريطة الطريق، لكن هذا لن يُنفذ». وشدّد على أنه «لا توجد أي مقدرة سياسية، لا لإخلاء بؤر استيطانية ولا لتجميد البناء في المستوطنات»، خوفاً من انسحاب حزبَي «إسرائيل بيتنا» و«شاس» من الحكومة وإسقاطها.
وأشار المسؤول السياسي إلى أنه عندما تبدأ المفاوضات على قضايا الحل الدائم، مثل اللاجئين والقدس والحدود، ستكون المشكلة أكبر «فهناك ملفات مفصلة تشمل موقف إسرائيل في اليوم الذي توقفت فيه المفاوضات في عام 2001». وأضاف: «ماذا سيحدث، مثلاً، لدى فتح ملف القدس؟ سيكتشفون أن الموقف الإسرائيلي النهائي في محادثات طابا بعيد سنوات ضوئية عن الموقف الأولي لإسرائيل اليوم».
ووصف الأمين العام لحركة «السلام الآن»، ياريف أوفنهايمر، حكومة إسرائيل بأنها «ذات وجهين». وقال إنها «من جهة تتحدث عن سلام ومن الجهة الأخرى تبني في المستوطنات». وأضاف أن «إسرائيل تُفشل عملية أنابوليس وتتجاهل تعهداتها الدولية وتحول القدس إلى قضية غير قابلة للحل».
في المقابل، رأى الرئيس الفلسطيني محمود عباس أن الاستيطان الإسرائيلي «العقبة الأكبر أمام مفاوضات الحل النهائي». وقال، لدى استقباله عدداً من قادة حركة «فتح» في رام الله: «لا نستطيع أن نفهم لماذا هذا النشاط الاستيطاني المحموم في الوقت الذي نتحدث فيه عن مفاوضات الحل النهائي».
وطالب المستشار الرئاسي، نبيل عمرو، الإدارة الأميركية بـ«تأكيد صدقيتها» تجاه عملية السلام من خلال الضغط على إسرائيل لوقف توسيع المستوطنات. وقال في مؤتمر صحافي: «نحن نتهيأ لجولة جديدة من المفاوضات (اليوم)، لكن الجانب الإسرائيلي يلقي بظلال سوداء على هذه المفاوضات قبل أن تبدأ».
وفي رده على سؤال إن كان الجانب الفلسطيني سيعلن مقاطعة للمفاوضات مع الجانب الإسرائيلي في حال رفضِ تجميد النشاطات الاستيطانية، قال عمرو: «مع بداية المفاوضات أبدينا استجابة لرغبات المجتمع الدولي، وإذا استمرت إسرائيل في هذا النهج الاستيطاني فلن تكون هناك أي جدوى من تعليق آمال على المفاوضات».
إلى ذلك، قال مسؤولون أميركيون وغربيون إن الولايات المتحدة ستجري تقويماً سرياً لمعرفة إذا ما كانت إسرائيل والفلسطينيون ينفذون التزاماتهم لإحلال السلام، وستعرض النتائج سراً على الطرفين. وأضاف المسؤولون أنه بالرغم من أن إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش قررت الإبقاء على عملية التقويم سرية، إلا أنها تحتفظ بحق إعلان النتائج إذا استدعى الأمر.
وقال مسؤول أميركي رفيع المستوى، طلب عدم نشر اسمه: «سننفذ هذه العملية في السر. هدفنا هو التشجيع على إحراز تقدم، لا معاقبة» أي من الطرفين. وأضاف أن واشنطن ستعرض نتائج التقويم على «الطرفين ربما بشكل ثنائي وربما بأشكال أخرى أيضاً».
وذكر مسؤولون أن المبعوث الأميركي للشرق الأوسط، جيمس جونز، لن يكون «حكماً» مباشراً لتقويم إذا ما كان الطرفان ينفذان التزاماتهما.