عقد فريقا التفاوض الفلسطيني والإسرائيلي، أمس، جولة مفاوضات هيمنت عليها مخططات الاستيطان، واستبقتها السلطة الفلسطينية بإرسال رسائل إلى المجتمع الدولي للتحذير من الإجراءات الإسرائيلية، التي دانتها القاهرة وعمّان.وقال رئيس دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية، صائب عريقات، إن الحكومة الإسرائيلية لا تستطيع أن تجمع بين مسار الاعتداءات والمستوطنات مع مسار السلام والمفاوضات، وأن عليها أن تختار إما السلام أو الاستيطان.
وشدد عريقات، في رسائل بعثها إلى أعضاء اللجنة الرباعية وإلى سفراء وممثلي وقناصل الدول الأسيوية والإفريقية والأميركية وأميركا اللاتينية وكندا وأستراليا، على أن توجهات الحكومة الإسرائيلية الاستيطانية وقراراتها في هذا المجال «ضربة قاسية لجهود إطلاق عملية السلام وللزيارة المرتقبة للرئيس الأميركي جورج بوش».
واعتبر عريقات أن «وجود جرافة واحدة أو رافعة أو عامل بناء واحد» في مستوطنة «حار حوماه» المقامة على أراضي جبل أبو غنيم الواقعة بين القدس الشرقية وبيت لحم، يعتبر «خرقاً فاضحاً للالتزام المترتب على إسرائيل بوقف كافة النشاطات الاستيطانية بما فيها النمو الطبيعي».
ودعا عريقات المجتمع الدولي إلى التدخل الفوري وإلزام الحكومة الإسرائيلية بوقف الاعتداءات العسكرية، والاقتحامات والاغتيالات وفرض الحقائق على الأرض والحصار والإغلاق والنشاطات الاستيطانية، وبناء الجدار.
وأرفق عريقات رسائله بصور وشريط فيديو، حول العمل المستمر في عدد من المستوطنات الإسرائيلية، إضافة إلى دراسة خاصة حول «الآثار التدميرية» التي تواجهها مدينة بيت لحم نتيجة لاستمرار النشاطات الاستيطانية.
ورغم مشاركة الوفد الفلسطيني بالمفاوضات، أعلن القيادي في حركة «فتح»، قدورة فارس، أنه «لن يشارك في أي جلسة مفاوضات مع الجانب الإسرائيلي إذا استمرت إسرائيل في برنامجها الاستيطاني».
وقال فارس إن «من النتائج الأولية الملموسة للمفاوضات تكون أن الاستيطان مجمد، أما أن نتفاوض لنقدم صورة لا تعكس بالضرورة واقع الحال في فلسطين، فأنا برأيي هذا خطأ استراتيجي كبير»، معتبراً أن جلسة أمس «تمثّل خطأ استراتيجياً إن لم يقم المفاوض الفلسطيني بإبلاغ الإسرائيليين أنه لن يعود إلى أي جلسة طالما الاستيطان مستمر».
وفي السياق، حذّر رئيس كتلة «فتح» في المجلس التشريعي الفلسطيني (البرلمان)، عزام الأحمد، من انهيار عملية التفاوض جراء سياسات الاستيطان الإسرائيلية. وقال، في مؤتمر صحافي بعد لقائه الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى في القاهرة، إنه حمل «رسالة من الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى موسى حول المفاوضات والعقبات الإسرائيلية أمامها، التي تتمثّل في استمرار الاستيطان».
كما انتقد المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية حسام زكي خطط الاستيطان. وقال إن «تلك الخطط تلقى بظلال كثيفة من الشك حول جدية الموقف المعلن من إسرائيل حول التفاوض الجاد مع الجانب الفلسطيني في سبيل التوصل إلى تسوية عادلة تنهى الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية بما فيها القدس الشرقية».
وأضاف زكي أن «استباق نتائج المفاوضات، من خلال فرض أمر واقع عن طريق زيادة عدد الوحدات السكنية المبنية على الأرض في المستعمرات الإسرائيلية، هو مخالف لالتزامات إسرائيل وفق المرحلة الأولى من خريطة الطريق بقدر مخالفته للقانون الدولي الذي يحرم البناء على الأرض الخاضعة للاحتلال العسكري».
وأوضح المتحدث أن وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط يجرى اتصالات عاجلة مع عدد من الأطراف الدولية الهامة المعنية بالمسألة، وفي مقدمتها الولايات المتحدة باعتبارها راعية مؤتمر انابوليس.
وفي عمّان، أعربت اللجنة الملكية الأردنية لشؤون القدس عن استنكارها وأسفها لاعلان إسرائيل عزمها على استئناف الإستيطان في الشطر الشرقي من القدس المحتلة.
ونقلت وكالة الانباء الأردنية الرسمية (بترا) عن الامين العام للجنة عبد الله كنعان دعوته المجتمع الدولي والولايات المتحدة إلى تطبيق قرارات الشرعية الدولية المتعلقة بالقدس.
واعتبر المتحدّث باسم «حماس»، فوزي برهوم، أن عقد جولة جديدة من المفاوضات بين الاسرائيليين والفلسطينيين «عبثية وغير مجدية للشعب الفلسطيني». وقال «نحن نقول إن هذه المفاوضات المستفيد الاول والاخير منها المحتل الاسرائيلي ولن تفضي الى اي نتائج ايجابية للشعب الفلسطيني بل نتائجها كارثية على المشروع الوطني وتزيد من حدة الانقسام الداخلي الفلسطيني».
من جهته، اعتبر القيادي في حركة «الجهاد الإسلامي»، خضر حبيب، المفاوضات التي «عبثية لا جدوى منها ولا مصلحة فيها للشعب الفلسطيني». وأضاف أن «العدو الإسرائيلي ليس جاداً وليس لديه نية لموضوع التسوية أو الاستقرار في هذه المنطقة، إنما يتخذ من هذه المفاوضات والمؤتمرات مثل أنابوليس وغيرها ذريعة للتغطية على جرائمه، وإدخالنا كشعب فلسطيني وكقضية فلسطينية في متاهة كبيرة وجديدة لا نعرف هذه المرة كم ستأخذ من السنين».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، يو بي آي)