القاهرة ــ خالد محمود رمضان
برز خلال الساعات القليلة الماضية توتر متصاعد بين مصر وإسرائيل، غذّته اتهامات من تل أبيب للقاهرة بالمساعدة في تهريب السلاح إلى قطاع غزة، وهو ما ردّت عليه السلطات المصرية باتهام أوساط يهودية بالضغط لوقف المعونة الأميركية

سعى وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، أمس، إلى احتواء التوتّر مع القاهرة خلال لقائه الرئيس المصري حسني مبارك في شرم الشيخ، والذي غلب عليه الطابع الأمني، ولا سيما في ظل مشاركة وزير الدفاع محمد حسين طنطاوي ورئيس جهاز الاستخبارات اللواء عمر سليمان.
ووصف مسؤول مصري، لـ«الأخبار»، محادثات مبارك وباراك بأنها «عاصفة»، مشيراً إلى أن الرئيس المصري أبدى غضبه من مواصلة دوائر إسرائيلية معينة «توجيه انتقادات لا لزوم لها للدور المصري في قطاع غزة».
وقال المسؤول نفسه إن القاهرة اقترحت تأليف فريق أمني وعسكري مصري ـــــ إسرائيلي برعاية أميركية لدراسة زيادة عدد القوات المصرية الموجودة فعلياً في صحراء شبه جزيرة سيناء، مشيراً إلى أن هذا الفريق قد يبحث أيضاً إمكان تعديل معاهدة السلام المصرية ـــــ الإسرائيلية الموقّعة بين الطرفين منذ عام 1979 على نحو يسمح بهذه الزيادة.
إلا أن باراك رفض إجراء تغييرات على معاهدة السلام. وقال، بعد لقائه الرئيس المصري، إنه «لا يرى داعياً لتغيير معاهدة السلام». إلا أنه أضاف أن «إسرائيل ستدرس الاقتراح المصري بزيادة عدد القوات، ونعتقد بأن أساس الموضوع ليس تحديد عدد القوات أو مستواها، ونعتقد بأن مستوى القوات الحالي يجب أن يبقى كما هو».
وقال باراك إنه أعرب خلال محادثاته مع المسؤولين المصريين عن «التحفظات» الإسرائيلية بخصوص قضية تهريب الأسلحة إلى قطاع غزة، موضحاً «أننا اتفقنا على أنه كلما كانت هناك نقاط خلافية بيننا فإننا سنناقشها ونحلّها من خلال الحوار المباشر وبإرادة طيبة».
ورداً على سؤال عما تسميه مصر «إصرار إسرائيل» على الإضرار بالعلاقات المصرية ـــــ الأميركية، قال إن «إسرائيل لا تدفع إلى أي شيء في الكونغرس، لكن بالطبع إن العلاقات الإسرائيلية ـــــ الأميركية قوية، ونحن نجيب على أسئلتهم عندما يسألون عن بعض الموضوعات».
وعما إذا كانت مصر تسعى لعقد هدنة بين «حماس» وإسرائيل، قال باراك إن «المصريين بدأوا يدركون الآن فاعلية عملياتنا المضادة للإرهاب في غزة في الأسابيع الماضية، والتي زادت من الضغوط (على الفلسطينيين)»، إلا أنه أضاف: «لا أرغب في قول المزيد بالنيابة عنهم (المصريين)».
وكان وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط قد استبق زيارة باراك بتوجيه انتقادات حادة إلى إسرائيل، واتهمها بشن حملة تحريض على بلاده في الولايات المتحدة. وقال إن «الحملة الإسرائيلية الموجهة ضد مصر كشفت عن نفسها في مواقف بعض دوائر الكونغرس الأميركي في الشهور الأخيرة». وأضاف: «إن اللوبي الإسرائيلي لدى الكونغرس (الأميركي) دفع بمواقف كانت إسرائيل وراءها».
ودافع أبو الغيط عن بلاده، مشدّداً على أن «مصر تقوم بدورها بتأثير واضح في مجالين محددين، أوّلهما المشاركة في عملية السلام، وثانيهما أنها تتصدى لكل الخروقات التي قد يحاول البعض القيام بها على الحدود المصرية ـــــ الفلسطينية».
وكان نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي شاؤول موفاز قد دعا إلى ضغط أميركي على القاهرة، مشيراً إلى أن «الضغط الأميركي سيكون أكثر فاعلية لمنع تهريب الأسلحة». وتابع إن واشنطن، التي تمنح مصر معونات سنوية تقدر بحوالى ملياري دولار، يمكن أن تكون «رافعة» لدفع مصر إلى منع تهريب الأسلحة إلى غزة.
وكان أحد مساعدي باراك، إسحاق هرتسوغ، قد انتقد محاولة أعضاء الكنيست من المعارضة النيل من العلاقات بين إسرائيل ومصر من خلال إطلاق تصريحات تنتقد سياسة القاهرة.
ونقلت الإذاعة الإسرائيلية عن مصدر أمني إسرائيلي قوله إن أولئك الذين قاموا بتسريب المعلومات عن تقديم مساعدة من جانب المصريين لنشطاء «حماس» يحاولون إفشال محادثات باراك في شرم الشيخ. ورأى أن «توقيت تسريب هذه المعلومات لم يأت من باب الصدفة».
وكانت إحدى محطات التلفزة الإسرائيلية قد قالت إن إسرائيل سلّمت السلطات الأميركية شريطاً مصوّراً يظهر فيه رجال شرطة مصريون وهم يساعدون في تهريب السلاح إلى قطاع غزة.
وفي السياق، نقلت صحيفة «جيروزالم بوست» الإسرائيلية عن مسؤول مصري رفيع المستوى قوله إن القاهرة «اشترت أنظمة كشف للأنفاق متقدمة تُقدر كلفتها بملايين الدولارات، ويُخطط لاستخدامها في إيجاد أنفاق تهريب الأسلحة التي تُحفر على طول محور فيلادلفي».
وقال المسؤول المصري إن «قرار شراء نظام كشف الأنفاق لم يأت نتيجة للضغط الإسرائيلي على مصر، لتكون صارمة ضد تهريب الأسلحة والمتفجرات إلى قطاع غزة، بل لأنها مسألة تتعلق بأهمية الأمن القومي للقاهرة». وأضاف أن «الأنظمة جرى شراؤها من شركة أميركية، ومن المال الذي تلقّته مصر على شكل مساعدة عسكرية خارجية من الولايات المتحدة». وتابع: «من مصلحتنا إيقاف التهريب. وليس من مصلحتنا رؤية مجموعة إسلامية متطرفة لها روابط مع الإخوان المسلمين في مصر وتنمو بقوة على طول حدودنا».
وأعلن مصدر أمني مصري أمس أنه «جرى توقيف مهدي أبو فريج (21 سنة) أحد أخطر مهرّبي الأسلحة إلى غزة» في مدينة رفح المصرية، وعُثر في منزله على 500 كيلوغرام من المتفجرات.
إلى ذلك، تُبدي وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني اهتماماً بتولّي شخصية بارزة ورفيعة المستوى منصب سفير إسرائيل في القاهرة، من أجل «تعزيز» مكانة وزارة الخارجية في منظومة العلاقات بين إسرائيل ومصر، في وقت من المتوقع أن يُنهي السفير الإسرائيلي الحالي في القاهرة، شلومو كوهين، ولايته الصيف المقبل.