يحيى دبوق
ذكرت صحيفة «هآرتس» أمس، نقلاً عن مصادر رفيعة المستوى في الأمم المتحدة، أن قوات اليونيفيل قامت بتشديد إجراءاتها الرقابية على الممرات القائمة على طول مجرى نهر الليطاني في جنوب لبنان، منعاً من انتقال السلاح إلى جنوبه، مشيرةً إلى رضىً إسرائيلي عن أداء القوات الدولية، في ظل خشية من أن تؤدي الأزمة اللبنانية القائمة، إلى عودة أوضاع ما قبل الحرب الأخيرة على لبنان، وتعزيز وضع حزب الله.
وقالت الصحيفة إن «مصادر في الأمم المتحدة أكدت أن قوات اليونيفيل عززت رقابتها في الأسابيع القليلة الماضية على الجسور والممرات القائمة على نهر الليطاني، في إجراء يهدف إلى وضع صعوبات أمام حزب الله وردعه عن نقل أسلحة وذخائر من شمال البلاد إلى جنوبها، ولا سيما باتجاه المنطقة المتاخمة (للحدود) مع إسرائيل»، مشيرة إلى أن «قائد اليونيفيل الجنرال الإيطالي كلاوديو غراتسيانو يعتقد أن قواته نجحت في منع وصول الأسلحة الثقيلة إلى جنوب لبنان».
وقالت الصحيفة إن «حزب الله أعاد بناء نفسه خلال الأشهر الماضية، وخصوصاً في المنطقة الواقعة شمالي نهر الليطاني، حيث تمركزت وحدات صاروخية جديدة، متوسطة وبعيدة المدى، في مراكز وقواعد أقيمت خصيصاً لهذه الغاية، ولا يخفي حزب الله رغبته في التحرك نحو جنوبي النهر، كما تبين من المناورة الكبيرة التي نفذها قبل أشهر». ونقلت الصحيفة عن مصادر الأمم المتحدة قولها إنه «تقرر في الآونة الأخيرة تشديد الرقابة على المعابر على حركة السير التي يمكن من خلالها نقل السلاح والذخائر إلى الجنوب، مع مواصلة العمل في المحميات الطبيعية، بهدف منع حزب الله من العودة إليها».
وأعربت مصادر عسكرية إسرائيلية لـ«هآرتس»، عن ارتياحها الكبير لأداء اليونيفيل في جنوب لبنان، مشيرة إلى أن مسؤولاً سياسياً إسرائيلياً رفيع المستوى أشاد بالوحدات القتالية التابعة للقوات الدولية، و«خاصة الإيطالية والفرنسية والإسبانية، التي تعمل بمهنية وتؤدي عملها جيداً وتسبب الإزعاج الكبير لحزب الله». وأضافت المصادر نفسها أن لدى اليونيفيل «عدداً غير قليل من النجاحات» في هذا الصدد، رغم أن الصحيفة عادت واستدركت أن «القوة الدولية لم تسجل توقيف أية شحانات تحمل صواريخ أو غيرها من الأسلحة الثقيلة الأخرى».
وأعرب مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى، عن قلقه المتزايد مما يجري على الساحة اللبنانية وتأثيرها على جنوب لبنان «إذ لم تتفق الأطراف (اللبنانية) إلى الآن على قائد الجيش (العماد) ميشال سليمان للرئاسة، الذي لا يبدو أن انتخابه سيكون وشيكاً». وبحسب المسؤول الإسرائيلي، فإن «الأزمة السياسية في لبنان عرقلت المسارات المرتبطة بالقرار 1701»، مشيراً إلى أن «الوضع اللبناني لن يتحسن، وفي أسوأ الأحوال سيتدهور، وبإمكاننا أن نتلمس عودة إلى أوضاع ما قبل الحرب. وقالت الصحيفة إن مسؤولين في الأمم المتحدة يوجهون إصبع الاتهام باتجاه سوريا، في ما يتصل بالأزمة السياسية في لبنان، مشيرين إلى أن «سوريا تحبط كل محاولة للاتفاق (الداخلي) وتدفع بحزب الله وغيره من الحلفاء في لبنان إلى زيادة مطالبها باستمرار»، ويقولون إن «الرئيس السوري بشار الأسد يريد أن يثبت بأي ثمن، أنه لا يمكن أن يتحرك شيء في لبنان من دونه»، متوقعين أن «تستمر الأزمة في لبنان أشهراً».
وبحسب مسؤول في الأمم المتحدة، تضيف الصحيفة، «لا يكفي الضغط الممارس على الأسد، إذ يمكنه أن يتحرك (للحل) فقط إذا شعر بوجود تهديد على استقرار نظامه»، مضيفاً أنه «إذا قام الأميركيون، على سبيل المثال، بإرسال سفنهم (الحربية) إلى مقابل الشواطئ اللبنانية، فسيكون ذلك رسالة واضحة للأسد، لكنهم لا يقومون بذلك».
وقالت الصحيفة إن «العالم العربي أصبح الوسيلة الوحيدة الباقية تقريباً للضغط على الأسد، إذ يتوقع أن تستضيف دمشق القمة العربية المقرر إجراؤها في آذار المقبل، ويأمل الكثيرون في أوروبا وفي واشنطن أن تقدم دول عربية بارزة مثل مصر والسعودية على مقاطعة مؤتمر الأسد، والطلب منه أن يوقف تدخله في الشؤون الداخلية اللبنانية».