علي حيدر
طالب رئيس الحكومة الإسرائيلية، إيهود أولمرت، أعضاء لجنة التحقيق الحكومية التي مثل أمامها أول من أمس، بأن تنظر إلى القرارات التي اتخذها بخصوص الحرب على لبنان، وفقاً للظروف التي اتخذت في ظلها وليس وفقاً لنتائجها النهائية.
وحاول أولمرت، خلال إفادته، الإيحاء بأن قرار الحرب كان نتيجة انعدام الخيارات البديلة وأن العملية البرية الواسعة، التي أصيب خلالها عشرات الجنود الإسرائيليين، في اليومين الأخيرين للعدوان، كانت ضرورية لتحسين مواقع الجيش الإسرائيلي، مشدداً على أن تعيين رئيس حزب العمل عامير بيرتس وزيراً للدفاع، رغم انعدام خبرته العسكرية، لم يكن الا نتيجة للنظام المعمول به في اسرائيل.
وكان اولمرت عقد العديد من الجلسات التحضيرية تمهيداً لمواجهة اشكالات اساسية ثلاثة أمام لجنة فينوغراد الحكومية، تتصل بأصل قرار شن العدوان وتنفيذ عملية برية واسعة خلال اليومين الأخيرين من الحرب، فضلاً عن تعيين بيرتس وزيراً للدفاع.
وحرص أولمرت على إحضار العديد من المواد والملاحظات والتسجيلات، بعد علمه بأن غالبية اعضاء لجنة التحقيق تؤيد سياسة المرونة وضبط النفس التي انتهجتها اسرائيل في مواجهة حزب الله خلال السنوات الست الماضية.
وذكر المعلق السياسي في صحيفة «معاريف»، بن كسبيت، أن «اولمرت عرض، لتبرير قراره شن حرب واسعة على لبنان، بروتوكولات عشرات الاجتماعات التي عقدها بخصوص الجبهة الشمالية ولبنان وحزب الله منذ توليه منصبه». وأضاف أن أولمرت شدد على أنه «عقد اجتماعات شاملة، بهذا الخصوص، خلال الأشهر المعدودة التي تولى فيها رئاسة الحكومة أكثر مما قام به رئيس الحكومة السابق أرييل شارون خلال ولايته الثانية».
وتابع أن رئيس الوزراء أوضح للجنة أن «قرار الحرب حظي بدعم محلي شامل، إذ أيدها كل اعضاء الحكومة والمعارضة وتحديداً رئيسها (بنيامين نتنياهو) فضلاً عن الجمهور الإسرائيلي، وبدعم إقليمي من أطراف كبيرة في العالم العربي، فضلاً عن الدعم الدولي الأوروبي والأميركي».
وحاول أولمرت، بحسب كسبيت، أن يوحي بأنه لم يكن لديه خيار للرد على عملية الأسر التي نفذها مقاتلو حزب الله، إلا شن الحرب و«محاولة تغيير قواعد اللعبة»، لكونها كانت امتداداً لمسلسل بدأ بـ«خطف جلعاد شليط (في غزة)، وخطف إسرائيلي في الضفة الغربية وقتله، ومحاولة خطف أخرى في الضفة الغربية». ونقل بن كسبيت عن اولمرت ادعاءه أن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله «أعلن أنه مسؤول عن كل عمليات الخطف وأنه سيدير المفاوضات بشكل مركز».
ووجه اولمرت، خلال شهادته، صفعة قوية لرئيس الاركان المستقيل دان حالوتس عندما قال إن الأخير أكد له، رداً على سؤال قدمه اليه شخصياً ووزراء آخرين، أن «إسرائيل قادرة على خوض معركة عسكرية على الجبهتين الشمالية والجنوبية في آن واحد، وبموازاة ذلك إدارة سياسة دفاعية في مقابل اعتداءات سورية محتملة في الجولان». كما شدد أولمرت على أنه «لم يكن على علم بوضع الاحتياط وإن طرح تجنيده تم فقط بعد مرور ثلاثة أسابيع».
في المقابل، نقل المراسل السياسي لصحيفة «هآرتس»، الوف بن، عن مصدر سياسي اسرائيلي قوله إن أولمرت تمسك، خلال إفادته، بالمواقف التي سبق أن اعلن عنها، وانه لم يلقِ بالمسؤولية على اي من وزراء الحكومة أو ضباط الجيش كما لم يوجه اليهم اية انتقادات.
اما في ما يتعلق بالعملية البرية الواسعة في اليومين الأخيرين من الحرب، فقد اكد اولمرت، وفقاً لكسبيت، انه بعد صدور القرار 1701، «لم يكن من الممكن تغييره وكان على الجيش ان يتقدم حتى يحسن مواقعه، وخاصة أنه لم يكن معروفاً في هذه المرحلة إن كان حزب الله سيحترم وقف إطلاق النار، في ضوء إعلان نصر الله نفسه انه لن يحترمه».
اما الموضوع الأكثر اشكالية بالنسبة لأولمرت، فتمثل بتعيين عامير بيرتس وزيراً للدفاع، وخاصة أن مثوله أمام اللجنة والأجوبة التي قدمها، وفقاً لما نقلته «هآرتس»، لم تكن مقنعة بالمقارنة مع شهادة ضباط الجيش ووزراء الدفاع السابقين؛ فقد عمل أولمرت على تبرير تعيين بيرتس في منصبه من خلال شرح أسس عمل النظام في إسرائيل، وعليه لم يكن بمقدوره رفض تعيين زعيم حزب شرعي في أي منصب، وخاصة أن جزءاً كبيراً من الإسرائيليين صوتوا لمصلحته كي يتولى منصب رئاسة الحكومة.