علي حيدر
بدأت تروّج لسيناريو «صبرا وشاتيلا» جديداً في غزة


بدأ الجيش الإسرائيلي الترويج لسيناريوهات محتملة في الصراع الداخلي الفلسطيني، ليس أقلها وقوع مجزرة جديدة على غرار صبرا وشاتيلا في عام 1982، لتبرير تدخّله في قطاع غزة، وهو ما عارضه رئيس «الشاباك» يوبال ديسكين، مشيراً إلى وجود مصلحة اسرائيلية في استمرار المواجهات بين حركتي «فتح» و«حماس» وتفاقمها.
ويستعد الجيش الاسرائيلي لسيناريوهات متعددة ازاء ما ستؤول اليه المواجهات في قطاع غزة، وخصوصاً تلك التي قد تدفع إسرائيل إلى التدخل العسكري المباشر، وهو ما دفع الجيش، وقيادة المنطقة الجنوبية تحديداً، الى العمل على وضع خطط احتياطية وعملية في هذا المجال. ومن ابرز السيناريوهات المتداولة، «اقدام أحد الاطراف، على ارتكاب مجزرة مشابهة لمجزرتي صبرا وشاتيلا في بيروت»، في اشارة ضمنية الى التحذير من انتصار «حماس» في هذه المواجهات.
ورأت مصادر عسكرية أنه لا يمكن إسرائيل في الحالة هذه الوقوف على الحياد، لأنه سيترتب عليها «مشكلة اخلاقية ومسؤولية دولية». وأفاد مصدر عسكري رفيع المستوى بأنه في حال حصول ذلك «لا يمكننا البقاء في الخارج والسماح لهذا أن يحصل».
كما طُرح سيناريو آخر في الجيش الإسرائيلي يتضمن اندفاع آلاف أو عشرات آلاف الفلسطينيين نحو الجدار الفاصل بين اسرائيل والقطاع، في ظل معارك شديدة، او حدوث كارثة انسانية نتيجة تفاقم الوضع، أو جراء دعوة يائسة تطلقها حركة «فتح» تطالب فيها اسرائيل بالتدخل والمساعدة.
ويرى جيش الاحتلال أنه في جميع هذه الحالات، ستكون عيون كل العالم شاخصة باتجاه إسرائيل باعتبارها الجهة الوحيدة المسؤولة التي يمكنها أن تساعد في الوضع بشكل فوري.
وأشارت صحيفة «هآرتس» إلى ان السيناريو الأكثر قلقاً بالنسبة للجيش هو أن تقرّر «حماس» توجيه جزء من هجماتها باتجاه اسرائيل وليس فقط باتجاه «فتح».
وفي هذا السياق، تتحدث تقارير إسرائيلية عن أن حماس تقوم بتخزين صواريخ «القسام» بانتظار حصول صدام واسع مع الجيش الاسرائيلي، وخصوصاً أن مدى صواريخها ودقتها قد تحسنت في السنة ونصف السنة الاخيرة منذ انسحاب الجيش الاسرائيلي من قطاع غزة.
في المقابل، تحفّظ يوبال ديسكين على تنفيذ اسرائيل حملة عسكرية واسعة في قطاع غزة، لكنه دعا إلى إعداد خطط جاهزة لأي طارئ يدفع الدولة العبرية للقيام بحملة كهذه، مشيراً إلى أنه «من الممكن أن نضطر إلى شن عملية عسكرية في ظرف معين، سواء أردنا ذلك أو لا»، لكنه المح إلى ضرورة المحافظة على وضع يؤدي الى استمرار وتأجيج الصراع داخل المناطق الفلسطينية.
وقال ديسكين: «لكن يجب الأخذ بالحسبان صراع القوى الحالي في القطاع بين فتح وحماس». وأشار ضمناً إلى وجود مصلحة اسرائيلية في استمرار الاقتتال الداخلي «إذا لم نكن نريد تخريب كل شيء، فإنه لا يجدر بنا التدخل الآن».
ودعا ديسكين القيادة في اسرائيل الى التفكير في اليوم الذي يلي أي عملية عسكرية واسعة في القطاع تؤدي الى اعادة احتلاله، محذراً من انه في إذا كانت اسرائيل لا تريد البقاء في القطاع لفترة طويلة ولن يكون هناك من يفرض النظام بعد انسحابنا «فإن الإرهاب سيتجدد بسرعة كبيرة».
واوضح ديسكين أحد الخيارات التي قد تبادر فيها اسرائيل الى عملية عسكرية واسعة في غزة بالقول: «إذا اتضح أن المواجهة بين فتح وحماس ستهدأ فيما تواصل حماس مراكمة عناصر قوتها، فإن إسرائيل ستضطر لدراسة تنفيذ عملية عسكرية». لكنه شدد على «أن تحسين أداء مصر ضد عمليات تهريب الأسلحــــة من سيناء إلى قطاع غزة سيقلّل الحـــــاجة لقيام إسرائيل بعملية عسـكرية في القطاع».
إلى ذلك، قال المراسل السياسي في صحيفة «معاريف» بن كسبيت ان حالة من عدم الارتياح تسود الجيش الإسرائيلي «ازاء سياسة ضبط النفس الذي فرضته القيادة السياسية على الجيش إثر العملية الاخيرة في ايلات»، في إشارة إلى ضرورة الرد على الجهة المسؤولة والمنفذة عن العملية، مع اقرارهم بأن «الهدوء مهم في هذه المرحلة وإن للحفاظ على الوضع الراهن قيمة خاصة به».
وفي ما يتعلق بالخطوات غير العسكرية لدعم الرئيس محمود عباس (ابو مازن) في مواجهته مع حركة «حماس»، أوردت صحيفة «هآرتس» رزمة الخطوات التي أعدتها المنظومة الأمنية في إسرائيل، وتتضمّن تسهيل حركة الشخصيات الموجودة في دائرة عباس، ورجال أعمال فلسطينيين، ونقل الأموال الفلسطينية العامة التي صادرتها إسرائيل الى رجال أعمال، بالاضافة الى نقل المعدات لرجال ابو مازن وزيادة عدد العمال الفلسطينيين من الضفة الى فرعي البناء والزراعة الاسرائيليين.
ونقلت الصحيفة ايضاً عن وثيقة داخلية لدى مكتب منسق شؤون الضفة الغربية تحمل عنوان «خطوات أساسية لتسهيل حياة السكان الفلسطينيين اليومية» قائمة تسهيلات، يتضمّن البند الثاني منها «تشجيع القطاع الخاص»، عبر السماح لـ 15.005 تجار ورجل أعمال (منهم 655 من غزة) بدخول اسرائيل والتحرك بين الضفة والقطاع. وتأمين بطاقة للتسهيلات الامنية على معبر ايرز وجسر اللنبي والسماح لهم بالمبيت في اسرائيل وحق السفر من مطار بن غوريون (بعد التنسيق).